في إصدار وطني يمزج بين السيرة الذاتية والخبرة الأمنية العميقة، صدر حديثًا كتاب «كنتُ ضابط مكافحة المخدرات» للكاتب العميد عبدالله بن ملفي الحارثي، عن دار مجموعة تكوين المتحدة، في طبعته الأولى لعام 2025م يأتي في 430 صفحة من الحجم المتوسط، ويُعد الكتاب وثيقة ميدانية مهمة توثّق كواليس الحرب على المخدرات في المملكة العربية السعودية من منظور ضابط عاصر التحولات الأمنية والتحديات الواقعية لأكثر من ثلاثة وعشرين عامًا. ويقدّم المؤلف من خلال هذا العمل سردًا مهنيًا وتحليليًا لتجربته العملية في مكافحة المخدرات، مستعرضًا تطور أساليب التهريب والترويج، وآليات المواجهة الأمنية، ودور التوعية والعلاج في حماية الفرد والمجتمع، بأسلوب يجمع بين التوثيق الواقعي والبعد الإنساني، مستندًا إلى وقائع حقيقية وتجارب مباشرة من الميدان. ويستعرض الكتاب المسيرة المهنية للعميد الحارثي منذ تخرجه في كلية الملك خالد العسكرية عام 1412ه، وعمله في وحدات الحرس الوطني، ثم انتقاله إلى التخصص الدقيق في مجال مكافحة المخدرات، حيث يوثّق دوره في التأسيس الأولي لشعبة مكافحة المخدرات بالقطاع الغربي عام 1418ه، وتدرجه في المناصب القيادية حتى توليه إدارة مكافحة المخدرات بالحرس الوطني بالقطاع الغربي برتبة عميد، إضافة إلى إشرافه على ملفات التوعية والوقاية والعلاج. ويمضي الكتاب في تتبع المراحل المختلفة لهذه التجربة، بدءًا من البدايات الأولى للعمل الميداني وتحديات المواجهة المباشرة مع شبكات التهريب، مرورًا بتجنيد المصادر والفجوة بين التصورات النظرية والواقع العملي، وصولًا إلى عرض قصص إنسانية وخطرة من قلب الميدان تكشف حجم المخاطر التي يواجهها رجل الأمن، وتؤكد أهمية إدراج التوعية بالمخدرات كمادة أساسية في مراكز التدريب العسكري. كما يتناول الكتاب العلاقة الوثيقة بين المخدرات والجريمة، ويقدّم إجابات مباشرة لأسئلة تمس كل أسرة، مثل سبل حماية الأبناء، وحقيقة الإدمان بين كونه مرضًا يحتاج إلى علاج أو جريمة تستوجب المحاسبة، مستعرضًا مسارات العلاج وإعادة التأهيل ودور الجهات المختصة في ذلك. ويختتم المؤلف تجربته بعرض مرحلة القيادة والاحترافية في مكافحة المخدرات، وطرح مبادرة وطنية وقائية تهدف إلى تحصين المجتمعات العسكرية، وضمان عدم تخرج أي عنصر متعاطٍ، وصولًا إلى بيئة عسكرية آمنة وخالية من المخدرات. ولم يكتفِ المؤلف بسرد الذكريات، بل عزّز كتابه بخلفيته الأكاديمية كحاصل على ماجستير إدارة أعمال بتقدير امتياز، وخبرته العملية في تقديم أكثر من 100 معرض ومحاضرة توعوية داخل القطاعات الأمنية وخارجها، إضافة إلى مشاركته في إعداد دراسات وأبحاث متخصصة تهدف إلى الحد من انتشار المخدرات وتعزيز الوعي المجتمعي. ويأتي هذا الإصدار ليشكّل إضافة نوعية للمكتبة الأمنية والتوعوية، ورسالة وطنية تؤكد أن مواجهة المخدرات مسؤولية مشتركة، تبدأ بالوعي ولا تنتهي عند الضبط، بل تمتد إلى الوقاية والعلاج وحماية الأجيال القادمة.