السياحة السعودية تسجل رقماً تاريخياً: 116 مليون سائح وإنفاق يتجاوز 284 مليار ريال    العلا تعزز الاقتصاد بموسم الفواكه الصيفية    رينارد يتوقع مستقبل مميز للمنتخب السعودي    الطائف تعانق المجد الاتحادي.. احتفال لا يُنسى في قصر الرويس    الشؤون الإسلامية توزع هدية خادم الحرمين من المصحف الشريف على الحجاج المغادرين عبر منفذ عرعر    إثراء يشارك في مهرجان للعمارة والتصميم في إسبانيا بمشاركات زراعية سعودية    «صندوق شفاء» يواصل ويتوسع في تقديم المساعدات والخدمات الإنسانية للمرضى    الزعيم يواجه ريد بول سالزبورج في ثاني مبارياته بكأس العالم للأندية    "القنبلة الخارقة" تقصف قلب البرنامج النووي الإيراني    الأرصاد: رياح مغبرة تؤثر على عدة مناطق وأمطار رعدية متوقعة على جازان وعسير    مدرب الأخضر: مباراة ترينيداد حاسمة للتأهل.. ونعمل على بناء جيل سعودي واعد بعد المونديال    كأس العالم للأندية.. ريفر بليت الأرجنتيني يتعادل سلبيًا مع مونتيري المكسيكي    أستراليا: دراسة تحذّر من تأثير ضربات الرأس في كرة القدم على كيمياء الدماغ    وفد يلتقي أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية الفرنسية – الخليجية.. رئيس الشورى ومسؤول إيطالي يناقشان التعاون البرلماني    البرازيل تطلب استضافة مونديال الأندية 2029    "جالينو" يقترب من مغادرة الأهلي    وزير الخارجية يبحث مع نظيريه الباكستاني والمصري المستجدات    عبدالعزيز بن طلال يتسلم جائزة عربية    مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات.. شركة لبناء وتشغيل مرافق إكسبو الرياض 2030    الإطاحة بمروج مواد مخدرة بمنطقة الجوف    المرور: ترك المركبة في وضع التشغيل عند مغادرتها يعد مخالفة    10 أيام تفصلنا عن بدء تطبيق "تصريح التوصيل المنزلي"    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تكريم المنشآت الفائزة بجائزة الملك عبدالعزيز للجودة    "الإلكترونية" تسجل حضوراً بارزاً في تصنيف "التايمز 2025".. الجامعات السعودية تتميز عالمياً    سوق البحر الأحمر يمدد فترة التقديم للمشاريع السينمائية    «التراث»: إطلاق حملة «عادت» لتعزيز الوعي بأهمية الآثار    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    6 رحلات يومية لنقل الحجاج الإيرانيين من جدة إلى عرعر    شاشات ذكية ب 23 لغة لإرشاد الزوار في المدينة المنورة    "جوجل" تطلق ميزة البحث الصوتي التفاعلي    "التخصصي" يستعرض ريادته في مؤتمر دولي.. الفياض: السعودية رائدة في قطاع التقنية الحيوية والطب الدقيق عالمياً    عصام جنيد: الحجاز مهد الغناء العربي    "100 براند سعودي" يجذب الأنظار في لندن    "معمل تطوير كتّاب السيناريو" يخرج الطلبة ويعلن القادم    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على مشعل بن عبدالله بن فرحان    روبوت عسكري بحجم بعوضة    أسرار جديدة بمدينة إيمت    %99 استقرار أسر مستفيدي زواج جمعية رعاية    جازان تودع الشاعر والأديب موسى بن يحيى محرق    عواقب التخلي عن الدهون الحيوانية    اختبار منزلي يقيّم صحتك    ما يسعدك قد لا يسعد غيرك.. أبحاث جديدة تدحض وصفة السعادة العامة    وزير الطاقة: موثوقية تحالف أوبك+ ترسم استقرار الأسواق    شركات طيران تعلق رحلاتها بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران    المملكة تجدد دعوتها لوقف إطلاق النار في غزة    75% من الغرف الفندقية بمكة المكرمة    أمير جازان يبحث المشروعات التنموية والسياحية في فرسان    مصانع لإنتاج أسمدة عضوية من مخلفات النخيل    انطلاق فعاليات منتدى الصناعة السعودي    سبات الإجازة وتحدي الاختبارات    بعثة حج الجمعيات الأهلية المصرية : نشكر السعودية علي ما وفرته لراحة ضيوف الرحمن من المصريين وتيسير مهمتنا    نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    الجبهة الداخلية    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على صاحب السمو الأمير مشعل بن عبدالله بن فهد بن فيصل بن فرحان آل سعود    دبلوماسية الطاولة العائلية    احتفل دون إيذاء    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتاب فيلم تصويري توثيقي للحياة الاجتماعية في بلاد نجد
قراءة في (مشاهد من بريدة) للعبودي
نشر في الرياض يوم 21 - 01 - 2010

كنت قد وعدت القراء في قراءتي لكتاب (أخبار قني) للشيخ محمد ناصر العبودي في العدد15011وتاريخ 8 شعبان 1430ه باستعراض كتاب (مشاهد من بريدة) وغيره من إصدارات الشيخ الأخيرة، ثم شغلنا عنها بغيرها وهانحن نعود إليها مرة أخرى.
جاء هذا الكتاب في 168 صفحة بدون تبويب أو ترتيب معين، وإنما كان أشبه بالفيلم السينمائي الذي جرى تصويره في بريدة القديمة ابتداء من منزل الشيخ نفسه الذي قصد بريدة يوم الخميس 28/1/1423ه للاطلاع على بيته الذي يبنيه هناك ومعاينة المكان الذي سيضع فيه لوحة تذكارية تاريخية هي الأولى من نوعها في مدينة بريدة ونص اللوحة:(اشترى عبدالرحمن بن عبدالكريم العبودي أرض هذا البيت في عام 1307ه وحوشه وحفر فيه بئراً في العام نفسه، ثم عمره بيتاً أنهى عمارته وسكنه في عام 1313ه، وبقي ملكاً له حتى توفي في عام1323ه فاشتراه من ورثته ابنه ناصر بن عبدالرحمن العبودي، وبقي معه حتى توفي فيه عام 1370ه، فاشتراه ابنه محمد بن ناصر العبودي، وسكنه فترة ثم هدمه وبناه بالأسمنت المسلح، وقد خطط مبناه وأشرف على تنفيذه ابنه المهندس المعماري (ناصر بن محمد العبودي) وتم بناؤه في عام 1423ه، أي بعد مائة عام من وفاة مؤسسه وبانيه الأول).
ويبرر الشيخ وضعه لهذه اللوحة بسبب عدم وجود لوحات معلومات توضيحية على الأماكن والأبنية التاريخية في بريدة.
والحقيقة أن هذه اللوحات التي تحكي تاريخ الأبنية والمعالم مفقودة في جميع أنحاء البلاد رغم أهميتها، وحيث إن وضع هذه اللوحات يعتبر سلوكا متحفيا تاريخيا حضاريا معمولا به في جميع أنحاء العالم؛ ففكرة الشيخ هذه يفترض أن تكون مشروعاً وطنياً تتبناه هيئة السياحة بوجود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان آل سعود.
تنثال ذكريات العبودي على صفحات هذا الكتاب انثيالاً، بأسلوب مشوق يجبرك على متابعة القراءة كلما أردت التوقف، بدأ العبودي ذكرياته بجولة تاريخية خيالية في شارع بيته وهو في زاوية من زواياه تحت الإنشاء فشاهد والده وجيرانه وجيران الجيران الذين نسيت أخبارهم، حيث قال:"وقد جربت الحديث مع أحفاد أولئك الشيوخ فوجدتني أحدثهم حديث آبائهم وأجدادهم كما أحدثهم عن شخصيات تاريخية يعجبهم الحديث عنها، لأنه لم يهتم أحد من أسرهم ولا من غيرهم بالحديث عنهم أو بيان أحوالهم" ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب.
فترجم الشيخ في هذا الكتاب تراجم موجزة لعدد كبير من جيرانهم قبل 75سنة ومنهم على سبيل المثال:
1 صالح بن سليمان الغليقة الذي يعده الشيخ من النابهين النبغاء، حيث يحسن عدة مهن إلا أن هناك مهنة لا يجيدها غيره من أهل بريدة وهي تقدير الشجاج فعنده مسبار من المعدن يقيس به الشجة.
2 عبدالله بن سحمان أحد رجال عقيل الذي وصفه العبودي بالمفكر، فقد فكر في استغلال بعض الآبار القديمة فأحضر معه على بعيره من العراق مضخة قوية تحرك باليد، والتي كانت موضع عجب الناس في ذلك الوقت.
3 ناصر بن عبدالرحمن العبودي والد الشيخ الذي تميز بصنع البارود في القصيم.
4 محمد بن علي الطرباق القوي الذي لا يسيطر على مجانين بريدة غيره.
5 علي بن منيّع أول من أدخل البامية إلى الحي حيث لم تكن معروفة في ذلك الوقت.
6 دحيم الرسي الذي عاش في دبي 25 سنة وكان يقص على الناس قصة معيشته هناك.
7 علي بن محمد الحامد معلم البناء الماهر الذي طلبه الملك عبدالعزيز فيمن طلب لبناء قصور المربع سنة 1353ه.
8 عبدالله بن خليفة السعيدان أول نجدي سافر للولايات المتحدة الأمريكية التي عاد منها قبل الحرب العلمية الأولى.
وقال ص27 موضحاً منهجه في هذا الكتاب: "وقد حاولت أن أكسر هذه القاعدة القائمة على الجهل أو التجاهل بما كان عليه آباؤنا وأجدادنا وأهل بلادنا وبخاصة ما يتعلق بذواتهم وما يحسنونه من قول أو فعل، وبصفاتهم وما يكون فيها من حسن يجمل ذكره، أو قبيح يحسن ستره، وليس لنا مثل السوء في تتبع القبيح، وإن لنا في نشر الحسن الصحيح ما يغنينا ويغني التاريخ عنه فضلاً عن الإكثار منه"
العودة إلى الواقع:
كان جميع ما ذكره الشيخ من معلومات وتراجم حتى الصفحة 28 عبارة عن جولة تاريخية متخيلة لما يصادفه ويصادف والده في الذهاب إلى دكانهم في سوق بريدة القديم أو العودة منه، وربما كانت مقدمة لما بعدها حيث انتقل بعد ذلك إلى كتابة مذكراته بعد مضي سنتين انتهى فيهما بناء البيت فعاد إليه للتذكر ابتداء من عام 1350ه حيث (طِقّ التيل) في بريدة والتيل المراد به البرقية والذي وضعه الملك عبدالعزيز رغم معارضة بعض المتشددين الذين رأوا فيه سحراً وكهانة.
ليعرج على محطات حياته متناولاً عدد من الأحداث والموضوعات منها وفاة الشيخ عبدالله بن سليم سنة1351ه، وعمل والده وأسرته، ذكريات الطفولة، ووصف البيت وجميع مرافقه ، حادثة الختان في سن الثالثة، وتحدث عن تخويف الأطفال ب (الدفّاع ) أو(عبيد القاعة) أو(الدودله بالحسو) ،أهل البيت، كيفية قضاء اليوم،وفاة والده سنة1370،الدكان، إهداء إبراهيم الرشودي له كتاب ابن القيم (عدة الصابرين)، طريقة صناعة البارود، الطريق إلى الدكان، جيران الدكان.
والشيخ يتخذ من الوصف الدقيق للمكان طريقة يسير عليها في كتابه من خلال العبور المتخيل في شوارع بريدة وحاراتها فيذكر الحوادث ويترجم للأشخاص حسب مروره ببيوتهم ودكاكينهم انطلاقاً من بيته فترجم للشيخ الخريصي، وعقلا بن موسى الحسين،ومحمد بن عبدان، وأبوطامي والد عبدالله الطامي أول سعودي ينشئ إذاعة خاصة (إذاعة طامي)، وتحدث عن سوق الصنّاع، ليترجم للطويعينة أول من صنع سراج التنك في بريدة، حيث كان عجيبة من العجائب التي لم تستوعبها عقول بعض الناس فقالوا عندما رأوه:"كفرنا به وآمنا بالله" وهي نفس العبارة التي رددها بعضهم عندما رأوا السيارة لأول مرة.
ثم تحدث عن بعض الخرافات الشائعة في ذلك الوقت كخرافات شباط والمربعانية، ليتحدث بعد ذلك عن أسواق بريدة ودكاكينها التي أحصاها سنة 1357ه فبلغت 327 دكاناً، ويشير إلى وجود دكاكين خاصة تبيع فيها النساء ومنهن: النوصا، والتنشا، والسودا،وسعره،وأم الدعاجين، ومن المعلومات التي ذكرها العبودي وربما يستغربها البعض أن التبغ (التتن) كان يزرع في القصيم في مطلع القرن الرابع عشر، كما تحدث الشيخ عن جردة بريدة، والحواشيش، والغزو والحرب، وغيرها من الموضوعات التاريخية التي ينقلها الشيخ عن معايشة وإدراك وتعطي تصوراً عن واقع نجد قبل 75 سنة .
قاسم الرويس
الشعر والشعراء في الكتاب:
تضمن الكتاب بعض الأبيات الشعرية وإشارات إلى بعض الشعراء وذكر بعض المعلومات التي لم يدونها غيرها مثل:
إشارته إلى شاعر مفلق اسمه سلطان زين العين والذي انقطعت أخباره وأخبار أسرته. وإشارة إلى الشاعر عويدات المرداسي القائل:
ياكبر حظك يالعبودي**يوم أن حسوك طلع حلوٍ شرابه
وإشارته إلى شاعر الحماسة محمد بن سليمان الصغيرص129.
ثم حديثه عن الشاعر محمد عبدالله العوني الذي أسماه (أمير الشعراء) ووصف موقع بيته وصفاً دقيقاً وذكر عنه بعض القصص التي لم يذكرها غيره، وأشار إلى نقص الأبيات في قصيدته المسماة (المستحيطة) والموجودة في ديوانه، كما تحدث عن علاقته بالملك عبدالعزيز والهبات التي كان يمنحها له .
وفي نهاية الكلام في آخر الكتاب يقول الشيخ العبودي بكل تواضع:" ويقف الكلام في هذا المقام ليستريح القراء من هذا الذي يعده بعضهم هراءً من الهراء والله المستعان، وعليه التكلان" والحقيقة أن هذا الكتاب يعتبر فيلم تصويري توثيقي للحياة الاجتماعية في بلاد نجد لا يستغني عنه الباحث التاريخي، وبه من المعلومات التي لو لم يدونها الشيخ العبودي لذهبت هباء منثوراً فجزاه الله عن حفظ تاريخ بلادنا خير الجزاء.
بقي الإشارة إلى أن الكتاب صدر في طبعته الأولى عام 1430ه عن دار الثلوثية للنشر والتوزيع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.