قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا بات قريبا، لكنه لم يفد بإحراز اختراق بشأن مسألة الأراضي المتنازع عليها بعد محادثات جديدة مع الرئيسين الأوكراني والروسي. وصرّح ترمب الذي تعهّد إنهاء النزاع في اليوم الأول من رئاسته التي بدأت قبل نحو عام، بأنه سيتضح في غضون أسابيع ما إذا كان ممكنا إنهاء الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص منذ فبراير 2022. وفي إطار جهود دبلوماسية مكثفة قبل حلول العام الجديد، استقبل ترمب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا حيث التقى الاثنان مع كبار مساعديهما إلى مائدة غداء، وذلك بعد يوم من شن روسيا هجمات جديدة كبيرة على مناطق سكنية في العاصمة كييف. وكما حدث عندما التقى زيلينسكي ترمب آخر مرة في أكتوبر، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا قبل ذلك بوقت قصير عبر الهاتف مع الرئيس الأميركي الذي أكّد أن موسكو "جادة" بشأن السلام رغم الهجوم الأخير. وبعد محادثاتهما، تحدث زيلينسكي وترمب هاتفيا بشكل مشترك مع قادة أوروبيين أبدوا قلقهم خصوصا من اتخاذ أي قرارات قد تشجع روسيا. وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين اجتماعا لحلفاء كييف في باريس مطلع يناير لمناقشة الضمانات الأمنية التي ستقدّم لأوكرانيا في إطار اتفاق سلام مع روسيا. وأعلن زيلينسكي أنه قد يعود مع القادة الأوروبيين لإجراء محادثات مع ترمب في واشنطن في يناير. ورغم تفاؤله المعلن، لم يقدم ترمب سوى القليل من التفاصيل حول التقدم الذي أشار إليه في المحادثات، بل أنه انحرف عن الموضوع واشتكى من سلفه جو بايدن الذي خصص مليارات الدولارات للدفاع عن أوكرانيا، كما تحدث عن علاقته الودية مع بوتين. وأقرّ ترمب باستمرار الخلاف بين كييف وموسكو بشأن الأراضي المتنازع عليها. وتقضي الخطة الحالية التي نُقّحت بعد أسابيع من المفاوضات الأميركية الأوكرانية المكثفة، بوقف الحرب على خطوط الجبهة الحالية في منطقة دونباس الشرقية، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح، فيما تطالب روسيا بتنازلات إقليمية. وقال ردا على سؤال بشأن منطقة دونباس "لم يأت الحل لكنه يقترب أكثر فأكثر. إنها مسألة شائكة جدا، لكنني أعتقد أنها ستحل". وعرض ترمب إلقاء كلمة أمام البرلمان الأوكراني للترويج للخطة، في اقتراح وإن كان مستبعدا، سارع زيلينسكي للترحيب به. وأبدى زيلينسكي انفتاحا على الخطة الأميركية المعدلة، ما يمثل اعتراف كييف الأكثر صراحة حتى الآن بتنازلات إقليمية محتملة، رغم أن ذلك سيحتاج إلى استفتاء يصوت عليه الأوكرانيون. وعلى النقيض من ذلك، لم تظهر روسيا أي علامات للتنازل، إذ ترى أملا في المكاسب التدريجية التي تحققها منذ أربع سنوات ضد الدفاعات الأوكرانية. وأعرب الرئيس الأميركي، الأحد عن اعتقاده بأنّ الرئيسين الأوكراني والروسي "جادان" بشأن السلام، وذلك أثناء لقائه زيلينسكي في فلوريدا، وبعد محادثة هاتفية مع بوتين، لمناقشة خطة سلام جديدة. وفيما أشار ترمب إلى أنّ الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا "وصلت إلى مراحلها النهائية"، أضاف أنّه ليس لديه موعد نهائي لهذه العملية. وردا على سؤال عمّا إذا كان بوتين ملتزما بالسلام رغم الهجمات التي ينفذها على أوكرانيا، قال ترمب أثناء لقائه زيلينسكي في مقر إقامته في مارالاغو "إنه جاد للغاية". ودعا الكرملين في بيان بشأن المحادثات بين بوتين وترمب كييف إلى اتخاذ "قرار شجاع" وسحب القوات فورا من دونباس، واصفا القادة الأوروبيين بأنهم العائق أمام السلام. وقال يوري أوشاكوف، المستشار الدبلوماسي للكرملين، إن "روسياوالولاياتالمتحدة متفقتان على وجهة النظر نفسها، وهي أنّ الاقتراح الأوكراني والأوروبي لوقف إطلاق النار مؤقتا.. لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد النزاع وإلى استئناف الأعمال العدائية". وسبق أن طرح مستشارو ترمب فكرة تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا شبيهة بضمانات حلف شمال الأطلسي، ما يعني من الناحية النظرية أن أعضاء الناتو سيردون عسكريا إذا شنت روسيا هجوما آخر. وقال زيلينسكي إن خطة السلام التي وضعها ترمب "تمت الموافقة عليها بنسبة 90%" وأن "الضمانات الأمنية بين الولاياتالمتحدةوأوكرانيا تمت الموافقة عليها بنسبة 100%". وأضاف أن الجانبين ما زالا يضعان اللمسات الأخيرة على "خطة الازدهار" لأوكرانيا بالإضافة إلى تسلسل الإجراءات المختلفة. وترفض روسيا بشدة انضمام هذه الجمهورية السوفياتية السابقة إلى الناتو. وعشية الاجتماع في فلوريدا، هاجمت موسكو كييف والمنطقة المحيطة بها بمئات المسيّرات وعشرات الصواريخ، ما أسفر عن مقتل شخصين وانقطاع التيار الكهربائي عن أكثر من مليون منزل. وقال بوتين السبت "إذا لم ترغب السلطات في كييف في تسوية هذه القضية سلميا، فسنحل كل المشكلات التي تواجهنا بالوسائل العسكرية". من جهتها قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عقب مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني والرئيس الأميركي وزعماء أوروبيين الأحد، إنه تم إحراز تقدم ملموس خلال المناقشات وشددت على ضرورة تقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا. وكتبت على منصة التواصل الاجتماعي إكس قائلة "أوروبا مستعدة لمواصلة العمل مع أوكرانيا وشركائنا الأميركيين لتعزيز هذا التقدم. ويُعد تقديم ضمانات أمنية قوية منذ البداية أمرا بالغ الأهمية في هذا المسعى".