أعلن الادّعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية أنّ هناك "أسبابا وجيهة للاعتقاد بأنّ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" لا تزال تُرتكب في دارفور، الإقليم الواقع في غرب السودان والغارق في حرب أهلية. وقالت نزهت شميم خان، نائبة المدّعي العام للمحكمة، أمام مجلس الأمن الدولي الخميس ،إنّه "بناء على تحقيقاتنا المستقلّة، فإنّ موقف مكتبنا واضح: لدينا أسباب وجيهة للاعتقاد بأنّ جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية ارتُكبت ولا تزال تُرتكب في دارفور". ولم تسمّ نائبة المدّعي العام الجهة أو الجهات المتّهمة بارتكاب هذه الجرائم. وأضافت أنّ "هذا الاستنتاج يستند إلى أنشطة مكثفة قام بها المكتب على مدار الأشهر الستة الماضية وفي فترات سابقة". وأوضحت أنّ المحقّقين التابعين لمكتب المدّعي العام في المحكمة الجنائية الدولية ركّزوا في الأشهر الأخيرة على الجرائم التي ارتُكبت في غرب إقليم دارفور، بما في ذلك من خلال مقابلات أجروها مع ضحايا فرّوا إلى تشاد المجاورة. وقالت القاضية الفيجية مخاطبة أعضاء مجلس الأمن الدولي إنّ "اجتماعنا يأتي في وقت يبدو فيه صعبا إيجاد الكلمات المناسبة لوصف حجم المعاناة في دارفور". ولفتت إلى أنّ "الوضع الإنساني بلغ مستوى لا يُطاق: المستشفيات والقوافل الإنسانية وغيرها من الأهداف المدنية تبدو كلّها مُستهدفة. المجاعة تتفاقم، والمساعدات الإنسانية لا تصل إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها. الناس محرومون من الماء والغذاء. الاغتصاب والعنف الجنسي يُستخدمان كسلاح. عمليات الاختطاف لطلب فدية مالية أو لدعم صفوف جماعات مسلحة أصبحت أمرا شائعا". وحذّرت شميم خان من أنّ الوضع قد يتفاقم و"الأمور قد تسوء أكثر". وبموجب قرار أصدره مجلس الأمن الدولي في 2005، فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب الأهلية في إقليم دارفور في مطلع القرن الجاري وخلّفت ما يقرب من 300 ألف قتيل. وفي 2023 فتحت المحكمة تحقيقا جديدا في جرائم حرب يشتبه بأنّها ارتكبت في نفس هذه المنطقة منذ اندلعت حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع. ومن المتوقع أن يُصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية قريبا أول حُكم بشأن الجرائم التي ارتُكبت في دارفور قبل عشرين عاما، وذلك في قضية علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسمه الحركي علي كوشيب الذي انتهت محاكمته في أواخر 2024. وبهذا الشأن قالت شميم خان "أودّ أن أوضح لأولئك الموجودين على الأرض في دارفور حاليا، ولمن يرتكبون فظائع لا يمكن تخيّلها بحقّ السكّان، إنّهم قد يشعرون بالإفلات من العقاب - كما كانت الحال مع علي كوشيب في الماضي - لكنّنا نعمل بجدّ لضمان أن لا تكون محاكمة علي كوشيب سوى الأولى فحسب". لكنّ القاضية رفضت تقديم مزيد من التفاصيل حول التحقيقات الجارية، مؤكدة إحراز تقدّم "ملموس وإيجابي ومهمّ". سوء التغذية الحاد لدى الأطفال حذّرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) الجمعة من أنّ عدد الأطفال الذين يعانون سوء تغذية حادّا في ولاية شمال دارفور حيث تدور معارك شرسة في غرب السودان تضاعف مقارنة بما كان عليه في 2024. ومنذ أبريل 2023، تدور في السودان حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع أسفرت عن سقوط عشرات آلاف القتلى وتهجير أكثر من 14 مليون شخص بين نازح ولاجئ. وتُعتبر شمال دارفور التي تفرض قوات الدعم السريع حصارا على عاصمتها الفاشر من أكثر الولايات السودانية تضررا من المعارك وقد أُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيّمات للنازحين قرب المدينة العام الماضي. وفي بيان أصدرته الجمعة، قالت اليونيسف إنّ أكثر من 40 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم في شمال دارفور تلقّوا العلاج بين يناير ومايو من هذا العام، وهو ضعف العدد المسجل للفترة نفسها من العام 2024. ونقل البيان عن شيلدون يت، ممثّل اليونيسف في السودان، قوله إنّ "أطفال دارفور يعانون من الجوع بسبب النزاع، وهم محرومون من المساعدات المنقذة للحياة". وفي بيانها أوضحت اليونيسف أنّه في سائر أنحاء ولايات إقليم دارفور الخمس، زادت حالات سوء التغذية الحاد الوخيم بنسبة 46 % خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة عينها من 2024. والفاشر هي الوحيدة بين سائر عواصم ولايات دارفور الخمس التي لا تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع، على الرغم من الحصار التي تفرضه الأخيرة عليها منذ مايو 2024. وفي هذه المدينة تعرضت مستشفيات للقصف، وهوجمت قوافل مساعدات إنسانية، وأصبح الوصول إلى المساعدات شبه مستحيل. وأفادت الأممالمتحدة بأنّ ما يقرب من 40 % من الأطفال دون سن الخامسة في الفاشر يعانون من سوء التغذية الحاد، بما في ذلك 11 % يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم. وفي بيانها، أعلنت اليونيسف أنّ زيادات ملحوظة في سوء التغذية رُصدت في مناطق سودانية أخرى تضررت مؤخرا من القتال. وأوضحت المنظمة الأممية أنّه خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام زادت معدّلات سوء التغذية الحاد الوخيم بأكثر من 70 % في ولاية شمال كردفان المجاورة، وبنسبة 174 % في العاصمة الخرطوم، وبنحو 700 % في ولاية الجزيرة بوسط البلاد، وذلك بالمقارنة مع الفترة نفسها من 2024. الدعم السريع يقصف ملجأً قتل ثمانية أشخاص في قصف لقوات الدعم السريع استهدف ملجأ يحتمي به عشرات الأهالي في مدينة الفاشر بشمال دارفور غرب السودان، حسبما أفاد مصدر طبي الخميس. وتحتدم المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محيط الفاشر التي تحاصرها الأخيرة منذ أكثر من عام في محاولة لإحكام السيطرة عليها. وقال طبيب في مستشفى الفاشر التعليمي تحدث لوكالة فرانس برس عبر الأقمار الصناعية لتخطي انقطاع الاتصالات "قُتل ثمانية مدنيين جراء قصف الدعم السريع ملجأ يحتمي بها المواطنون بواسطة طائرة مسيرة ليل الثلاثاء". وطلب الطبيب عدم ذكر اسمه بسبب استهداف الكوادر الطبية بشكل متكرر. وتنتشر في الفاشر ملاجئ حفرها سكان المدينة أمام المنازل للاحتماء بها من الهجمات المتكررة. وقال شاهد لفرانس برس إن الملجأ الذي تعرض للقصف الثلاثاء "كان يحتمي به عشرات الأشخاص". وحذرت الأممالمتحدة مرارا من معاناة سكان الفاشر الذين يعيشون في ظل اشتباكات دامية، مع تدهور البنية التحتية ونقص شديد في الموارد الغذائية والمياه النظيفة والوقود. وانقطعت الاتصالات في مناطق واسعة من إقليم دارفور منذ سيطرة الدعم السريع عليها عام 2023. وتكثف الدعم السريع هجماتها على الفاشر ومخيمات اللجوء المحيطة بها التي تعاني المجاعة، منذ خسارتها السيطرة على العاصمة الخرطوم في مارس. وتحاصر الدعم السريع الفاشر منذ مايو من العام الماضي.ولا تزال الفاشر المدينة الرئيسة الوحيدة بإقليم دارفور الشاسع الواقعة تحت سيطرة الجيش بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم أنحاء الإقليم. وأفادت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، وهي شبكة من المتطوعين تعمل في توصيل المساعدات، بأن القصف لم يتوقف على المدينة طوال يوم الأربعاء. وأسفرت الحرب التي دخلت عامها الثالث عن مقتل عشرات الآلاف وتسببت في أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم وفقا للأمم المتحدة. ونزح داخل السودان أكثر من 10 ملايين شخص بينما تستضيف دول الجوار أكثر من 4 ملايين نزحوا إلى خارج السودان.وتقدر الأممالمتحدة أن 20 في المئة من بين 10 ملايين من النازحين داخليا في السودان يعيشون في شمال دارفور.