أتيح لباراك أوباما الطامح لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية أن يلقي نظرة عن كثب على نوع سياسة لاذعة تعهد بالترفع عليها ولم يعجبه المشهد على ما يبدو.وتجهم وجه سناتور إلينوي عدة مرات في تعبير واضح عن القلق في المناظرة التي جرت ليل الأربعاء الماضي مع تسليط الضوء على مسائل مثل القس سريع الغضب الذي يتبعه أوباما وعلاقته بمتشدد من فترة الستينات وتصريحاته عن ناخبي بلدات صغيرة وفشله في وضع دبوس العلم الأمريكي في رابطة العنق. والمناظرة مع منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون أعطته فرصة لاختبار الردود التي سيحتاجها إذا فاز بترشيح حزبيهما الديمقراطي وأصبح في مواجهة المرشح الجمهوري جون ماكين في انتخابات الرئاسة التي تجرى في نوفمبر/ تشرين الثاني والتي يتوقع أن تكون معركة شرسة.وقال كال ييلسون المحلل السياسي في الجامعة الميثودية الجنوبية في تكساس "كان هذا اختبار لأوباما ولا أظن أن أداءه كان جيدا بشكل واضح. سيتعين عليه أن يحسن. من الواضح أنه كان قلقا وبدا منزعجا بعض الشيء من الأمر كله". وتابع قائلا "يحتاج إلى وضع بعض الإجابات السلسة والواثقة لهذه الموضوعات لأنه سيسمع المزيد منها بكثرة".وتعرض أوباما للجلد من قبل مديري النقاش في شبكة إيه بي سي نيوز بخصوص الخطب المسهبة المثيرة لقسه السابق جيرميا رايت ولوصفه سكان البلدات الصغيرة بأنهم يفضلون الدين والسلاح على مشكلاتهم الاقتصادية. وسئل أوباما عن فشله في وضع دبوس العلم الأمريكي في رابطة العنق وهو رمز للوطنية بالنسبة لبعض الساسة الآخرين وعلاقته بوليام أيرس عضو جماعة يسارية عنيفة في الستينات وهو الآن جار له في شيكاغو.تعرضت إيه بي سي لهجوم بسبب الاستجواب. ووصف توم شيلس الناقد التلفزيوني بصحيفة واشنطن بوست الاستجواب بأنه رديء وخسيس فيما بدأت جماعة موف أون الليبرالية حملة توقيعات احتجاجية على الانترنت.وقال أوباما في مؤتمر في ولاية نورث كارولاينا التي تصوت في السادس من مايو/ آيار القادم إن مناقشة الرعاية الصحية والعراق والوظائف وأسعار الغاز تراجعت لصالح محاولة إثارة قدر أكبر من الجدل في المناظرة. وقال إن كلينتون كانت "معنية بشؤونها الصغيرة" على ما يبدو. وأضاف أوباما "أعرف أن البعض كان محبطا من الليلة الماضية لكن الحقيقة هي أن كل ما حدث كان استعراضا لحملة الجمهوريين ضدي في نوفمبر". وقال "إنه حدث مبكر نوعا ما لكن ذلك ما سيفعلونه. يحاولون التركيز على كل القضايا التي لا علاقة بها بكيف تسددون فواتيركم في نهاية الشهر". واحتدمت المناقشات في سباق الحزب الديمقراطي على انتخابات الرئاسة أثناء هدنة قصيرة مدتها سبعة أسابيع بين الجولة السابقة للسباقين الكبيرين في أوهايو وتكساس في الرابع من مارس آذار والمواجهة الحاسمة في ولاية بنسلفانيا في الأسبوع القادم.وقالت ليندا فاولر وهي محللة سياسية في كلية دارتماوث في نيو هامبشير إن وسائل الإعلام مهتمة بالمناقشات أكثر من الناخبين. وقالت إن استطلاعات الرأي أظهرت أنه لم يكن لتصريحات أوباما عن سكان البلدات الصغيرة التي أصبحت معلنة في مطلع الأسبوع أي تأثير.وأضافت "هذا يكشف أن الأمر من صنع وسائل الإعلام لا المرشحين. وإذا كانت هذه المادة مهمة إلى هذا الحد فلماذا لم تتحرك استطلاعات الرأي".وشعرت كلينتون سناتور نيويورك والسيدة الأولى السابقة التي كان لها ما يكفيها من الزلات في الحملة الانتخابية بسعادة للاشتراك في استجواب أوباما أثناء المناظرة. وحاولت استثمار عقدة الاضطهاد التي يعاني منها الديمقراطيون بسبب نجاح الجمهوريين في الهجوم على آخر مرشحين للحزب الديمقراطي جون كيري وآل غور بقولها ان القضايا التي واجهها أوباما في المناظرة هي من ذلك النوع الذي سيسعى الجمهوريون لاستغلاله في نوفمبر.وقالت كلينتون في المناظرة "الأمر يتعلق بمجموعة المخاوف الأكبر حول كيفية خوض الانتخابات ضد جون ماكين". وتابعت تقول "كنت في هذه الحلبة لفترة طويلة والكل فحص ذلك لسنوات".وتكافح كلينتون في محاولتها للتفوق على أوباما في سباق انتخابات الرئاسة. فهي متراجعة عن أوباما من حيث عدد المندوبين في مؤتمر دنفر لاختيار المرشح في أغسطس آب وتحتاج إلى تحقيق فوز كبير في بنسلفانيا يوم الثلاثاء القادم وإلى مجهود قوي في السباقات التسعة المتبقية لتكون في وضع يؤهلها لأن تكون مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة. وبينما انتقد مساعدوها وسائل الإعلام مرارا لأنها لا تدقق مع أوباما بقدر تدقيقها مع كلينتون فمن الواضح أنهم كانوا مسرورين بجلده في المناظرة.قال هاوارد ولفسون المتحدث باسم كلينتون "في عالم مثالي أود لو أننا نركز حملاتنا على مسائل تتعلق بالسياسة وبتمايز السياسة. وتعلمنا أن الحملات تتعرض لأمور تبعد كثيرا عن ذلك".وأضاف "الاسئلة التي وجهت للسيناتور أوباما (ليلة الأربعاء) هي من عينة الأسئلة التي سيواجهها السيد أوباما إذا أصبح مرشحنا".