فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    وصول أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة" من إندونيسيا    300 طالب يشاركون بحلول رقمية إبداعية في "برمجاثون"    مساعدات طبية وغذائية ل3 دول من "سلمان للإغاثة"    اتفاقيتان لتعزيز الصادرات غير النفطية    ارتفاع عدد كوادر التمريض إلى 235 ألفاً في 2023    "البنك الإسلامي" يجمع 2 مليار دولار    أمير تبوك يطلع على إنجازات التجارة.. ويرأس اجتماع لجنة الحج.. اليوم    السعودية و31 دولة تشارك في تمرين «الأسد المتأهب»    جامعة «مالايا» تمنح العيسى الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية    رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الأمم المتحدة تبني قرار عضوية فلسطين    «الزعيم » لا يكل ولا يمل    السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    إزالة 23 مظلة وهنجراً عشوائياً في أحياء الطائف    19710 مخالفين للأنظمة ضبطوا في 7 أيام    تحت رعاية ولي العهد.. انعقاد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي بالرياض.. سبتمبر القادم    لزيادة حجم القطاع 10 أضعاف.. السعودية تطلق خارطة طريق الطيران    «البلدية»: إيقاف وسحب «المايونيز» من أسواق المملكة    حظر «الرموش الصناعية» على العاملات في تحضير الأغذية    هيئة الصحفيين السعوديين يقيم ندوة "المواقع الإخبارية التحديات والآمال"    عساك «سالم» يا عميد    البصمة السينمائية القادمة    نحو سينما سعودية مبهرة    سلمان بن سلطان يرعى حفل تخريج الدفعة ال 20 من طلاب وطالبات جامعة طيبة    الجدعان يرأس وفد المملكة في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية ال 33    جامعة الملك سعود تتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية للجامعات    طائرة الأخضر إلى نهائيات كأس آسيا    إبادة بيئية    تحسينات جديدة في WhatsApp    الذكاء الاصطناعي يتعلم الكذب والخداع    نسيا جثمان ابنهما في المطار    سيدات الأهلي يحصدن كأس الاتحاد لرفع الأثقال    إنقاذ ثلاثيني من إصابة نافذة بالبطن    مواد مسرطنة داخل السيارات    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير فرع عقارات الدولة    بعض الدراسات المؤرشفة تستحق التطبيق    " الأحوال" المتنقلة تواصل خدماتها    محافظ جدة يدشن مبادرة " العمل والأسرة"    نائب أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة كليات الشرق العربي    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    انتخابات غرفة الرياض    أرتيتا يحلم بتتويج أرسنال بلقب الدوري الإنجليزي في الجولة الأخيرة    الهلال يوافق على انتقال بيريرا لكروزيرو    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    أرسنال يسقط اليونايتد ويستعيد الصدارة    إنهاء إجراءات المستفيدين من مبادرة طريق مكة آليًا    مختبرات ذات تقنية عالية للتأكد من نظافة ونقاء ماء زمزم    جدة .. سحر المكان    هنأت رؤساء روسيا وقرغيزيا وطاجيكستان.. القيادة تعزي ملك البحرين ورئيس الإمارات    أمير تبوك يطلع على إنجازات "التجارة"    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    نيابة بمطار الملك خالد على مدار الساعة    نائب أمير مكة يناقش مستوى جاهزية المشاعر لاستقبال الحجاج    سمو أمير منطقة تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج غداً    طريق مكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدخل هيئة السوق المالية أمر مطلوب ولابد من استمراره
نشر في الرياض يوم 23 - 12 - 2004

أثار تدخل هيئة السوق المالية يوم الخميس الموافق 12/10/1425ه بتحديد نسبة تذبذب سهم الشركة السعودية للكهرباء ب (1٪) فقط الكثير من الجدل سواء في الصحافة المحلية أو على صفحات الإنترنت أو في منتديات الناس في منازلهم، واتسم الجدل بطبيعة معتادة فهناك مؤيد وهناك معارض، غير أن هذا التأييد وهذه المعارضة اتسمت بالرأي الانطباعي لا الموضوعي، أي ذلك الرأي الصادر عن هوى النفس ومناها، لا عن رؤية منطقية تسندها الأدلة المبنية على تحليل موضوعي أو على سند نظامي. سيتعرض هذا المقال إلى ذلك كله وسيتناول قبل ذلك طبيعة السوق المالية الحالية في المملكة، والنمط الذي ستنتجه له السوق بعد إشراف هيئة السوق المالية عليه بموجب نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/10) وتاريخ 2/6/1424ه، وهو النظام الذي أعطى هيئة السوق المالية دور الجهاز المنظم الرقابي (Regulator) للسوق المالية في المملكة العربية السعودية.
٭٭ يمكن وصف السوق المالية بأنها تلك السوق التي يتم فيها عمليات تبادلية متعددة بين النقود والأدوات المالية، فالمشتري يدفع النقود مقابل صكوك تتمثل في أسهم أو أوراق مالية أخرى من أهمها السندات، وينظر إلى تبادل الأوراق المالية في السوق على أنه أمر يتعدى تأثيره البائع والمشتري إلى المؤسسات الاقتصادية القائمة، وإلى الأفراد المشتركين في تلك المؤسسات، وإلى مجمل أداء الاقتصاد الوطني بشكل عام، وهو الأمر الذي دعا الى وضع قواعد تحكم هذه الأسواق وتنظم دورها وأدائها، وتحكم سلوك بائعي الأوراق المالية ومشتريها، وتنظيم وسطاء السوق، والتعامل مع قضايا مختلفة كالإفصاح أو الاحتيال أو التداول بناء على معلومات داخلية.
٭٭ وتكمن أهمية دور السوق المالية في طبيعة الدور الذي تقوم به تلك السوق في الاقتصاد الوطني، وذلك لأن مستويات النمو والإنتاج في ذلك الاقتصاد تتوقف على عمليتين مهمتين وهما الادخار والاستثمار، وتهدف السوق المالية الى تحويل المدخرات من المدخرين بدلاً من الاحتفاظ بها كسيولة فائضة تمثل رأس مال عاطل، الى استثمارات في يد المستثمرين، ولا يوجد أمام الشركات القائمة في أي اقتصاد والتي تحتاج إلى زيادة مواردها المالية، سواء للتوسع أو للتطوير أو لمواجهة عمليات الإحلال أو لإعادة تنظيم هياكلها التمويلية، إلا سوقين وهما سوق النقد وسوق رأس المال.
٭٭ وتنقسم سوق رأس المال عادة الى سوقين هما السوق الأولية أو سوق الإصدارات (PrimarY Market)، وهي السوق التي تشهد الإصدارات الأولية للأوراق المالية سواء من الحكومات أو من الشركات، وتتم عادة بالنسبة للشركات للحصول على رأسمال الشركة الأساسي أو جزء منه أو بقصد زيادته، والنوع الثاني من سوق رأس المال هو السوق الثانوية أو سوق الأوراق المالية (Secondary Market)، وهي عبارة عن تلك السوق التي يتم فيها تداول الأوراق المالية للحكومات أو لشركات قائمة سبق تكوينها، وهذه السوق تنقسم أيضاً الى السوق النظامي أو الرسمي وهي السوق التي يتم فيها تداول الأوراق المالية المدرجة في السوق عبر وسطاء السوق، والسوق الموازي وهي السوق الذي يتم فيه تداول الأوراق المالية التي لم تستكمل بعد شروط ادراجها في السوق النظامي أو الرسمي.
ويمكن القول إجمالاً إن أهمية سوق رأس المال تكمن في أن السوق تمثل نقطة التقاء بين المدخرين وبين موظفي هذه الأموال.
٭٭ نأتي الآن إلى وضع سوق الأسهم السعودية قبل نشوء الهيئة وممارستها لدورها، فهو سوق تحركه السيولة النقدية (Cash Driven Market) ، وهو سوق مضاربة كامل لا سوق استثمار متزن، ويأتي ذلك في تقديري بسبب أن لدينا في المملكة - دون جدال - تدنّ واضح في الوعي الاستثماري، وكانت علامة سوق الأسهم الواضحة قبل ذلك هي عدم وجود صناع سوق واضحين، أو بصورة صريحة صناع سوق يتسمون بالحكمة والاتزان في التعامل مع سوقهم لكي ينمو بطريقة مقبولة من أجل جذب أكبر عدد ممكن من المدخرين. ويمكن للمراقب أيضاً أن يلاحظ تعدد الأدوار في سوق الأسهم السعودي، فنسبة كبيرة من الأدوار في هذه السوق تقوم بها البنوك، فالبنك الذي يقوم بإقراض المتعاملين في الأسهم عن طريق التسهيلات، هو نفسه يملك صناديق يضارب فيها في السوق لصالحه، والبنك أيضاً هو الوسيط في تنفيذ عمليات البيع والشراء، ويلاحظ كذلك عدم وجود سوق موازية للسندات المالية، وإن كان إعلان كل من شركة سابك والبنك السعودي الهولندي والبنك السعودي الفرنسي عن نية طرح سندات يعطي مساحة إضافية من التفاؤل باستعمال هذه الأوراق المالية إلى جانب الأسهم.
٭٭ ولعل من أخطر ملامح سوق الأسهم السعودي في الفترة السابقة والتي أدت إلى وصفه بسوق المضاربة لا سوق استثمار، وهو تداول معلومات داخلية عن الشركات قبل إعلانها رسميا من قبل أفراد لهم علاقة بالشركة سواء في جهازها الإداري أو من مجلس إدارتها بحيث يتم توصيل هذه المعلومات إلى أفراد معنيين على حساب آخرين، وينتج عن ذلك عدم عدالة في التداولات التي تتم في السوق، وهو ما يطلق عليه مصطلح (Insider Dealing)، والذي وضعت له في القوانين المقارنة عقوبات مشددة تصل إلى السجن، ويتم تطبيقها بحزم ودون تهاون.
٭٭ ويلاحظ المراقب كذلك أن العديد من المضاربين في الأسهم ممن يملكون سيولة نقدية كبيرة يقومون بتصرفات تؤثر على سعر السهم أثناء ساعات التداول، ومن ذلك طلب كميات ضخمة من سهم شركة معنية بأسعار منخفضة ثم سحب الطلب وذلك لاعطاء انطباع وهمي للمتداول بأن سعر السهم المعني في طريقه للارتفاع، أو العكس حيث تعرض كميات كبيرة من السهم ثم تسحب لاعطاء انطباع بأن سعر السهم في طريقه للانخفاض، ومن ذلك أيضاً المضاربة على شركات ذات قيمة نقدية منخفضة ورفع أسعارها إلى مستويات غير مقبولة، عطفاً على وضعها المالي السيئ المتهالك، حيث توجد بعض الشركات ممن وصل مجموع خسائرها إلى نصف رأس مالها والبعض الى ثلاثة أرباع رأس مالها، وهو معدل يعني أنها لن تجد من يقرضها حتى لو لجأت الى (سوق الجفرة) الشهير، وتجد للأسف أن تلك الشركات تمول خسائرها عبر اكتتابات رفع رأس المال، بل تجد ظاهرة غريبة وهي أن سعر مثل هذه الشركات يرتفع سواء أعلنت رفع رأس مالها وأعلنت تخفيضه، بصرف النظر عن ربحيتها، وأدائها السوقي بشكل عام.
٭٭ من الطبيعي في ظل هذه الممارسات التي شهدتها سوق الأسهم السعودية منذ بداية طفرتها في بداية شهر ابريل 2003م أن يترك ذلك تأثيره السلبي على المستثمر الصغير، وهو المستثمر المهم للسوق المالية، والذي يجب اجتذابه هو ومدخراته المالية والحرص على بقائه في السوق لا الهروب منها، فقرارات الشراء والبيع التي يتخذها أغلب المتعاملين هي قرارات بعيدة عن الفكر الاستثماري السليم فلا يؤخذ بمكررات الربح أو العائد على السهم أو قيمة الربح الموزع أو حتى احتياطيات الشركة المزمع شراء سهمها في تحديد قرار الشراء من عدمه، بل ان القرار الوحيد الذي يتخذه أغلب المتعاملين الصغار هو نظرية (مع الخيل يا شقراء)، فالإشاعات والمعلومات المتداولة في الصالات أو منتديات الإنترنت هي المحرك الأساسي لقرار الشراء أو البيع، وأكاد لا أعرف إلا قلة قليلة من المتعاملين في الأسهم ممن يحرصون على قراءة القوائم المالية للشركات والاطلاع عليها، وبناء قرارات شراء السهم على أسس علمية منطقية يسندها أداء الشركة وآفاقه المستقبلية.
٭٭ قد يطول الحديث عند استعراض المظاهر السلبية التي اصبحت ظاهرة في سوق الأسهم السعودية، وهي ظاهرة أدت الى (مطبات) متكررة أبرزها ذلك الانخفاض في مؤشر الأسهم السعودية في شهر سبتمبر 2003م بنسبة (15٪)، والانخفاض الآخر الكبير الذي شهدته سوق الأسهم في شهر مايو 2004م حينما انحدر المؤشر صباح يوم الثلاثاء 18 مايو بنسبة (3,5٪) في يوم واحد، ثم تابع الانحدار في اليوم التالي 19 مايو بنسبة (5,7٪) لذلك اليوم، واستمر الانحدار الى يوم 24 مايو، حيث خسر مؤشر الأسهم نسبة (19٪) من قيمته خلال تلك الفترة، وتكبد المتعاملون في السوق وأغلبهم من صغار المساهمين خسائر إجمالية من قيمة أسهمهم بلغت حوالي 171 مليار ريال، وأيضاً الانخفاض القريب عندما وصل مؤشر سوق الأسهم السعودي إلى أعلى أرقامه (8382,08) نقطة يوم الاثنين 16/10/1425ه، ثم تهاوى في اليوم الذي يليه إلى نهاية تداول يوم السبت 28/10/1425ه وصولاً إلى (95/7590) نقطة، حيث خسر المؤشر ما يقارب (12٪) من قيمته خلال تلك الفترة، وخاصة تداول يوم السبت 21/10/1425ه حينما انحدر المؤشر (447) نقطة بنسبة (5,5٪) لذلك اليوم.
٭٭ ويمثل صدور نظام السوق المالية بالمرسوم الملكي رقم (م/30) وتاريخ 2/6/1424ه خطوة جبارة من أجل تنظيم سوق الاسهم بشكل خاص والسوق المالية بشكل عام، حيث اعطى النظام هيئة السوق المالية دور الجهاز المنظم والرقابي (Regulator) لكل ما يختص بتنظيم السوق المالية وتطويرها ومراقبة اعمالها وتداولاتها وكل ما يختص بها، وانيط بمجلس هيئة السوق المالية الذي يتألف من خمسة اعضاء متفرغين وفقاً للمادة (7/د) من النظام جميع الصلاحيات المناطة بالهيئة، كما سمح النظام وفقاً للمادة (20) بإنشاء سوق لتداول الاوراق المالية تسمى (السوق المالية السعودية) ويدير هذه السوق مجلس ادارة مكون من تسعة اعضاء، كما نص نظام السوق المالية على ان ينشئ مجلس ادارة السوق المالية السعودية مركزاً لايداع الاوراق المالية، ويمكن للمراقب القول ان النظام اعطى (مجلس هيئة السوق) سلطة وضع السياسات والاجراءات (Policy Maker)، في حين اختصت (السوق المالية السعودية) بدور الجهاز التنفيذي لعمليات السوق اليومية من متابعة واشراف وفحص وتدقيق ومتابعة.
٭٭ تناول النظام ايضاً اموراً متعددة حيث اعطي هيئة السوق المالية صلاحية اصدار اللوائح والتعليمات والقواعد التي تنظم عمل السوق من كافة النواحي، وتنظيم عمل وسطاء السوق، وتنظيم صناديق الاستثمار، كما تناول النظام كل ما يخص عمليات الافصاح (Disclosure) سواء لمصدر الاوراق المالية التي ستطرح في السوق، او القوائم السنوية والدورية والتقارير التي تخص الجهات المدرجة اوراقها المالية من اسهم وخلافه في السوق، ويعالج النظام ايضاً في الفصل (الثامن) عمليات الاحتيال والتداول بناء على معلومات داخلية بحيث اعطى الهيئة صلاحية وضع القواعد التي تحدد هذه الاعمال والتصرفات غير القانونية، كما تضمن النظام فصلاً كاملاً (العاشر) تناول العقوبات والاحكام الجزائية للمخالفات والتي تصل الى الغرامة والسجن للمخالفين، كما حدد النظام في مادته الخامسة والعشرين اختصاصات (لجنة الفصل في منازعات الاوراق المالية)، و(لجنة الاستئناف). كما يجدر بالذكر ان المرسوم الملكي المشار اليه آنفاً قد نص في فقرته (الثالثة) على أن يمارس مجلس هيئة السوق المالية جميع صلاحيات مجلس ادارة السوق المالية السعودية الى حين تشكيل مجلس ادارة السوق.
٭٭ ويلاحظ المراقب اعتماد مجلس هيئة السوق المالية بتاريخ 20/8/1425ه ثلاث لوائح مهمة لتنظيم السوق، يسري مفعولها من تاريخ نشرها بعدد جريدة أم القرى الصادر يوم الجمعة 20/10/1425ه ، وهي لائحة طرح الاوراق المالية، وقواعد التسجيل والادراج، ولائحة سلوكيات السوق، وهذه اللائحة الاخيرة هي الأهم بالنسبة للمتعاملين في السوق خاصة الصغار منهم وتهدف الى حمايتهم، وتناولت مواضيع مثل التلاعب في السوق، والتداول بناء على معلومات داخلية، ومفهوم البيانات غير الصحيحة، والعلاقة بين الوسطاء والمستثمرين، حيث حظرت على سبيل المثال لا الحصر التلاعب في سعر الافتتاح او الاغلاق، او ادخال امر سلسلة من الاوامر للشراء او للبيع دون وجود نية لتنفيذها.
٭٭ ومن المؤكد للمراقب انه لكي يكون لدينا سوق مال فعال، لابد من ان يكون هناك نظام مؤسسي يسنده تنفيذ اللوائح والتنظيمات التي تصدر بحزم وفعالية ودون تهاون، ومن المؤكد ايضاً ان امام الهيئة عقبات قوية من اصحاب المصالح المتلاعبين ممن استمرأوا التلاعب في سوق الاسهم، وهم من يود رؤية سوق الاسهم السعودي تسير على نمطها السيئ السابق الذي اساسه المضاربة فقط لا الاستثمار، والهيئة لاشك ستقع تحت ضغوط قوية وكبيرة من هؤلاء، غير ان مما يبعث التفاؤل هنا ان خبرة القائمين على الهيئة ودعم القيادة لهم سيؤدي الى تطوير السوق الى وضع ننشده جميعاً.
٭٭ وهنا نطرح التساؤل الذي بدأنا به وهو: هل ما قامت به هيئة السوق المالية تجاه سهم الشركة السعودية للكهرباء يوم الخميس 12/10/1425ه مبرر أم لا، وهل هو تجاوز لصلاحياتها أم هو في صلب صلاحيات الهيئة واختصاصاتها؟.
٭٭ لكي تمكن الاجابة على هذا السؤال يجب الالمام بجانبين، الاول هو طبيعة تحرك سعر سهم الشركة السعودية للكهرباء في الفترة المسائية من تداول يوم الاربعاء 11/10/1425ه ، فسعر الافتتاح ذلك اليوم كان (144,50) ريال ثم بدأ السعر في الارتفاع خلال فترة التداول المسائية بصورة مفاجئة وصولاً الى (154,50) كسعر اغلاق مرتفعاً بمبلغ (10) ريالات تقريباً، وبنسبة ارتفاع بلغت (6,74٪) وبإجمالي تداول بلغ (15) مليون سهم، والجانب الآخر هو جاذبية السهم ومدى وجود محفزات ادت الى ارتفاعه، والحقيقة التي يجب ذكرها هنا ان قيمة سعر سهم شركة الكهرباء مرتفعة ويفترض بالسعر ان ينخفض لا ان يرتفع، على ضوء ان عائد السهم للثلاثة ارباع الاولى من هذه السنة لم يتجاوز (1,8) ريال، وهو ما يعني ان سعر السهم يفترض ألا يتجاوز (45) ريال اذا اخذنا مكرر ربح قدره (25) كأساس، كما ان هناك حقيقة تبدو غائبة عن أذهان المتعاملين وهي ان ارباح الشركة الموزعة (3,5) ريالات تعود في الواقع الى تنازل كل من الدولة وشركة ارامكو عن ارباحهما في الشركة، وذلك استناداً الى قرار مجلس الوزراء رقم (169) وتاريخ 11/8/1419ه .
٭٭ على ضوء الجانبين المشار اليهما يجب ايضاً الحديث عن تأثير (المضاربة) على سهم الشركة على مؤشر الاسهم السعودية، فرأس مال الشركة السعودية للكهرباء يقارب (42) مليار ريال موزع الى (833) مليون سهم تقريباً، تملك الدولة منه ما يقارب (74٪) أي حوالي (618) مليون سهم، وتملك شركة ارامكو السعودية من الاسهم ما يقارب (7٪) أي حوالي (58) مليون سهم، فيما يتم تداول النسبة الباقية (19٪) او ما يقارب (158) مليون سهم في سوق الاسهم. كما يبلغ حجم الشركة السوقي حوالي (13٪) من اجمالي حجم سوق الاسهم، رغم ان (19٪) فقط من اسهمها فقط متاحة للتداول، وبالتالي فإن أي تغيير في سعر تداول السهم سيكون له دون شك تأثيره على مؤشر الاسهم العام، فارتفاع السهم او انخفاضه بقيمة (1) ريال واحد فقط يعني ان المؤشر العام سيرتفع او ينخفض بواقع (7) نقاط تقريباً، وارتفاع السهم او انخفاضه (10) ريالات مثلاً يعني ان المؤشر سيرتفع او ينخفض بواقع (70) نقطة تقريباً، وهو ما لوحظ خلال نهاية تداول يوم الاربعاء 11/10/1425ه .
٭٭ وإذا عدنا بالذاكرة الى ما حدث خلال شهر مايو عام 2004م سنلاحظ ان سعر سهم شركة الكهرباء ارتفع خلال (20) يوماً من سعر (109) ريال الى سعر (196) ريال بارتفاع نسبته (80٪) دون أن يكون هذا الارتفاع مبرراً او عائداً الى محفزات ايجابية انعكست على سعر السهم، بل كان نتيجة عمليات مضاربة بحتة، وبالتالي عاد السهم الى الانخفاض الى ان وصل الى ما يقارب (90) ريال، مما ادى الى انخفاض مؤشر الاسهم بنسبة (20٪) او حوالي (1200) نقطة.
٭٭ ويجد المراقب ان اختصاصات هيئة السوق المالية او بالاحرى مجلس هيئة السوق وذلك وفقاً لنظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) وتاريخ 2/6/1424ه ، تعطي المجلس صلاحيات واسعة تهدف في مجملها الى تنظيم السوق وتطويرها وحماية المتداولين، ومن ذلك ما ورد في الفقرة (أ - 4) من المادة (الخامسة) التي تتضمن أن من مهمات الهيئة حماية المواطنين والمستثمرين في الاوراق المالية من الممارسات غير العادلة، او غير السليمة، او التي تنطوي على احتيال، او غش، او تدليس، او تلاعب.
كما ان النظام يعطي في مادته السادسة (الفقرة أ - 5) للهيئة صلاحية تعليق نشاط السوق لمدة لا تزيد على يوم واحد، وكذلك منع تداول أي ورقة مالية اذا رأت الهيئة ضرورة ذلك كما هو مشار اليه في الفقرة (أ - 7)، وتجيز المادة (10/ب) التصويت على القرارات الواجب اتخاذها من قبل مجلس الهيئة في الحالات الطارئة بواسطة الهاتف.
ونص النظام في مادته (49/أ) على انه يعد مخالفاً للنظام أي شخص يقوم عمداً بأي عمل او اجراء يعطي انطباعاً غير صحيح او مضلل بشأن الاسعار لحث الآخرين على الشراء او البيع، واوضحت المادة (49/ج/2) ان من انواع الاعمال او التصرفات التي تعد نوعاً من الاحتيال التأثير على سعر ورقة مالية معينة متداولة في السوق عن طريق اجراء سلسلة من العمليات تحدث طلبات فعلية نشطة في التداول، او تحدث ارتفاعاً في سعر الورقة المالية، وذلك بهدف جذب الآخرين وحثهم على شراء هذه الورقة. وتضم (لائحة سلوكيات السوق) الصادرة بقرار مجلس هيئة السوق المالية رقم 1/11/2004 وتاريخ 20/8/1425ه العديد من النصوص التي تتعلق بذلك بشكل مفصل.
٭٭ من الواضح اخيراً ان العديد من المضاربين لا يزالون يجهلون حقيقة هيئة السوق المالية والدور الذي ستمارسه في تنظيم السوق بشكل عام وسوق الاسهم بشكل خاص، ويجهلون ايضاً ان اساليب التلاعب قد قاربت على النهاية، والفترة القادمة ستشهد حزماً في تطبيق النظام ولوائحه، وستدار السوق بصورة حازمة، وجميع الممارسات غير العادلة بما فيها تداول المعلومات الداخلية ستصبح جزءا من الماضي، مع استمرار هيئة السوق في ممارسة دورها، وهو الامر الذي يتمناه كل حريص على سوق الاسهم ممن يتمنى بشكل خاص بقاء المستثمرين الصغار في السوق لا هروبهم منها وتعزيز توجههم الهادف الى الاستثمار لا المضاربة، ويتمناه كذلك كل من يود ان يرى الاقتصاد السعودي بشكل عام يدخل ضمن المنظومة العالمية للنمط الاقتصادي المطلوب في عصرنا هذا، عصر العولمة التي تمثل منظمة التجارة العالمية رأس حربته ولبه وإطاره العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.