تحت هذا العنوان سوف نستعرض بعض دواوين شعراء القرن الماضي، التي جمعها المهتمون بالشعر الشعبي، أو التي جمعها أبناؤهم أو أحفادهم، أو ما أشرف عليه الشعراء أنفسهم، وذلك بعرض نماذج من قصائد الرعيل الأول في مجال الشعر الشعبي، وفي هذا العدد سوف نستعرض الديوان الكامل للأمير محمد الأحمد السديري الطبعة الأولى 1436ه والذي صدر بمجلد فاخر ب478 صفحة تحت إشراف ابنه يزيد محمد الأحمد السديري وجاءت المقدمة بقلمه حيث كتب: كثيراً ما سألني الشعراء ومتذوقو الشعر ومحبو الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري - رحمه الله - عن ديوانه، آملين أن يروه منشوراً بشكل كامل، وقد كانت هذه الفكرة تراودني بين حين وآخر، وحرصت على تنفيذها إلا أن تفرق أشعاره بين أوراقه المخطوطة وأشرطته الصوتية والدواوين المطبوعة، عدا عن المحفوظ في صدور الرواة جعلني أتأنى في نشر الديوان. لكن أمام الإلحاح والحرص الذي لمسته منهم، ووفاء لشاعرنا الراحل كان لزاماً علي أن أقوم بذلك، فتعاونت مع أخي الأستاذ سليمان بن محمد الحديثي على هذا العمل. وسيجد القارئ الكريم في هذه الطبعة للديوان قصائد عديدة للشاعر تنشر لأول مرة، كما سيجد قصائد أخرى تنشر كاملة ومصححة، كما حرصنا على شرح بعض الألفاظ المستغلقة، والتعريف بالشخصيات الواردة في شعره. آمل أن تكون هذه الطبعة كاملة وشاملة لكل القصائد المتاح نشرها، وأن تحوز على رضا القارئ الكريم وعشاق شعر الوالد محمد الأحمد السديري - رحمه الله-.. وبالله التوفيق. وقام الباحث سليمان الحديثي بتحقيق الديوان حيث كتب مقدمته بقوله: يعد الأمير محمد الأحمد السديري في الطبقة الأولى من شعراء النبط عبر تاريخ الشعر النبطي، ولعله الرمز الأبرز لهذا الشعر في عصره، والأكثر ذيوعاً وانتشارا وجماهيرية بين أقرانه. وقد تعددت أغراض شعره في أبواب مختلفة كالحكمة والغزل والإخوانيات والرثاء والفخر والحماسة والمساجلات وغيرها، وبرز فيها جميعاً إلا أنه في الحكمة جاوز القنطرة وتفوّق بشكل واضح، فأغلب روائع شعره الخالدة كانت في هذا الباب، وهذا ما يجعل لديوانه قيمة كبيرة. ونظراً لنقص الطبعات السابقة من ديوان الشاعر، إذ خلت تماماً من قصائد كثيرة وهامة، كما إن هناك نقصاً وعدم دقة في بعض القصائد المنشورة، فقد كانت الحاجة ماسة إلى طبعة جديدة تتلافى هذه الملاحظات، وهذا ما اتفقنا وتعاونا عليه أنا وابن الشاعر الأخ النبيل يزيد بن محمد السديري، الذي بذل في جمع القصائد من أوراق والده وأشرطته الصوتية ومن أصدقائه وجلسائه ثم مراجعة هذه الطبعة جهداً كبيراً، إضافة إلى اقتراحاته الهامة، وكانت اللقاءات والاتصالات بيننا مستمرة طيلة عام كامل، حرصاً منا كلينا على دقة العمل وخلوه قدر الإمكان من الأخطاء. وقد اعتمدت هذه الطبعة على الآتي: 1 - قصائد بصوت الشاعر مسجلة في عدة أشرطة صوتية. 2 - قصائد بخط الشاعر متفرقة في عدة دفاتر وأوراق. 3 - دفتر يحتوي على مجموعة كبيرة من قصائد الشاعر جمعها خلال سنوات عديدة ابنه الأخ يزيد بن محمد السديري. 4 - أبيات وشوارد حفظها عن الشاعر بعض أولاده وجلسائه. 5 - الطبعات السابقة. وقد خلت هذه الطبعة من ملاحم الشاعر: ملحمة عكاظ، والملحمة الزايدية والملحمة الشعبية، نظراً لأن الشاعر طبعها مستقلة أثناء حياته، وهي متوفرة في المكتبات لمن أراد الاطلاع عليها، كما خلت من الأشعار الواردة في روايته الدمعة الحمراء للسبب السابق. وجاء القسم الخاص بالمساجلات كبيراً في ديوانه، إذ مما تميز به الشاعر حرصه على مساجلة الشعراء تقديراً منه لشاعرية بعضهم وتشجيعاً للبعض الآخر، فقد ساجل شعراء كانوا حينها في بداياتهم الشعرية لم يبرزوا في عالم الشعر، ولم يشتهروا في المجتمع وهذه لفتة لطيفة منه فيها دعم وتشجيع كبير وحث لهم على مواصلة المسيرة في نظم الشعر. آمل أن يكون هذا الديوان شاملاً لكل قصائد الشاعر الأمير محمد الأحمد السديري، وأن يحوز على رضا وإعجاب القراء الكرام. وبالله التوفيق وعليه الاعتماد والتكلان. وجاءت صفحة تعريفية بالشاعر: هو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الأول بن محمد بن تركي بن محمد بن سليمان السديري من السدارا، من البدارين من آل زايد من الدواسر، ولد سنة 1334ه. تقريباً في الأفلاج حيث كان والده أميراً عليها، وعاش مع والده بعد ذلك في مدينة الغاط، وتعلّم في كتابها، حيث درس على معلم من أهل القصيم هو عبدالله الحصين، ثم طور ثقافته بنفسه من خلال مجالسته لأهل العلم والرواة الذين كانوا يرتادون مجلس والده. ولمع نجمه منذ سنوات شبابه الأولى، وبرزت فيه المواهب القيادية، ما جعله موضع ثقة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - فعينه أميراً على الجوف سنة 1357 ه لمدة سبع سنوات، ثم أميراً على جازان لمدة أربع سنوات، ثم قائداً لقوات المجاهدين من أجل فلسطين لمدة عامين، ثم محافظاً على منطقة خط الأنابيب في الحدود الشمالية، واستمر فيها سبع سنوات. تفرغ بعدها لأعماله وشؤونه الخاصة، ثم اختير ليكون مشرفاً على الحدود الجنوبية بمنطقة جازان من عام 1382 ه حتى عام 1389 ه . وخلال عمله كان له دور كبير في الأحداث التي دارت آنذاك. بعد ذلك تفرغ لشؤونه الخاصة، متنقلاً بين بيوته في الطائفوالقصيم، وكان يكثر الإقامة في مزرعته منيفة بالقصيم، وهذه المزرعة أحبها كثيراً، واعتنى بها عناية خاصة، وأوصى أن يدفن بها، فكان ذلك. توفي - رحمه الله - صباح يوم الأحد آخر أيام شهر صفر من عام 1399ه. وقد فصل سيرته الأستاذ حسين عبد الحميد بديوي في كتابه محمد بن أحمد السديري أميراً وشاعراً، والأستاذ أحمد العرف في كتابه: الأمير محمد بن أحمد السديري: حياته وأعماله، فمن أراد الاستزادة فليرجع إلى الكتابين المذكورين. ثم جاء تعريف بمؤلفاته: للأمير الشاعر محمد الأحمد السديري عدة مؤلفات، طبع أغلبها، وهي: 1- أبطال من الصحراء، وهو أول كتاب يؤلف في مجاله، ويقع في جزئين، طبع منه الجزء الأول في حياة المؤلف، وقد أورد فيه قصة خمسة فرسان شعراء، أما الجزء الثاني فلم يطبع حتى الآن. وقد أصبح كتاب أبطال من الصحراء مرجعاً هاماً لكثير من الباحثين منذ صدوره، نظراً لتضمنه . على معلومات وأشعار تنشر لأول مرة. 2- الدمعة الحمراء، قصة تحكي جزءا من واقع الحياة البدوية في الماضي، وهي كما ذكر الشيخ عبد الله بن خميس أول نموذج يمثل جانباً من حياة البادية في قلب جزيرة العرب على حقيقته. 3 - الحداوي: هكذا يقول الأجداد على صهوات الجياد، ويقع في مجلدين، وهو أول وأهم كتاب في مجاله، ونشر هذا الكتاب عام 1430 ه بتحقيق سليمان بن محمد الحديثي. 4 - الملحمة الشعبية، قصيدة سياسية مطولة تبلغ 131 بيتاً مطلعها: يا الله يا خالق جميع اشكالها يا مقدر ارزاقها وآجالها 5 - الملحمة الزايدية، قصيدة مطولة في الحكمة، وفي الفخر بأفعال آل زايد خصوصاً والدواسر عموماً، وتبلغ 158 بيتاً، ومطلعها: عفا الله عن قلب يزيد عناه وداعي غرامه للغرام دعاه 6 - ملحمة عكاظ، قصيدة مطولة تبلغ 194 بتا، يفتخر فيها بتاريخ العرب والصحابة والملك عبد العزيز، ثم يحث أبناء العرب على الدفاع عن فلسطين ومطلعها: غنت الورقا على خضر الغصون واسهرتني والزواهر ساريات 7 - الديوان. 8 - مرويات الأمير محمد الأحمد السديري، وتتضمن قصصاً وأخباراً وقصائد بعضها ينشر لأول مرة جمعها وعلق عليها سليمان بن محمد الحديثي من أشرطة بصوت الشاعر ومن أوراقه وخطه، وقد صدر الجزء الأول من المرويات عام 1434ه. وقد تم تقسيم الديوان إلى: الحكمة- الحماسيات - الرثاء - النحديات - الغزل - الاخوانيات- الشوارد - المساجلات. وسوف نقتبس من بعضها بضع ابيات منها قوله في الحكمة: درب النقاء بين ولك فيه مدخال ومن باق ماله عند ربه مقاضيب وليا رضا حلال عسرات الأقفال لا تلتفت للخلق لوهم مغاضيب لا تلتفت للخلق راحل ونزال مالك على ذرية آدم مطاليب في الحماسيات: يا هل العوجاء فخركم جديد مابلى مركزه في راس عيطا ولا احد نالها ياغزال الريم يابو ثمان ذبلا اعشقي قرم يروي لبيض سلالهل ومن النحديات قوله: إن كان عذروبي حبي لأهل نجد احبها واحب شمة هواها احبها يوم انها ديرة المجد دار تمكن بالضماير غلاها ومن باب الغزل: الله من قلب يزيدارتهاجه يلعب به الهاجوس من كل فجي كنه على موج البحر فوق ساجه بعواصفٍ منها البحر مستلجي الدمع من عيني يزيد انزعاجه يشدي هماليل السحاب المحجي على عشيرٍ صار للقلب حاجه متولعٍ به عنه عيا يسجي وقولة: قالو تتوب وقلت بالطرف مصيوب والله ماتوب وصافي الخد ماتاب قالوا تحملت المواثيم وذنوب قلت الذنوب لها موازين وحساب قالوا ترى مايفعل العبد مكتوب قلت افهم الي تذكرونه يالاصحاب قالوا جهلت وعقلك اليوم منهوب وكشفت سرك بين ربعك والاجناب وقوله: حل الرحيل وفرقوا شمل الاحباب ناس على فرقا الاحبه مغاليل غدى لهم مع طلعة الشمس ضبضاب وسالت دموع العين مثل الهمايل وقفت اراعي سيد تلعات الارقاب واغضي وهو يغضي بسود مظاليل بشفاه يظهر ما تخفى بالالباب وبشفاي أفصل له عن الحال تفصيل كان بودنا أن نستمر في عرض الدرر المنثوره في هذا الديوان ولكن المساحة لا تكفي ولو خصصنا أضعاف المساحة فإنه يصعب المرور على أشهر ما قاله رحمه الله من قصائد وأبيات فهناك قصائد كثر تحتاج إلى دراسة وتحليل ولا يمكن تجاوزها كمثال قصيدتة التي مطلعها: يقول من عدّا على راس عالي رجم طويل يدهله كل قرناس أو قوله: إن صار زود المال بيدين الانذال حنّا من المعروف تندا يدينا.. محمد السديري في مزرعتة بالخفيات 1975م الأمير الفارس محمد الأحمد السديري