جاءت زيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، للولايات المتحدةالأمريكية في 18 فبراير 2025 في مرحلة دقيقة يشهد فيها الشرق الأوسط تحديات متشابكة وظروفًا سياسية حساسة، وبالنظر إلى مكانة المملكة العربية السعودية وثقلها الدولي والإقليمي، فإنها تبقى -بعد توفيق الله- الأكثر قدرة على الدفع نحو استقرار الشعوب ولمّ شمل العرب والمسلمين. هذه هي السعودية العُظمى، وهذا رمزها العظيم الأمير محمد بن سلمان. زيارةٌ إلى دولة كبرى أعرب رئيسها دونالد ترمب في ولايته الأولى عن تقديره الكبير لشخص سمو ولي العهد خلال زيارته السابقة للمملكة. واليوم، أن تكون السعودية أول دولة في العالم تقوم بزيارة رسمية لواشنطن في الولاية الثانية لترمب، فذلك مؤشر واضح على حجم الحضور السعودي في معادلة القرار الدولي، وعلى الثقل الاستراتيجي الذي تمثّله المملكة في ملفات الطاقة والاقتصاد والأمن الإقليمي. إنها زيارة تحمل رسالة واضحة: الرياض لا تترقب الأحداث بل تصنعها، وهي تمضي بثقة لإعادة ترتيب أولويات المنطقة على أسس من الواقعية والندية والشراكة الفاعلة. على مدى السنوات الماضية، قاد سمو ولي العهد تحركًا سعوديًا استراتيجيًا لإعادة صياغة منظومة الاستقرار الإقليمي برؤية تتجاوز حدود الجغرافيا نحو مفهوم الأمن الشامل. وتأتي زيارته اليوم لواشنطن كتجسيد عملي لهذا الدور المتنامي، فملفات إيران ولبنان وفلسطين تُدار في الفكر السعودي برؤية متكاملة ترى أن استقرار المنطقة لن يتحقق ما لم تتراجع سياسات الفوضى، وينتهي زمن الميليشيات، ويستعيد العرب موقفهم الموحد تجاه قضيتهم المركزية "فلسطين". ولا يمكن قراءة هذه الزيارة بمعزل عن التطورات المتسارعة في المنطقة، فقد أصبحت المملكة الطرف الأكثر توازنًا في التعامل مع الأزمات الممتدة من اليمن إلى غزة، مرورًا بلبنان والعراق، وبفضل الدبلوماسية السعودية القائمة على الحوار دون تنازل، والانفتاح دون تفريط، استطاعت الرياض فرض معادلتها الواضحة: الأمن مقابل التنمية، والسيادة مقابل الاحترام المتبادل. إنها السعودية العُظمى.. وطن الرسالة والدور والحضور التاريخي المتجدد. حفظ الله سمو ولي العهد في حلّه وترحاله، وأن يعود إلى الوطن سالمًا محاطًا بعناية الله وتوفيقه.