يتجه صندوق الاستثمارات العامة السعودي لتعزيز استحواذاته على شركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مؤكّدًا استمراره في رصد الفرص الاستثمارية بالمنطقة عبر التعاون مع شركائه في القطاعين العام والخاص. نفذ الصندوق أكثر من 10 صفقات استثمارية في أسواق مصر والبحرين والأردن وسلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن شركات الاستثمار الإقليمية تلعب دورًا مهمًا في تمكين القطاع الخاص السعودي من التوسع إقليميًا، من خلال خلق فرص للتعاون الاقتصادي الاستراتيجي مع القطاع الخاص في الأسواق المستهدفة، إلى جانب دعم نمو الاقتصاد السعودي وتنويع مصادره. تتسم السياسة الاستثمارية للصندوق بالانفتاح على مختلف القطاعات في جميع الأسواق، مع الأخذ في الاعتبار المزايا التنافسية لكل سوق، ويستهدف الصندوق استثمارات نوعية تحقق عوائد مجزية ومستدامة، وفي الوقت ذاته تسهم في إحداث أثر اجتماعي واقتصادي إيجابي في الدول المستهدفة. وفيما يتعلق بالاقتصاد السعودي، تمثل السوق المحلية أولوية رئيسية لصندوق الاستثمارات العامة، لكون اقتصاد المملكة الأكبر في المنطقة، ويحرص الصندوق على توجيه الجزء الأكبر من استثماراته داخل السعودية، إلى جانب جذب الصناديق الاستثمارية العالمية إليها. وحول الشركات المستهدفة، سيتم الإعلان عن بعضها قريبًا، مع وضوح استراتيجية الصندوق في التركيز على شركات ذات معدلات نمو قوية، تخدم توجهات صندوق الاستثمارات العامة، وتتوافق مع مستهدفات رؤية السعودية 2030. في وقت، يستهدف صندوق الاستثمارات العامة السعودي بلوغ قيمة أصوله المدارة تريليون دولار قبل نهاية العام الحالي، بحسب محافظ الصندوق ياسر الرميان، الذي أكد "إننا قريبون جدًا جدًا من تحقيق هذا الهدف". وأضاف في أخر تصريحاته في "منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار" المنعقدة مؤخراً في الرياض، أن استراتيجية الصندوق الجديدة، التي سيتمّ إطلاقها قريبًا، ستركز على 6 محاور أساسية: السياحة والسفر والترفيه، والتطوير الحضري، والتصنيع المتقدم والابتكار، والصناعة واللوجستيات، والطاقة الجديدة والمتجددة، ومشروع "نيوم"، على أن تمتد هذه الاستراتيجية من 2026 حتى 2030. وقال الرميان إن هدف الاستراتيجية الجديدة الانتقال بالصندوق من مساهم رئيسي في بناء اقتصاد البلاد، إلى مستثمر مواءم مع الأهداف الوطنية ومُحسِّن للأصول. وفي أربعينيات القرن، يطمح لأن يصبح "مُنوّعًا للميزانية العمومية". في صعيد منفصل، تتجه المملكة العربية السعودية إلى تطوير منظومة حوكمة الرقابة على المال العام، عبر إنهاء العمل بنموذج «الممثل المالي» المعمول به منذ عقود، واستبداله بإطار رقابي حديث قائم على الحوكمة وتعدد أدوات الرقابة والتكامل مع الأنظمة الرقمية، وذلك بموجب نظام الرقابة المالية الصادر عن وزارة المالية والمنشور في الجريدة الرسمية. ويُحدث نظام الرقابة المالية الجديد تحولًا من نموذج رقابي إجرائي يركّز على إجازة الصرف المسبق، إلى منظومة شاملة لإدارة المخاطر وتعزيز النزاهة والانضباط المالي، مع تحميل الجهات الحكومية مسؤولية مباشرة عن سلامة وكفاءة عملياتها المالية. وبحسب النظام، تعتمد وزارة المالية أربعة أساليب للرقابة تشمل: الرقابة المباشرة، والرقابة الذاتية، والرقابة الرقمية، إضافة إلى رقابة التقارير، مع منح الوزارة صلاحية تحديد الأسلوب الأنسب لكل جهة حكومية أو الجمع بين أكثر من أسلوب، وفق مستوى المخاطر وفاعلية أنظمة الرقابة الداخلية لديها. ويهدف النظام الجديد إلى تعزيز الشفافية والمساءلة وحماية المال العام من خلال أدوات رقابية حديثة، كما يحدّد بوضوح أدوار وزارة المالية والمراقبين الماليين، ويحل محل نظام «الممثلين الماليين» السابق، مع وضع ضوابط للمخالفات والجزاءات المتعلقة بالرقابة المالية الحكومية. وكان النظام السابق يعتمد على وجود ممثل مالي داخل الجهة الحكومية يتولى إجازة الصرف ضمن إطار رقابي يدوي ومركزي محدود المرونة، في حين يُلغي النظام الجديد هذا النموذج بالكامل، ويعيد توزيع المسؤوليات بين وزارة المالية والجهات الحكومية، مع التأكيد على استقلالية المراقبين الماليين وتنظيم مهامهم وفق معايير مهنية واضحة. كما ينقل النظام التركيز من مجرد «ضبط الصرف» إلى تعزيز الحوكمة المالية الشاملة، وتكامل الأدوار مع الجهات الرقابية الأخرى، مثل الديوان العام للمحاسبة وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، بما يسهم في رفع كفاءة إدارة المال العام وتحقيق أعلى مستويات الانضباط والشفافية. إلى ذلك، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد السعودي نموًا بنسبة 4.5 % خلال العام الحالي، مع استمرار تحقيق الوتيرة نفسها في العام المقبل. وسجّل الاقتصاد السعودي في الربع الثالث من العام الجاري أعلى معدل نمو له منذ بداية 2025، مدعومًا بانتعاش قوي في الأنشطة النفطية هو الأسرع خلال ثلاث سنوات. وارتفع نمو الناتج المحلي إلى 4.8 % على أساس سنوي في الربع الثالث، مقارنة ب4.5 % في الربع الثاني و3.7 % في الربع الأول، وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء. يتزامن تحسن توقعات النمو مع عودة الزخم إلى النشاط النفطي في ظل زيادة إنتاج الخام، إلى جانب استمرار الأنشطة غير النفطية في لعب دور محوري في دعم الاقتصاد، بدفع من توسع قطاعات السياحة والضيافة والصناعة والخدمات. وتتوافق هذه التوقعات مع تقديرات الحكومة السعودية، حيث قدّرت وزارة المالية نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 4.4 % في 2025 و4.6 % في 2026، مدعومًا باتساع قاعدة الأنشطة غير النفطية واستمرار الاستثمارات في المشاريع الاستراتيجية. وتفوق تقديرات وزارة المالية توقعات البنك الدولي، الذي رفع تقديراته لنمو الاقتصاد السعودي في 2025 إلى 3.8 % مقارنة ب3.2 % في أكتوبر الماضي، كما يتوقع نموًا حقيقيًا بنسبة 4.3 % في عامي 2026 و2027، مدفوعًا بتعافي الأنشطة النفطية واستمرار نمو القطاعات غير النفطية. وتظهر التقديرات خفض توقعات التضخم للعام المقبل إلى 1.9 % مقابل 2.2% في التقديرات السابقة، مع توقع خبراء الاقتصاد تراجع أسعار الفائدة في المملكة بنحو 50 نقطة أساس بنهاية العام المقبل. وفي الإطار المالي، أقرت السعودية ميزانية توسعية لعام 2026 بنفقات تبلغ 1.31 تريليون ريال، بزيادة 2 % عن تقديرات 2025، بما يدعم النمو الاقتصادي ويعزز استمرارية تنفيذ المشاريع الحكومية والبرامج الاجتماعية، رغم تراجع أسعار النفط. وقدّرت الحكومة الإيرادات المتوقعة لعام 2026 بنحو 1.15 تريليون ريال، بانخفاض 3 % مقارنة بعام 2025، ما يضع العجز المالي عند 165 مليار ريال، أي ما يعادل 3.3 % من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل عجز مقداره 101 مليار ريال أو 2.3 % من الناتج في ميزانية 2025. وتستهدف السعودية خفض نسبة العجز إلى الناتج المحلي على المدى المتوسط، لتصل إلى 2.3 % في عام 2027 و2.2% في عام 2028. من جهتها، أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية أن 81 مصنعًا جديدًا دخلت حيّز الإنتاج خلال شهر أكتوبر، في وقت أصدرت فيه الوزارة 95 ترخيصًا صناعيًا جديدًا خلال الشهر ذاته. ووفقًا لتقرير المركز الوطني للمعلومات الصناعية والتعدينية التابع للوزارة، تجاوز حجم الاستثمارات المرتبطة بالتراخيص الصناعية الجديدة 2.4 مليار ريال، ومن المتوقع أن تسهم هذه المشاريع في توفير أكثر من 942 فرصة عمل في مختلف مناطق المملكة. وفي المقابل، بلغت قيمة الاستثمارات في المصانع التي بدأت الإنتاج فعليًا خلال أكتوبر نحو 1.3 مليار ريال، مع توقعات بتوفير نحو 1922 وظيفة جديدة، ما يعكس استمرار توسع القاعدة الصناعية في السعودية وارتفاع وتيرة انتقال المصانع من مرحلة الترخيص إلى مرحلة التشغيل الفعلي. في سياق منفصل، يعمل صندوق الفعاليات الاستثماري السعودي على تطوير 20 مشروعًا في مدينتي الرياضوجدة، باستثمارات تُقدَّر بنحو 8 مليارات ريال خلال السنوات الخمس المقبلة، وتشمل المشاريع مراكز مؤتمرات ومعارض، وأرينا مغلقة، وميادين للرماية والفروسية، إلى جانب معارض فنية، وسيجري تنفيذها بالشراكة مع القطاع الخاص. ومن أبرز المشاريع المعلَن عنها ميدان الرماية في منطقة القدية، بتكلفة 491 مليون ريال وعلى مساحة 450 ألف متر مربع، مع توقع تحقيق عائد استثماري يبلغ 9 %. ومن المتوقع أن تسهم هذه المشاريع في إضافة أكثر من 20 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير نحو 15 ألف وظيفة، وسيكتمل 13 مشروعًا منها بحلول عام 2028، فيما يُنتظر الانتهاء من بقية المشاريع في عام 2030. في جدة، تم الإعلان عن تدشين أكبر مركز تسوق مفتوح في الشرق الأوسط بمدينة جدة، بتكلفة استثمارية تبلغ 1.7 مليار ريال، وعلى مساحة أرض تصل إلى 750 ألف متر مربع، منها 420 ألف متر مربع مساحة تأجيرية، بحسب رئيس مجلس إدارة شركة أزاد العقارية محمد إقبال. وأوضح إقبال أن المشروع يضم نحو 3500 متجر موزعة على 114 مبنى، ويشمل قطاعات متنوعة للترفيه والمطاعم والسينما والرياضة، إضافة إلى فندق يُتوقع افتتاحه في منتصف عام 2026. وتوقع أن تتراوح مبيعات المول بين 3 و4 مليارات ريال خلال العامين المقبلين، في ظل وصول نسبة التأجير الحالية إلى 91 %، مع توقع اكتمال المشروع بحلول منتصف 2026. وبيّن أن المحفظة الاستثمارية لشركة أزاد العقارية تُقدَّر بنحو 4 مليارات ريال، مع توقع ارتفاعها إلى 7 مليارات ريال بحلول عام 2030، مدعومة بإطلاق مشاريع جديدة في مدن أخرى بالمملكة. من جانب أخر، أعلن مركز الإسناد والتصفية «إنفاذ» إشرافه على تنظيم 78 مزادًا لبيع 1022 أصلًا عقاريًا متنوعًا خلال الفترة من 15 إلى 31 ديسمبر الجاري، تشمل عقارات سكنية وتجارية وزراعية موزعة على مختلف مناطق المملكة. وتصدّرت منطقة الرياض قائمة المناطق بعدد 21 مزادًا لعرض 311 عقارًا، تلتها منطقة مكةالمكرمة ب 18 مزادًا تشمل 296 عقارًا، ثم المنطقة الشرقية ب11 مزادًا تضم 119 عقارًا. كما تُقام 4 مزادات في المدينةالمنورة لعرض 80 عقارًا، وفي منطقة عسير لبيع 43 عقارًا، وجازان ب 33 عقارًا. وتشهد منطقة القصيم 3 مزادات لعرض 49 عقارًا، وحائل لبيع 27 عقارًا، وتبوك لعرض 14 عقارًا، والجوف لبيع 35 عقارًا. فيما تُنظَّم مزادان في منطقة الباحة لعرض 6 عقارات، ومزاد واحد في نجران لبيع 5 عقارات، إضافة إلى مزاد في المنطقة الشمالية لعرض 4 عقارات.