..واكب فترة الثمانينيات تكرس مرحلة البوب في الأغنية الهندية والباكستانية عبر الأفلام الغنائية-الاستعراضية التي ساهم في وضع موسيقاها بابي لاهيري عبر صوت كل من المغنية الباكستانية نزيه حسن (1965-2000) وأخيها زوهيب حسن بعد اشتهارها منذ إطلاقها أولى أغاني البوب الباكستاني DISCO DEEWANE عام 1981 التي عرَّبتها فرقة الفور إم المصرية بعنوان "ديسكو ديباني1982" ومنحت أصواتهما لكل ممثل وممثلة في تلك الأفلام وأشهرها DISCO DANCER عام 1983 حيث غنى ومثل بابي إحدى الأغنيات بينما اضطلع بالتمثيل والرقص بطل الفيلم ميتهن شيكورتي، وأعقبه فيلم ILZAAM عام 1986 للممثل غوفيندا والممثلة نيلام كوتيري بينما أدى الأغنيات صوتياً كل من نازيه حسن وأخيها زوهيب ثم وصلت إلى ذورة هذه الأفلام فيلم DANCE DANCE عام 1987 الذي أخِذ لحن أول أغنية فيه وهي ZOOBY ZOOBY (غنتها المغنية الكبيرة عليشة شينوي) من أغنية BROTHER LOUIE عام 1986 للفرقة الألمانية MODREN TALKING حيث عُرِّبت أيضاً في العام التالي في أول أشرطة المغنية المصرية سيمون بعنوان "قلب اللولي 1987" إلا أن ذلك لا يمنع من أن أغنيات البوب الهندية تركت بصمتها بقوة خارج نطاق الهند وباكستان وصلت إلى روسيا وأمريكا الجنوبية، خاصة، المغنية نزيه حسن التي حققت مبيعات كبرى حتى نهاية مسيرتها الفنية عام 1992. ..وعليه فإن كل ذلك أحدث تفاعلاً ثقافياً بأثر من التداول الغنائي والموسيقي، فنشأت تيارات غنائية متعددة طرحت تنوعاً في موسيقاها وألحانها مستجيبة لتجارب تطوير التراث المنسوب للمنطقة، واستثمار الفلكلور الخليجي والوافد مقابل تيار استلهام النموذج الأوروبي والأمريكي المتمثل في تيار الروك والريجي والديسكو والبوب بما لا يمكن إنكاره أو تجاهله. ..فنرى أنه اطمأنَّ كل من راشد الخضر وسليمان الملا وعبدالله الراشد وأنور عبدالله أن وضعت لهم حدوداً بين مقامات عربية ذات طابع شرقي: الرصد والبياتي والسيكا موضع العمل كمرجعية اشتغل عليها سابقوهم خالد الزايد وأحمد عبد الكريم وغنام الديكان ومرزوق المرزوق مع رباب متجهين إلى إغناء تجربة رباب بالمقامات الأخرى: الحجاز والكرد والعجم والنهوند، وهذا ليس من فرض الاعتباط بل هو استجابة لتحول الأغنية نحو ألوان تعبيرية ودرامية تعبر عن مشاعر حائرة وضائعة ومقهورة فتخلِّص الخطاب الغنائي من الانفعالية والتقريرية نحو الحوار المتعدد والمواجهة الصريحة ونسبية المشاعر كما تعبر عن هذا أغنيات كثيرة: نعم أقدر، هم أنا بشر، لا تفتكر، يا بعد قلبي وسواها. ..ساير تلك التجارب الجادة من تيار تطور الأغنية الخليجية نفسها سواء ذات الشجن عند عبدالكريم عبدالقادر أوائل السبعينيات أو نهايتها مع رباب ثم من لحقهما مطالع الثمانينات أو ذات القيم عند محروس الهاجري ومحمد يوسف وسلمان زيمان إلا أنه يمكن الكلام عن تيار غنائي ظهر منتصف الثمانينيات ندرجه تحت مسمى "الديسكو الخليجي"، وهو انعكاس ثقافي ابن عصره تلك الفترة اعتمد على فرقة موسيقية مكونة من آلات الباند (أورغ، كي بوردز، ليد/باص جيتار، درامز)، وعلى مجموعة تبدأ بشكل ثلاثي (الثلاثي البحريني) أو رباعي (رباعي الكويت) وربما أكثر. *مقاطع تنشر على حلقات من دراسة مطولة عن تفاعل الآخر في ثقافة الخليج.