تخزين البضائع لا يقل أهمية عن تاريخ الإنتاج ومدة الصلاحية، كما لا يقل أهمية عن سلامة مكونات المادة المصنعة. تلك المعلومة لا تحتاج منا إلى دراسة ودراية وخبرة، فالكل يعرف أهمية التخزين السليم لأي بضاعة، وتزداد الخطورة في التخزين السيىء إذا كانت المواد المخزنة من المواد الغذائية أو حتى الكيميائية ومستحضرات التنظيف والتجميل وغيرها مما يستخدم للبشرة أو في محيط المستخدم كالمبيدات الحشرية في المنازل أو المزارع بل والأدوية. فالبعض من أصحاب المحلات لا يعنيه سوى تحقيق الربح بغض النظر عن أي معلومة أخرى عن التجارة، بل قد يخلو تفكير البائع من أي خلفية تجارية تختص بحفظ المواد وسلامتها، فقد يكون في الأصل مزارع أو عامل في محطة وقود وربما عامل بناء أو سائق أو حتى متعلم لكنه لا يعي مؤثرات بيئية حوله من رطوبة أو حرارة أو غيرها، ثم توجه للتجارة بغية الربح، ومن هنا نقول: لن يراعي سلامة البضائع ولن يحرص على تخزينها التخزين السليم ليس عمدا لكنه يجهل المثير من الخبرات حول البضائع. بالإضافة إلى أن معظم أصحاب المحلات لا يتلقون أي توعية بخصوص البضائع أو البيئة المحيطة وتأثيراتها وإنما هي خبرات عشوائية وليس هناك جهة تحرص على تزويدهم بالمعلومات حول ذلك أولا بأول. كما أن وسائل الإعلام لا تخصص برامج موجهة منتظمة لمثل هؤلاء، وإن وجدت فهي لا تراعي حضورهم أو وجودهم أمام الشاشات مثلاً ولا تقدم لهم توعية منظمة يمكن أن يترقبوها ويستفيدوا منها كما أنهم لا يخاطبون بلغاتهم. كل هذه مجتمعة جعلت البائع يتصرف كما يحلو له مجتهداً وقد يفاجأ بتطبيق نظام لم يطلع على بنوده أصلا، وإنما يكتشف بعضها من خلال زيارات المسؤول أحياناً، وليس في ظل تعاون بل في ظلال مخالفات قد يرتكبها فيتنبه لها من جراء ذلك. نحن اليوم أمام محلات تخزن مواد غذائية بطريقة خاطئة، هذه الطريقة لا تتناسب وظروف البيئة الحارة المشمسة فالتخزين مثلاً يتم في ممرات أو خلف الثلاجات وحرارتها أو أمام الشمس من خلف زجاج الواجهات حيث أشد ما يكون من حرارة على المواد الغذائية، ومن تجوال أحدنا في أي شارع عام سوف يلاحظ مواد غذائية تحت أشعة الشمس تعرض في غالبية المحلات وبالإمكان عرض مواد غير استهلاكية ولا ذات تأثر بالحرارة. وليس المطلوب وجود حملة عقابية أو تفتيش بقصد إزالة الخطأ لأن مثل هذا الأمر سرعان ما يعود إلى طبيعته الأولى كما كان. لكن التوعية المنظمة والنشرات الهادفة وبكل لغات الباعة والتي تستهدفهم وتستهدف أيضا الموردين والوكلاء ومن له علاقة بالتجارة بالجملة والمفرق لعلها تكون أكثر جدوى وفائدة وتحقق ثقافة ليست تسويقية فقط بل حفظ وتخزين وسلامة وهو ما يهم بالدرجة الأولى ويوقف الضرر الذي قد يلحق بالمستهلك. هذا ما يتبين من خارج المحلات فماذا يجري في الدخل. لن ندخل إلى كل المحلات بل لعلنا نراقب تلك المحلات الكبيرة ذات الثلاجات المجمدة للحوم والدواجن وغيرها، تجد أكثرها مكشوف الغطاء أي أن بعض المعروض فيها وخاصة في الأعلى أعلى درجة حرارة من الأسفل، وربما كان ضرر ارتفاع الحرارة إلى ما بعد التجمد لا يحقق الغرض فمثل هذه المجمدات تختلف عن المبردات للمواد وبالتالي تلحق الضرر بالمستهلك، خاصة وأن بعض العملاء يسيء أحياناً فتح وغلق مثل هذه المجمدات فيتركها دون غلق والبائع لا يتابع الثلاجات باستمرار لانشغاله بالحسابات. وبهذا نخلص إلى أن تركيزنا على تاريخ الصلاحية لا يعطينا المعيار الصحيح الذي يؤكد لنا سلامة المادة التي نشتريها بل علينا أن نلاحظ طريقة تخزينها وهل هي صحيحة أم أنها بضاعة فاسدة تحت تاريخ صلاحية جديد. وهذا ليس في مقدور أي منا كمستهلكين، ولكنه في مقدور الجهات المسؤولة، فكما تقرر البلدية تخصيص مواقف كافية للمحلات التجارية عليها أن تدرج ضمن الرخصة مراقبة مستودعات التخصيص وأماكنها، ومراقبة تلك البضائع المخزنة دورياً. بالإضافة إلى منع اقتراب المواد الغذائية من الواجهات الزجاجية التي تتسبب الشمس والحرارة في تلفها رغم تاريخها الجديد. إذاً نحن أمام واجهات زجاجية لم تخدم المصلحة العامة بقدر ما تسبب الأضرار الكثيرة، ربما جاءت من أجل الجمال أو التقليد لكن في النهاية هي وافدة من بلاد لا تعاني من حرارة الشمس وضوئها الشديد، ربما تصلح هناك لكنها لا تصلح هنا. أضف إلى كل هذا ما نسميه التخزين في العراء، وهو أن يستأجر صاحب المحل محله ومهما كان من الصغر في المساحة لا يهم، لأن البضاعة لن تكون في داخله بل سيكون ربعها في داخله والباقي يحيط بالمحل من كل جهة، فمواد البلاستيك والورق وغيرها كلها تحت الشمس وعوامل التلف والمستهلك هو الضحية إنه يشتري أشياء مشوية.