في آخر مرة انطلق سكوت هميدال للبحث عن كنز غارق تحول هو نفسه إلى الكنز، فقد اختطفه البعض واحتجزه كرهينة طلباً للفدية في أدغال أميركا الجنوبية حيث بقي شهرين دون أن يعرف ما إذا كان سيموت أو يحيا. واليوم، بعد سنة من جمع المال في مسقط رأسه هنا لدفع الفدية وشراء حريته، يستعد هيمدال للعودة إلى الإكوادور لتحقيق حلمه بالعثور على الكنز، والذي يتأجج في نفسه آخر ذكريات بقائه 61 يوماً تحت رحمة الثوار الكولومبيين. ويقول الرهينة السابق البالغ من العمر 42 سنة إن رحلته الجديدة ستكون آمنة أكثر من السابق بكثير، فبدلاً من الثوار فإن همه الأكبر هو العثور على السفينة الشراعية الإسبانية التي غرقت قبالة سواحل الاكوادور في أواخر القرن السادس عشر مع حمولتها التي تقدر قيمتها بعدة مئات الملايين من الدولارات. ويقول هيمدال ضاحكاً: «أنا على الدوام من النوع الذي يصر على إنجاز الأشياء التي أبدأها، إذا قررت أن أعمل شيئاً ما أعمله». وحتى والدا هيمدال اللذان ذهبا إلى أميركا الجنوبية للتفاوض بشأن الإفراج عن ابنهما في العام 1990، يقولان إنها غير قلقين من إصرار ابنهما على تأجيج حلمه الذي بدأ عندما شاهد فيلما وثائقياً عن اكتشاف السفن الغارقة عندما كان مراهقاً. وقال والده روي هيمدال : «ما حدث معه أنه تم اختطافه في اللحظة التي تواجد في المكان غير المناسب في الوقت غير المناسب إلا أنه في ذلك الوقت كان الوالد يخشى أن لايفرج الخاطفون عن ابنه حياً، وقد كانت تلك الفترة فترة عصيبة كدت أن أفقد عقلي فيها». كما يقول وقد وقع هيمدال في أيدي الخاطفين بعد أن انضم للعمل في شركة للمناجم لكسب قوته بعد أن رفضت حكومة الإكوادور طلباً بالترخيص له لانتشال ما يعتقد أنه حطام سفينة غارقة أمضى سنوات عديدة في إجراء أبحاث حولها. وكان آنذاك يعمل في منجم ذهب قيد التأسيس في عمق الأدغال اجتاز ثوار كولومبيون الحدود ونصبوا كميناً لزورقه على ضفة أحد الأنهر، وقد قتل الثوار بحار الزورق، وهو مراهق عمرره 16 سنة من السكان الأصليين، واختطفوا هيمدال وطلبوا فدية لتمويل محاولاتهم للإطاحة بالحكومة الكولومبية. وقد طلب الخاطفون فدية قدرها مليون و 200 ألف دولار لإطلاق سراحه وهم لا يدرون أن المنجم لم يباشر بالعمل بعد. وفي النهاية استقر الطلب على 60 ألف دولار وهو المبلغ الذي عرضته والدته مارج وجمعته من المتبرعين في البلدة، وقد اعتقلت السلطات أكثر من 50 من أعضاء العصابة منذ ذلك الوقت إلا أن أحداً منهم لم يحل إلى المحاكمة. ولا تزال هناك جماعات من الثوار ناشطة في المنطقة ولكن هيمدال يقول إنه سيكون بعيداً عن الخطر في رحلته الجديدة. وسيعمل هيمدال مع سلاح البحرية الإكوادورية في مشروع انتشال حطام السفينة بموجب اتفاق مبني على قانون إكوادوري جديد ينص على تقاسم النقود والمصوغات والأغراض الأخرى التي يتم العثور عليها في قاع البحر، وفي الحالات التي لا يكون هيمدال ومساعدوه برفقة المسؤولين الحكوميين سيمكثون في منطقة منتجعات على شاطئ المحيط الهادئ. ويقول هيمدال : «هذا المكان يشبه أي مكان آخر والأمور تتوقف على مكان تواجدك. إذا كنت في وسط الأدغال قريباً من الحدود الكولومبية ينبغي أن تنتبه. أما بقية المناطق في البلد فهي رائعة. وقد أسس هيمدال شركة جديدة وهو يبحث عن مستثمرين لتأمين مبلغ نصف مليون دولار هو تكاليف عمليات الانتشال في الإكوادور، وهو يعتزم البدء بمشروعه الذي يستغرق سنة كاملة، في مطلع السنة الجديدة. والسفينة التي استرعت انتباهه هي «كلاريوس» التي غرقت سنة 1594م، وكانت تنقل الثروات التي ينهبها الغزاة الإسبان من قبائل الاينكا والمناجم التي هجرتها تلك القبائل على امتداد 1,600 كيلو متر على الساحل الغربي لأميركا الجنوبية. وتأمل شركة هيمدال أيضاً أن تتمكن من انتشال كنوز من سفينة سانتو كريستو دي ماراكيبو التي كانت أكبر السفن في الأسطول الإسباني وقادرة على نقل حمولة زنتها 900 طن و 40 مدفعاً حديدياً. وقد أبحرت هذه السفينة في العام 1699م لنقل بضائع أوروبية إلى العالم الجديد. وخلال عودتها إلى إسبانيا بعد ثلاث سنوات مع حمولة كاملة من ثروات العالم الجديد، أسرتها السفينة الإنكليزية «مامورث» وخلال رحلتها إلى إنكلترا في العام 1702م اصطدمت الماركيبو بصخرة وغرقت قبالة ميناء فيغو على ساحل إسبانيا الأطلسي. ويقول هيمدال إن العملات الذهبية والأغراض الأخرى التي جرفتها الأمواج إلى الشاطئ تشكل مؤشراً إلى أن هناك المزيد منها «وليس لدي أدنى شك في ذلك»؟.