14.2% نموا في الصيد البحري    الواجهة البحرية    غوتيريش يرحب بالإعلان المشترك بين كمبوديا وتايلند    المملكة.. عطاء ممتد ورسالة سلام عالمية    سلوت: لم أتوقع تدني مستوى ونتائج ليفربول    ريال مدريد يتغلب على برشلونة    رصد سديم "الجبار" في سماء رفحاء بمنظر فلكي بديع    صورة نادرة لقمر Starlink    رئيسة كوسوفا تصل إلى الرياض    جمعية السدرة الخضراء بمحافظة طريب توزع 3400 شتلة غدًا الاثنين    8 حصص للفنون المسرحية    «مسك للفنون» الشريك الإبداعي في منتدى الأفلام    بيع شاهين فرخ ب(136) ألف ريال في الليلة ال14 لمزاد نادي الصقور السعودي 2025    الدعم السريع تعلن سيطرتها على الفاشر    القمة العالمية للبروبتك تختتم يومها الأول باستعراض جهود المملكة في تمكين الابتكار التقني العقاري    موسكو ترد على العقوبات بالنووي وأوكرانيا تطالب بتعزيز تسليحها    أمير جازان يشيد بإنجازات اليرموك    الأحساء واحة الحضارات الخالدة    الوعي الذي يصون المحبة    النائب العام يرفع الشكر للقيادة بمناسبة صدور الأمر الملكي بتشكيل مجلس النيابة العامة    منتخب إيران يصل السعودية للمشاركة ببطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    أمير حائل يرعى حفل افتتاح ملتقى دراية في نسخته الثانية    المعجب يشكر القيادة لتشكيل مجلس النيابة العامة    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11593) نقطة    أكثر من 1000 طائرة درون تضيء سماء الظهران في افتتاح "موسم الخبر"    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    الشؤون الإسلامية في جازان تُقيم مبادرة شهر التوعية بسرطان الثدي بصبيا    نائب أمير الشرقية يؤكد دور الكفاءات الوطنية في تطوير قطاع الصحة    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنفيذ البرنامج التثقيفي لمنسوبي المساجد في المنطقة ومحافظاتها    مفتي عام المملكة ينوّه بدعم القيادة لجهاز الإفتاء ويُثني على جهود الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله    انطلاق النسخة ال9 من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار غدا    العروبة والدرعية في أبرز مواجهات سادس جولات دوري يلو    إعلان الفائزين بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية 2025    أمير الشرقية يُدشّن معرض "وظائف 2025" ويؤكد دعم القيادة لتمكين الكفاءات الوطنية    أبرز 3 مسببات للحوادث المرورية في القصيم    الضمان الصحي يصنف مستشفى د. سليمان فقيه بجدة رائدا بنتيجة 110٪    زين السعودية تعلن نتائجها لفترة التسعة أشهرالأولى من 2025 بنمو في الأرباح بنسبة 15.8%    إسرائيل تعتبر تدمير أنفاق غزة هدفاً استراتيجياً لتحقيق "النصر الكامل"    القيادة تهنئ رئيس كازاخستان بذكرى «يوم الجمهورية»    اختتام فعاليات بطولة الإنتاج المحلي لجمال الخيل العربية الأصيلة 2025    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    سائح يعيد حجارة سرقها من موقع أثري    بحضور أمراء ومسؤولين.. آل الرضوان يحتفلون بزواج عبدالله    مسؤولون ورجال أعمال يواسون أسرة بقشان    غرم الله إلى الثالثة عشرة    «إياتا» تضع قواعد جديدة لنقل بطاريات الليثيوم    116 دقيقة متوسط زمن العمرة في ربيع الآخر    ولي العهد يُعزي رئيس مجلس الوزراء الكويتي    %90 من وكالات النكاح بلا ورق ولا حضور    شرطة الرياض: تم -في حينه- مباشرة واقعة اعتداء على قائد مركبة ومرافقه في أحد الأحياء    ولي العهد يُعزي هاتفياً رئيس الوزراء الكويتي    النوم مرآة للصحة النفسية    اكتشاف يغير فهمنا للأحلام    "تخصصي جازان" ينجح في استئصال ورم سرطاني من عنق رحم ثلاثينية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان ينهي معاناة مراجعين مع ارتجاع المريء المزمن بعملية منظار متقدمة    دوائر لمكافحة «الهياط الفاسد»    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوظيف بين الخبرة والشهادة
نشر في الرياض يوم 23 - 10 - 2025

جدارة الموظف لا يثبتها التنظير ولا كثرة الشهادات، بل يبرهنها الميدان، وتقيّمها مصداقية الإشراف، وتقومها مثالية المحاسبة، وتغذيها ديناميكية التطوير والإنتاج.. فالمؤسسة التي تنظر إلى السيرة الذاتية أكثر من نظرتها إلى الأثر الفعلي، تضلّ بوصلتها، لأن قيمة الإنسان في العمل لا في الورق..
في عالمٍ يُفترض أن يكون فيه المنطق مِعيارًا لاتخاذ القرار، تتجلى مفارقة مؤلمة حين نتأمل أسلوب بعض الجهات والمسؤولين عند الافتراض لحاجتهم استقطاب الكفاءات أو التوظيف.
هناك في دهاليز المكاتب المغلقة؛ تُكتب شروط القبول الوظيفي من عدمه بطريقة مموهة غير واضحة تشعرك أنها لا لتقود إلى غاية، بل لتعلق بين سقف وسقف، وكأنّ المقصود ليس الوصول إلى الموظف الكفء، بل إلى معادلة مستحيلة تُبقي القرار مؤجلاً والفرصة معلقة والجدارة غريبة الوجه واللسان.
فإن تقدّم إليهم صاحب خبرة ميدانية، مارس المهنة وتشرّب تفاصيلها وعايش واقعها العملي؛ قالوا بجمودٍ عجيب: الخبرة لا تكفي؛ أين الشهادة العلمية التي تبرّر فهمه وتؤطر ممارسته؟ وإن جاءهم صاحب شهادة أكاديمية مرموقة، أتعب نفسه في تحصيلها، وبلغ في التخصص مبلغًا يليق بالعلم وأهله، قالوا ببرودٍ مكرر: الشهادة لا تكفي؛ أين الخبرة العملية التي تثبت أنه لا يعيش في برج نظري؟ وبين هذا وذاك؛ تضيع الكفاءات في شباك ازدواجية لا تنتهي؛ كأنهم يريدون موظفًا خُلق قبل الوظيفة بعقود، واكتمل تأهيله من كل وجه قبل أن يُولد.
وما إن يظهر من يجمع العلم والخبرة معًا، وهو النادر الذي طالما بحثوا عنه في شعاراتهم وخطاباتهم، حتى يتحوّل الإعجاب إلى شكٍّ، والإشادة إلى ريبة، فتُستحدث شروط جديدة بلا منطق سوى الهروب من الاعتراف بأن الكفاءة حضرت، عندها يُقال: نبحث عن من يمتلك مهارات القيادة، أو روح المبادرة، أو من يجيد ما لم يُطلب أصلًا. هكذا يمكن أن تُبدّل المعايير كلّما اقترب أحدهم من استيفائها، وكأن المقياس لا يُراد له أن يُملأ بل أن يُبقى ناقصًا دائمًا لتستمر لعبة السيطرة وتبرير القرار.
تلك الجهات التي تحتاج للتوظيف لا تدرك أنها بخلطها بين المعيار والمزاج، تُطفئ في الناس حماس التقدّم، وتغرس في المؤسسات روح التردد، وتصنع بيئة لا تكافئ الجدارة بل تصنع الخيبة، فكيف تُبنى منظومات مهنية على موازين لا تستقر، ومقولات متناقضة تُغلق الباب على من يملك العلم والخبرة، وقد تفتحها على من يجيد التزيّن بالكلمات، أو الاتكاء على العلاقات.
إنّ جدارة الموظف لا يثبتها التنظير ولا كثرة الشهادات، بل يبرهنها الميدان، وتقيّمها مصداقية الإشراف، وتقومها مثالية المحاسبة، وتغذيها ديناميكية التطوير والإنتاج، فالمؤسسة التي تنظر إلى السيرة الذاتية أكثر من نظرتها إلى الأثر الفعلي، تضلّ بوصلتها، لأنّ قيمة الإنسان في العمل لا في الورق، والجهات المرتبكة بين المتطلب المهني والخبرة والمؤهل العلمي، حين تواجه من يجمع بينهما، وتُعجزه بشروط متقلبة، فإنها تخسر باضطراب قناعتها قبل أن تخسر كفاءته، ويخسر طالب الوظيفة فرصةً كان يمكن أن تُثمر نجاحًا مشتركًا.
إنّ المنطق الإداري الذي يرفع الشعار ولا يطبقه، قد يسبب خللاً في ميزان العدالة المهنية، ويجعل من القرارات أهواء مموهة بلغة البيروقراطية.
لقد آن لهذا المقرر وواضع الشروط، وتلك العقلية أن تدرك أنّ الجمع بين العلم والخبرة ليس ترفًا؛ بل ضرورة العصر، وأنّ الموازنة بين النظرية والتطبيق هي ما يمنح المؤسسات قدرتها على التجدد، لا تلك الاشتراطات المعلقة التي لا غاية منها إلا إثبات الحضور الإداري على حساب الجوهر.
إن المسؤول الذي يخاف من الكفاءة لأنها تذكّره بعجزه، سيظل يبحث عن ثغرة يعلق عندها القرار، لا عن طاقة يفتح بها باب الإنجاز.
ويبقى القول: إن جوهر الإدارة وتجليها لا يُقاس بحجم طول التعقيد، بل بقدر وعي وتوازن عقل صاحبه، وإن العدالة في الاختيار ليست تفضيل شخص على آخر، بل تفضيل المنطق العملي وحاجة الجهة الفعلية على اتجاهات التفكير القاصرة، والغاية على العُذر، والكفاءة على التبرير وإلا ستكون هناك وظيفة لا تريد موظفاً!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.