في مسلسل «حالات نادرة» الذي يعرض حالياً على منصة شاهد، تبرز شخصية جود السفياني كأحد أكثر الأدوار عمقاً وإثارة للانتباه، نظراً لما تحمله من تباينات نفسية وتحوّلات إنسانية مؤلمة، جود ليست مجرد شخصية درامية، بل مرآة لواقع تعيشه الكثير من الفتيات خلف ستار الصمت، حيث تتقاطع مشاعر الخوف، والبحث عن الذات، والرغبة في النجاة. في هذا اللقاء الخاص، نقترب أكثر من كواليس تجسيد هذه الشخصية، ونكشف التحديات النفسية والفنية التي رافقت جود السفياني خلال بنائها، إضافة إلى الرسائل التي حملتها إلى المشاهدين من خلال تقديمها دوراً مزدوجاً يجمع بين الإبنة يارا والعمة سارة، فإلى الحوار. * في البداية، ما الدور الذي تقدمينه في مسلسل حالات نادرة ؟ * أقدّم دورين مركبين ومعقدين في آن واحد حيث أؤدي شخصية يارا وهي ابنة الدكتور خالد وعليا التي تتمتع بدلال ومحبة من العائلة، والعمّة سارة التي تعيش مأساة نفسية كبيرة حيث فقدت القدرة على النطق نتيجة صدمة تعرضت لها. ومن خلال هاتين الشخصيتين، تبرز مجموعة من التناقضات العائلية العميقة، تسهم في الكشف عن أسرار الماضي وطبيعة العلاقات المعقّدة داخل الأسرة. * ما التأثير النفسي الذي تركه عليك تصوير المشاهد في المسلسل؟ * في الحقيقة، مررت بتأثير نفسي عميق، خصوصاً مع مشاهد شخصية العمّة سارة. فالشخصية تعيش عنفاً وصمتاً وخوفاً مكبوتاً، وهذه المشاعر لا تغادر بسهولة. كنت أعود إلى المنزل وأحتاج وقتاً طويلاً للانفصال عنها، خاصة أن سارة تكاد لا تتحدث، ما يعني أن التعبير كان معتمداً على العيون والتنفس والحركة فقط. وهذا النوع من الأداء يثقل الممثّل لأنه يعتمد على المشاعر الداخلية بشكل كبير. ومع ذلك، أشعر أن التجربة قوّتني ومنحتني تقديراً أكبر لمعنى الأمان ولنعمة امتلاك صوت نعبّر به عن أنفسنا. * ما صعوبة تجسيد دور مزدوج في عمل واحد؟ وأين يكمن التحدي تحديداً؟ * الدور المزدوج مرهق جداً، لأنك فعلياً تعيشين عالمين مختلفين في الوقت نفسه. التحدي الأكبر كان في خلق شخصية مستقلة لكل دور: أسلوب كلام، نظرات، حركة، وتفاصيل تميّز كل واحدة عن الأخرى، بحيث لا يختلط الأمر على المشاهد. الهدف أن يصدق الجمهور أنهما شخصيتان مختلفتان تماماً رغم أنهما بملامح واحدة. وهذا الأمر تطلّب مني تركيزاً مضاعفاً وعناية كبيرة في كل تفصيلة صغيرة. * أي مشهد تطلّب منك جهداً كبيراً وتعتبرينه الأبرز في أدائك؟ * أصعب مشهد بالنسبة لي كان لحظة انهيار سارة قبل قرارها بالانتحار، لأنه يعتمد على مزيج من الخوف واليأس والصدمة، دون أي صراخ أو كلمات. كل الأداء كان داخلياً وصامتاً تقريباً. هذا المشهد استنزفني نفسياً، لكنه من أقرب المشاهد إلى قلبي، وأعتبره من أهم اللحظات التي قدّمتها في المسلسل. * بين يارا الابنة المدللة وسارة العمة المعنّفة، ما الرسالة التي تقفين خلف هاتين الشخصيتين؟ * الرسالة أن الحياة ليست عادلة دائماً، ففي البيت نفسه قد نجد شخصاً يعيش الراحة والدلال والأمان، وفي الزاوية الأخرى شخصاً يعاني ألماً كبيراً في صمت لا يشعر به أحد. يارا تمثل البراءة والسهولة، بينما تجسّد سارة ظلماً يختبئ خلف الأبواب المغلقة. ومن خلال الشخصيتين أردت إيصال فكرةألا وهي: "لا تحكموا على حياة أحد من ظاهرها، فربما يحتاج من حولكم كلمة، حضناً، أو مجرد شخص يسمع". يذكر أن مسلسل حالات نادرة الذي يعرض حالياً على منصة شاهد يتألف من 10 حلقات ويجمع بين عدة قصص نادرة في عمل واحد، حيث يمزج بين الدراما النفسية والتشويقية لاستكشاف الأعماق الإنسانية ومعالجة تأثيرات الاضطرابات النفسية على الأفراد. جود السفياني