مفهوم الدفاع الجوي متعدد الطبقات يقصد بالدفاع الجوي متعدد الطبقات (Multi-Layered Air Defense) هي أساليب دفاعية ونظاما متكاملا يشبه بخطوط دفاع متتالية من عدة طبقات دفاعية مترابطة في السماء، تعمل معا في انسجام تام لاعتراض وتدمير الأهداف المعادية قبل وصولها إلى أهدافها النهائية. تعتمد المنهجية الأساسية لهذا الأسلوب على مبدأ التداخل الدفاعي، حيث تغطي كل طبقة نطاقا محددا من المسافات والارتفاعات، مما يجعل سلسلة من الحواجز المتعاقبة في وجه التهديدات الجوية. فإذا اخترقت الطائرة أو الصاروخ المعادي إحدى هذه الطبقات، فإنها تواجه طبقة أخرى، مما يزيد بشكل كبير من احتمالات التصدي لها قبل أن يصل إلى نقطة هدفه. الفلسفة الاستراتيجية لهذا المفهوم (تنويع الأسلحة) وكما تقول العرب (لا تضع البيض في سلة واحدة) تعتمد الفلسفة الأساسية لهذا المفهوم على مبدأين: 1. التكامل (Integration) دمج قدرات أنظمة مختلفة بحيث تعمل ككل بطريقة موحدة، حيث تقوم أجهزة الاستشعار والرادارات الخاصة بكل نظام بمشاركة البيانات كصورة جوية مشتركة ومتكاملة. 2. التداخل (Overlap) ضمان تداخل نطاقات التغطية للأنظمة المختلفة لسد الثغرات ومنع أي متسلل من العبور من خلال منطقة ميتة في الدفاع. مكونات وطبقات النظام الدفاعي المتعدد: 1. طبقة الدفاع بعيدة المدى الهدف اعتراض التهديدات على مسافات كبيرة جدًا بعيدًا عن الحدود أو المناطق المحمية. المكونات أنظمة صواريخ (أرض-جو بعيدة المدى (مثل نظام إس-400 الروسي أو نظام ثاد الأمريكي. (تقوم هذه الأنظمة باستهداف الطائرات، والصواريخ الباليستية في منتصف مسارها). المميزات توفير مسافة أمان، وإرباك للخصم بالتعامل وتدمير أهدافه الجوية المختلفة قبل وصولها لمنطقة الاستهداف. 1. طبقة الدفاع متوسطة المدى الهدف التصدي للتهديدات التي تمكنت من اختراق الطبقة الخارجية، مثل الطائرات المقاتلة، وصواريخ كروز، والطائرات بدون طيار. المكونات أنظمة صواريخ متوسطة المدى مثال أنظمة (باتريوت، إس-300). المميزات تشكل الحاجز الثاني وتوفر دفاعًا إقليميًا حول المناطق الاستراتيجية. 1. طبقة الدفاع قصيرة المدى الهدف إسناد وحماية الأهداف عالية القيمة في المرحلة الأخيرة (مثل القيادات، المطارات، المنشآت النووية) من التهديدات المتبقية التي اخترقت الطبقتين السابقتين. المكونات أنظمة الدفاع الجوي القصير المدى جدًا (SHORAD) مثل (أنظمة المدفعية المضادة للطائرات أو الرشاشة ذاتية الحركة، وأنظمة الليزر ونظام بانتسير-إس 1 الروسي). المميزات التعامل في اللحظات الأخيرة وسرعة ردة فعل مشتركة ضد الصواريخ والطائرات والمركبات الجوية غير المأهولة على ارتفاعات منخفضة جدًا. 1. طبقة الدفاع المنخفضة الهدف كشف واعتراض الأهداف خفية الملاحظة التي تحلق على ارتفاعات منخفضة جدا لتجنب الرادار. المكونات رادارات التغطية الأرضية، وأنظمة الإنذار المبكر المحمولة جواً (AWACS)، وأنظمة الحرب الإلكترونية لتعطيل توجيهها أو الأنظمة الكهرومغناطيسية. نقاط الضعف للدفاعات الجوية متعددة الطبقات الهجوم الموجه والكثيف فإن نظام القبة قد يتشتت ويتشبع ولا يستطيع التعامل مع جميع التهديدات. لكل بطارية عدد محدود من الصواريخ جاهزة للإطلاق، وإعادة التحميل تستغرق وقتًا. في هذه الحالة، تقوم خوارزمية البيانات باختيار الصواريخ التي تشكل تهديدًا للمناطق المأهولة أو الاستراتيجية وتترك تلك التي تسقط في مناطق مفتوحة. الهجمات متعددة المحاور إذا كان الهجوم من اتجاهات متعددة في نفس الوقت، يصبح من الصعب على الرادارات وأنظمة التحكم التعامل مع جميع التهديدات بشكل متزامن وفعال. التهديدات من مسافات قصيرة جدًا الأهداف التي تُطلق من مسافة قريبة جدًا من موقع البطارية لا تمنح النظام وقتًا جيداً لرد الفعل، مما يقلل فرصة الاعتراض للأهداف. نقاط الضعف التقنية للدفاعات الجوية متعددة الطبقات 1. صممت الأنظمة الدفاعية على اعتراض الصواريخ التي تتبع مسارًا قوسيًا متوقعًا (منظاري) أو مسارات أخرى ولكن أي صاروخ قادر على إجراء مناورات طيران متغيرة قد يصعب على بعض الانظمة تتبع مساره. 2. الطائرات المسيرة تشكل تحديًا لأنها لا تتبع المسار نفسه للصواريخ، ويمكن أن تحلق على ارتفاعات منخفضة، مما يجعل اكتشافها واعتراضها أكثر صعوبة بالنسبة لأنظمة مصممه أساسًا ضد الصواريخ. 3. الانظمة الدفاعية غير مصممه بشكل أساسي لاعتراض قذائف المدفعية عالية السرعة والمنخفضة الارتفاع، مما يجعلها أقل فاعلية ضد هذا النوع من التهديدات. نقاط الضعف الاستراتيجية 1. قد يؤدي الاعتماد والابقاء على الانظمة الدفاعية المتوفرة لمدة طويلة إلى الفشل لمواجهة التهديد فالحلول الدفاعية الناجحة يقودها التطوير والتحديث والتنوع للمواجهة في المستقبل. 2. عدم القدرة والاستطاعة لتوفير حماية كاملة للمناطق نظرا للتكلفة الباهظة، فأنه لا يمكن نشر بطاريات تخدم ما يسمى بالقبة للدفاعات الجوية لتغطية كافة المناطق فغالبًا ما تُركز على حماية المدن الكبرى والمناطق الاستراتيجية. 3. الصواريخ التي يتم اعتراضها في اللحظات الأخيرة أو سقوط جزء منها متجاوز القبة الدفاعية الجوية، سيؤدي الى انخفاض الروح المعنوية لسقوط الصواريخ. كيف يمكن اختراق أو اضعاف الدفاعات الجوية متعددة الطبقات؟ 1. إطلاق عدد من الصواريخ في وقت واحد لتشتيت وتشبع الأنظمة الدفاعية. 2. استخدام صواريخ رخيصة لاستنزاف المخزون الصاروخي. 3. إطلاق صواريخ ذات مدى أطول لإجبار الأنظمة في التركيز على الدفاع عن مناطق البعيدة المدى. 4. استخدام اسراب من الطائرات المسيرة إلى جانب إطلاق الصواريخ لتعقيد المهمة على الأنظمة. 5. إطلاق صواريخ متعددة من مواقع قريبة جدًا دون فارق زمني لتقليل وقت رد الفعل. تحديات تواجه انشاء حماية الدفاع الجوي متعدد الطبقات يواجه هذا النوع من الدفاع تحديات كبيرة، أبرزها التكلفة الباهظة تطوير وشراء وصيانة هذه الأنظمة يتطلب ميزانيات ضخمة. التعقيد التقني دمج أنظمة من مصادر مختلفة (غربية، شرقية) يمثل تحديًا تقنيًا وسياسيا. الحرب الإلكترونية محاولة العدو تعطيل أو خداع أنظمة الرادار التهديدات المتطورة مثل أسراب الطائرات المسيرة الصغيرة الرخيصة التي يمكنها استنفاذ الذخيرة مقابل تهديدات باهظة الثمن أصبح الدفاع الجوي متعدد الطبقات ليس رفاهية، بل ضرورة استراتيجية لأي دولة تسعى إلى تأمين سيادتها الجوية وحماية مقدراتها في عالم تتزايد فيه حدة التهديدات وتعقيدها. إنها دروع متكاملة تعتمد على مبدأ التعاون بين الطبقات، بحيث لا يكون هناك ثغرة واحدة، بل سلسلة من الخطوط الدفاعية المتعاقبة التي تجعل من اختراق المجال الجوي مهمة بالغة الصعوبة، وتعيد تعريف معادلة الردع في القرن الحادي والعشرين. كما أن القبة ليست درعًا لا يمكن اختراقه. فمبدأ قوتها في تقليل الضرر وليس منعه تمامًا، لعدم قبولها كثرة التهديدات. القبة هي حل مناسب للتهديدات المحدودة ولكنها قد تواجه صعوبة في مواجهة الهجوم المنسق والمصمم لثغرات مواقع الدفاع الجوية الثابتة. أسس نجاح النظام المتعدد الطبقات لا تكفي وجود هذه المكونات المتعددة لطبقات الدفاع الجوي فحسب للنجاح، بل يجب أن تعمل ضمن منظومة متكاملة تقوم على: التكامل الشبكي (C4ISR) أنظمة القيادة والتحكم والاتصالات والحاسبات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وهي العصب الذي يربط جميع الطبقات، ويسمح بتبادل البيانات في الوقت الحقيقي بين الرادارات، وأنظمة الإطلاق، ومراكز القيادة. التدريب المستمر تدريب الكوادر البشرية على إدارة هذه المنظومة المعقدة في سيناريوهات مشابهة للواقع. التنوع في وسائل الاعتراض استخدام مزيج من تقنيات الاعتراض (صواريخ، مدافع، أنظمة طاقة موجهة) لمواجهة مجموعة واسعة من التهديدات. مبادرة كوريا الجنوبية ADEX 2025 مشروع شركة LIG Nex1 (حزام الدفاع الجوي الكوري) يقوم على دمج شبكة واسعة من رادارات الإنذار المبكر، سواء كانت فضائية أو برية أو بحرية، مع مركز قيادة وتحكم مركزي. يتولى هذا المركز تحليل طبيعة التهديدات القادمة، سواء كانت طائرات أو صواريخ باليستية، وتحديد أنسب وسيلة اعتراض، مما يعكس فهماً عميقاً لطبيعة الحروب الحديثة التي تعتمد على تكامل الأنظمة يستهدف المشروع بتكنولوجيا متكاملة إلى بناء شبكة دفاعية متكاملة أو في الدول المستوردة للصناعات الدفاعية الكورية الجنوبية. هذه الرؤية تمثل منظومة الدفاع الجوي والصاروخي الكوري (KAMD) المحلية، والتي أثبتت فعاليتها في توفير نظام دفاعي متعدد الطبقات قادر على مواجهة تهديدات جوية معقدة ومتنوعة. تطمح الشركة لتكون شريكاً صناعياً واستراتيجياً، وهو ما يفتح الباب أمام تصدير أنظمة أكثر تعقيداً مثل الأنظمة غير المأهولة والرادارات المتطورة. منظومات الدفاع الكورية متعددة الطبقات أيضا هو مفهوم الحماية الشاملة، حيث قدمت الشركة منظومات متكاملة من صواريخ الدفاع الجوي تغطي كافة الارتفاعات والتهديدات. تشمل هذه المنظومة صاروخ MSAM-II لاعتراض الأهداف على ارتفاعات متوسطة، ومنظومة L-SAM المتخصصة في التصدي للصواريخ الباليستية والطائرات العالية الارتفاع، بالإضافة إلى النسخة البحرية SAAM وعلى مستوى الأفراد، استعرضت الشركة نظام CHIRON الصاروخي المحمول على الكتف لحماية الاهداف الحيوية. لم تقتصر الحلول على الأنظمة الأرضية، بل امتدت إلى الفضاء عبر القمر الاصطناعي LIG SAT المجهز برادار تصوير فائق الدقة، إلى جانب أنظمة قيادة وسيطرة متطورة (C5I)، ومنصة جندي المستقبل، ومنظومة متكاملة لمكافحة المسيّرات.