إسماعيل إبراهيم السماعيل: الموسى مثقف شامل يضرب في كل نوع ثقافي بسهم عبدالمحسن أبا حسين: الموسى فنان تشكيلي وخطاط فذ في محافظة شقراء وبالتحديد فى مدينة أشيقر ثمة متحف تراثي يضم ما يقارب 3000 قطعة أثرية، بدأ صاحبه الفنان التشكيلي عبدالمحسن بن عبدالله بن محمد الموسى يجمعها منذ عام 1410ه، ولديه قطع تعود إلى مئات السنين، كما يميز متحفه مدونات تم كتابتها على الخشب عن طريق الحرق بطريقة إبداعية فنية، وتحتوي هذه المدونات على معلومات تراثية عن البلد والفلك والأحداث القديمة وعن تاريخ المملكة. والموسى متخصص في فن يندر فيه الفنانون وهو الرسم على العصي بالحرق، ومن أعماله المميزة في هذا المجال تدوين النقوش النجدية وحفرها على الأحجار وكتابة الكثير من الآيات على الأحجار بالخط المدني القديم، وكذلك نقش الكثير من العصي، ومن أشهر ما تم نقشه على العصي وكتابته (وصية صبيح) حيث كتبت على عصا خاصة بطريقة (الحرق)، وكذلك عصا (يوم التأسيس)، وعصا ورسوم (وسوم أسر أشيقر)، وعصا النباتات البرية، وعصا (أسماء الله الحسنى)، وعصا (الطوالع)، وعصي الأحداث القديمة في نجد وبعض بلدان الجزيرة العربية. من المرحلة الابتدائية بدأت المسيرة وترجع بدايته الفنية إلى المرحلة الإبتدائية بأشيقر، ويقول عنها: «كنا نجلب الحجر الرملي من شرق أشيقر ونقوم نحن الطلبة بنحته في درس الرسم على هيئة سيارات وأحواض وما شابه ذلك. وقد أجدت فن الرسم بالأقلام الملونة في تلك المرحلة، كما كنت حسن الخط إضافة إلى الرسم، حيث أقوم بعمل صحف الحائط قديماً وخط عناوينها ورسم الخرائط لمن يحتاج ذلك من الأقارب وغيرهم من الطلبة»، ويكمل القصه بقوله: «في نادي أشيقر الرياضي مارست الرسم والنحت وكانت أعمالي تعرض في معارض الفنون التشكيلية التي تنظمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب ممثلة بمكتب شقراء أنا وبعض زملاء المهنة من أشيقر مثل الأستاذ عبدالمحسن محمد أبا حسين والأستاذ عبدالرحمن محمد الرزيزاء والأستاذ إبراهيم أبا حسين والأستاذ عثمان الخراشي وغيرهم، حيث عرضت أعمالنا الفنية في شقراء وأشيقر والدوادمي والرياض». فن يحتاج إلى الصبر ويقول عن فنه: «إن الكتابة على العصي بطريقة الحرق تحتاج الصبر والدقة المتناهية في العمل والهواية، فبعض العصي يستغرق عملها أسبوعين وبعضها ثلاثة أسابيع، ولا بد قبل الكتابة من التخطيط السليم لمواضع الجمل والحروف والعناوين بحيث تتناسب مع حجم العصا مع استخدام المرسام في التخطيط والكتابة قبل عملية الحرق، وبعد الانتهاء يتم مراجعة العمل وتدقيقه، وعند الانتهاء منه يتم عرضه في المتحف»، ويقول الموسى إنه «أهدى الكثير من أعماله للأقارب والأصدقاء بما يزيد على 70 عملاً فنياً، وإنه يجد المتعة عندما ينجز أي عمل فني خاصة إذا كان العمل شاقاً، خاصة أن هذه الأعمال وقودها الصبر والعزيمة والهواية ودقة العمل، وعند توفر هذه العناصر يتحقق المستحيل -بإذن الله تعالى-»، وكما أسلفنا عن الهوايات لدى الموسى فهو بارع في علم الفلك منذ أربعين سنة، ولديه علاقة وثيقة وصداقة قديمة مع الأستاذ الدكتور خالد الزعاق يقول عنها: «الأستاذ الدكتور خالد من أصدقائي القدامى ونشترك في الهواية وذلك برصد الظواهر الفلكية من مراصدنا في أشيقر والقصيم مثل رصد الخسوف والكسوف والمذنبات والمجرات وعبور الكواكب للشمس وكثيراً ما يأتي الدكتور إليّ بأشيقر ويمكث يومين عندي أو ثلاثة حسب ظروفه ونقوم بجولات في أنحاء أشيقر وجبالها ووديانها حيث نستفيد من تلك الجولات من جميع النواحي مع توثيق تلك الجولات». كما أن للموسى علاقة وثيقه مع الأستاذ عبدالعزيز محمد الحصيني، محلل الطقس، يقول عنها: «الأستاذ عبدالعزيز من أحبتي وأصدقائي القدامى، ونشترك أيضاً في هواية تحليل الطقس ومتابعة ومطاردة السحب منذ القدم، فقد كنا قديماً نستخدم الراديو الروسي لتحديد جهة البرق ونبشر بذلك، وقد كان الأستاذ عبدالعزيز مرجعاً موثوقاً في تحديد السحب واتجاهها قبل المواقع الفلكية ومواقع الطقس، حيث نتبادل المعلومات ونتجول في البراري الممطورة وننقل أخبارها للآخرين عن طريق الهاتف الثابت». وكما أن الأستاذ الموسى بارع في الخط، فهو الآن عاكف على كتابة (المصحف)، وأثناء زيارتي له كان أنهى ثلثي المصحف كتابة بخط النسخ، ويعمل الآن في الثلث الأخير منه. مثقف شامل إسماعيل إبراهيم السماعيل: «الموسى يسلك طريقا لم يسبقه إليه فنان في مضماره»، ويقول عنه الأستاذ إسماعيل: «لعل ما يميز الفنان عبدالمحسن الموسى عن أقرانه من مثقفي المحافظة أنه مثقف شامل يضرب في كل نوع ثقافي بسهم وله جهد لا تخطئه العين في كل أنواع المعرفة السائدة في المجتمع، فهو فلكي وشاعر وكاتب وأديب وفنان تشكيلي ومهتم بالآثار، ولعل أبرز صفة فيه من خلال تلك الثقافات المتنوعة أنه فنان تشكيلي يسلك طريقاً لم أعرف أن هناك فناناً سبقه في مضماره فهو لا يقوم بالرسم على ورق الجلد بواسطة الريشة والألوان ولكنه اختط طريقاً لا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يسلكه، فهو يمارس فنه بالحفر والتدوين على العصا عن طريق الإحراق بالنار مع تشكيل اللوحة بخطوط جمالية من مثلثات ومربعات ومتوازيات وخطوط مستقيمة جعلت منه الفنان المتفرد في هذا المجال، ولعل ما يميزه أيضاً أنه اكتسب هذه الموهبة الراقية عن طريق تعليم نفسه بنفسه، فهو لم يدرس فنه في معهد ولا كلية فنية ولكنه درس فنه من خلال تأمله في مسيرة الكون من حوله من شروق شمس وغياب قمر ولمعان نجم وجريان الأودية وزهور الصحراء أيام الربيع، وكذلك إلمامه البارع بجميع اتجاهات الحياة الاجتماعية في مجتمعه». خطاط فذ ومن جانبه يعلق خبير التراث العمراني النجدي عبدالمحسن أبا حسين على أعمال الموسى وشخصيته الفنية فيقول: «يعتبر عبدالمحسن بن عبدالله الموسى رجلاً متميزاً في كثير من الفنون منها التصوير والنحت والرسم والفلك والشعر والكتابة وجمع التراث وتنظيم المتاحف والاهتمام بالقطع الأثرية النادرة، فهو يمتلك متحفاً متميزاً عن أقرانه من المتاحف الموجودة في منطقة الوشم، حيث يحتفظ فيه بمقتنيات نادرة الوجود ومنها المنحوتات والأواني القديمة وأدوات الزراعة بأنواعها والصخور المنحوته والكتابة عليها، وهذا يندر أن تراه في كثير من المتاحف، لكونه فناناً تشكيلياً وخطاطاً فذًا على الخشب والنقوش على الصخر والكتابة عليها، وله تجارب في الكتابة على العصي الخشبية بخط رائع جميل يستحق الاقتناء والعرض في أكبر المعارض الفنية وله في الشعر وفنونه إبداعات أخرى فله قصائد كثيرة ورائعة تستحق النشر، وله في علم الفلك فن آخر، فهو يعرف طوالع النجوم وأحوال الطقس، وله تميز في هذه الفنون وكذلك الرسم التراثي على اللوحات الرائعة بألوان الزيت وإبداع ليس له نظير».