أعلنت قوات الدعم السريع الأحد سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان، آخر مدينة كبيرة كانت بين أيدي الجيش، وذلك بعد حصار استمرّ أكثر من عام. ولم يصدر أي تأكيد رسمي عن الجيش بشأن التطورات في الفاشر. ولا يمكن لوكالة فرانس برس أن تتحقّق بشكل مستقل مما حصل على الأرض. وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان "بسط سيطرتها على مدينة الفاشر". وجاء البيان بعد ساعات من إعلان الدعم السريع السيطرة على المقر الرئيسي للجيش في المدينة. وكانت "المقاومة الشعبية" وهي مجموعة مسلحة متحالفة مع الجيش أكدت في وقت سابق استمرار المعارك في الفاشر، مؤكدة أنه "لم يبقَ لأهل الفاشر حصن وملاذ أخير.. سوى السلاح والمقاومة في مواجهة الميليشيات الإرهابية"، نافية أن يعني السيطرة على مقرّ الجيش سقوط الفاشر بأكملها. ويصعب بسبب المعارك وانقطاع الاتصالات التحقّق من مجريات الأحداث في الفاشر. ولم يردّ الجيش السوداني على طلب فرانس برس التعليق.وفي حال سقوط الفاشر، سيعني ذلك سيطرة الدعم السريع على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس، وتقسيم البلاد بين شرق يسيطر عليه الجيش وغرب تحت سيطرة الدعم السريع. وأظهرت مقاطع مصوّرة نشرتها قوات الدعم السريع مقاتليها يحتفلون إلى جانب لافتة كُتب عليها "مقر الفرقة السادسة"، فيما أظهرت مقاطع أخرى مركبات للجيش تغادر المقرّ. كما أظهرت مقاطع أخرى احتفالات يتوسطها مقاتلو الدعم السريع في نيالا، عاصمة جنوب دارفور التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. معاناة هائلة وتحاصر قوات الدعم السريع الفاشر منذمايو/ أيار2024 في محاولة لانتزاع السيطرة على المدينة، لتحكم سيطرتها على غرب السودان بعدما أخرج الجيش مقاتليها من شمال وشرق البلاد. وكثّفت هذه القوات هجماتها على الفاشر ومخيمات اللاجئين المحيطة بها منذ أغسطس/ آب الماضي، وأودى القصف المدفعي والطائرات المسيّرة بالمئات. واستضافت واشنطن الأسبوع الماضي اجتماعا للمجموعة الرباعية بشأن السودان ، من أجل الدفع في اتجاه السلام وهدنة إنسانية، وفق بيان أميركي.ولم تسفر المفاوضات حتى الآن عن التوصل الى اتفاق بين الجانبين المتحاربين رغم المطالبات الأممية والدولية بهدنة إنسانية لا سيما في الفاشر التي تعاني من المجاعة وتفشّي الأوبئة. وبحسب الأممالمتحدة، يحاصر الدعم السريع نحو 260 ألف مدني داخل الفاشر، يعانون من استشراء الجوع وانعدام الرعاية الصحية وانقطاع الاتصالات. وأظهرت صور بالأقمار الاصطناعية حلّلها مختبر البحوث الإنسانية (Humanitarian research lab) في جامعة يال الأميركية أن قوات الدعم السريع أقامت سواتر على امتداد 68 كيلومترا حول الفاشر، تاركة مخرجا وحيدا من المدينة هو عبارة عن ممر يراوح طوله بين ثلاثة وأربعة كيلومترات، يتعرض فيه المدنيون للابتزاز والمضايقات مقابل العبور، وفق شهود وتقارير. وأفادت منسقة الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في السودان دنيز براون وشهود عيان بتعرّض مدنيين للقتل أو الخطف أو العنف الجنسي أثناء محاولتهم الفرار من الفاشر. وحذّرت منظمات أممية في بيان مشترك الخميس من تفاقم الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور حيث "تعيش مجموعات بأكملها في ظروف تتنافى مع الكرامة". ودعت الوكالات الأربع، وهي المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي، إلى "عناية دولية عاجلة بالأزمة في السودان لمعالجة المعاناة الهائلة والمخاطر المتزايدة التي تواجه السكان". وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الشهر الجاري "أشعر بالفزع من استخفاف قوات الدعم السريع المتعمد بحياة المدنيين وبلا أي رادع، رغم الدعوات المتكررة، بما في ذلك دعوتي الى إيلاء عناية خاصة بحماية المدنيين". وتسبّبت الحرب في السودان التي دخلت عامها الثالث بمقتل عشرات الآلاف وبتهجير نحو 12 مليونا، وبما وصفته الأممالمتحدة بأنه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".