في لحظة رمزية تاريخية، تسلّمت المملكة العربية السعودية قبل أيام راية المكتب الدولي للمعارض، رسمياً، من اليابان خلال الحفل الختامي لمعرض إكسبو 2025 أوساكا، لاستكمال جهودنا ودفع وتيرة إنجاز معرض إكسبو 2030 الذي تستضيفه مدينة الرياض. ما بدأ قبل سنوات كحلم ضمن رؤية ملهمة أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، يتحوّل اليوم إلى مشروع وطني نمضي معه قدماً بخطى واثقة، واضعين نصب أعيننا تقديم نسخة استثنائية وغير مسبوقة –كما وعد بها سمو ولي العهد-، ترسي معياراً جديداً من التميُّز والتفرُّد في تاريخ المعارض الدولية. واليوم، نحن لا نقدّم وعوداً، بل ننفّذ خططاً واضحة المعالم، بدأت منذ الإعلان عن نية المملكة استضافة الحدث، وتجلّت أولى نتائجها حينما أُعلن عن فوز السعودية باستضافة معرض إكسبو 2030 في مدينة الرياض في نوفمبر 2023، يليها حصولنا على الاعتماد الرسمي لملف التسجيل من قِبل المكتب الدولي للمعارض في يونيو 2025، وقد تم توجيه الدعوات رسميًّا إلى جميع الدول، وبدأنا -بالفعل- في استقبال تأكيدات المشاركة، الأمر الذي يعكس جودة التخطيط، وانتقالنا إلى مرحلة التنفيذ الفعلي بدعم من فرق عمل تضم نخبة من الكوادر التي باشرت أعمالها على أرض المشروع. معرض أوساكا: رؤى وتجارب ملهمة ترفع سقف التوقعات والطموحات لقد تأسست شركة إكسبو 2030 الرياض التابعة لصندوق الاستثمارات العامة لتتولى مسؤولية تنظيم المعرض، والتنسيق مع الدول لدعوتها للمشاركة، والتأكد من استدامة الإرث والتأثير الإيجابي للمعرض بعد انتهائه. ومع اكتمال المخطط الرئيس للموقع، نستكمل جهودنا عبر منظومة متكاملة وجهد وطني مُوحّد تشارك فيه الوزارات، والجهات التنظيمية، ومؤسسات القطاع الخاص، في سبيل تحقيق هدف مشترك وهو استقبال العالم وإبهارهم بحدث يفوق التوقعات. وفي إطار الاستعدادات للمعرض، حرصنا على وجود فرقنا ميدانياً في موقع إكسبو 2025 بمدينة أوساكا اليابانية طوال فترة إقامته، للتعرّف عن قرب على أفضل الممارسات التشغيلية، واكتساب المعرفة من التجارب الحيّة على أرض الواقع، والتواصل مع ممثلي 158 دولة مشاركة للاستماع لتجربتهم ولتوقعاتهم من إكسبو 2030 الرياض، إضافةً إلى استقبال الزيارات الرسمية للجناح السعودي للتعريف بطموحات ومستهدفات ومزايا معرض الرياض. ومن هناك، واكبنا عن كثب دقة التنفيذ، والتكامل بين الأطراف، والقدرة على الاستجابة السريعة للتحديات، والتعامل الذكي مع خدمات الزوار والمشاركين. واليوم، نعمل على الاستفادة من تلك التجارب لنطبقها في إكسبو الرياض، بل وعلى نطاق غير مسبوق، وبطابع سعودي فريد يمزج بين كرم الضيافة السعودية الأصيلة وأحدث التقنيات المبتكرة، وبدعم من المؤسسات الوطنية وشراكاتنا الدولية مع الجهات الرائدة في مختلف المجالات كالهندسة، والذكاء الاصطناعي، والتنقل الذكي، والتقنيات المستدامة. وبالتزامن مع مشاركتنا الفاعلة ميدانياً في أوساكا، كانت فرقنا ترسي أولى لبنات أعمال الهندسة والتطوير والبناء في موقع إكسبو 2030؛ حيث تم الانتهاء من المخطط الرئيس العام والبدء في الأعمال الهندسية التفصيلية لجناح المملكة، والمعلم الأيقوني، ومنطقة السوق، بالاستعانة بمكاتب استشارية عالمية متخصصة، كما تمّ ترسية عقود الأعمال الأوّلية وتهيئة الموقع لشركات محلية، تمهيداً لبدء الأعمال الإنشائية، وقبل نهاية هذا العام، نهدف إلى ترسية عقود البنية التحتية والمرافق الخدمية، وذلك لضمان الالتزام بالجدول الزمني المحدد لإنجاز هذا المشروع الضخم. العالم على موعد مع أكبر إكسبو في التاريخ ولأننا لا ننظّم معرضاً تقليدياً، فإننا ملتزمون ببناء وتنظيم أكبر حدث عالمي من نوعه على مساحة إجمالية تبلغ 6 ملايين متر مربع (ما يعادل 840 ملعب كرة قدم)، منها مليونا متر مربع مخصصة لمنطقة المعرض يمكنها استيعاب ما يصل إلى 415 ألف زائر يومياً، و4 ملايين متر مربع مخصصة للخدمات والمرافق اللوجستية ومواقف السيارات. وعلى هذه الرقعة الواسعة، نستعد لاستقبال الزوار والمشاركين من 197 دولة و29 منظمة، ورفدهم بتجارب ملهمة. ومن المخطط أن يستقطب الحدث أكثر من 42 مليون زيارة خلال فترة المعرض، فالعاصمة الرياض تقع على بعد 8 ساعات طيران فقط عن نحو 60 % من سكان العالم. كما ستشهد نسخة إكسبو 2030 الرياض مشاركة أكثر من 52,000 متطوع ممن سيتم تدريبهم ليساهموا في تقديم الدعم للزوار والمشاركين. وإلى جانب موقعه المتميز على امتداد الطرق الرئيسة، وعلى بُعد محطة قطار واحدة فقط من مطار الملك خالد الدولي، يجسّد تصميم معرض إكسبو الرياض مفهوم «الموقع الذكي» من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والأنظمة البيومترية في إدارة العمليات، إلى جانب تقديم تجربة زائر رقمية بالكامل تشمل المدفوعات غير النقدية والمراقبة اللحظية. كما يوفّر وسائل تنقل مستدامة وصديقة للبيئة مثل الحافلات والدراجات الكهربائية، والمركبات الذاتية القيادة، بما يضمن تجربة سلسة وآمنة لجميع الزوار. إن أهمية معرض إكسبو 2030 الرياض لا تقاس بالأمتار المربعة التي يقام عليها، بل بما يحمله من فرص واعدة، وتأثير إيجابي، وإرث يمتد لما بعد الأشهر الستة للمعرض. فبينما نُشيّد بنية تحتية غير مسبوقة لاستقبال العالم، نرسم في الوقت نفسه ملامح إرث ثقافي ومستقبل اقتصادي مستدام، سيكون لإكسبو الرياض دور محوري في صياغته. منصة عالمية وإرث مستدام يمتد عبر الأجيال إكسبو 2030 الرياض لن يكون مجرد حدث عابر أو معرض عالمي؛ بل منصة جامعة تمدُّ جسور التعاون بين الأمم والشعوب، وتوفر مساحة ملهمة للحوار وتبادل الأفكار والرؤى، وإيجاد الحلول لمعالجة التحديات، وبناء مستقبل أفضل. ندرك حجم التطلعات والطموحات، ونعي تماماً أن استضافة هذا الحدث الضخم، ستضع المملكة تحت مجهر العالم. لكننا نمضي بخطى واثقة وبعزيمة راسخة، لأننا بدعم قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- نملك الرؤية، والقدرات، والإرادة التي تُمكننا من الوفاء بالوعد، وتقديم تجربة استثنائية على كافة المستويات، تتيح لجميع المشاركين والزوار التعرف عن قرب على المملكة العربية السعودية وثقافتها ومشاريعها وإنجازاتها النوعية والفرص الواعدة التي تقدمها. قيادة ملهمة ورؤية تتجسد على الأرض كل ما يجري اليوم على أرض المملكة من تحولات وخطط ومشاريع نوعية هو تجسيد حي لرؤية السعودية 2030 التي أطلقتها قيادتنا الرشيدة -حفظها الله-، الرؤية التي تقربنا يوماً بعد يوم من المستقبل الذي ننشده ونتطلع إليه. إن معرض إكسبو الرياض لا يمثل مجرد حدث ضمن رؤية 2030، بل هو تجسيد عملي لكل ما تحمله تلك الرؤية من طموحات، ويشكل محطة محورية في تاريخ المملكة العربية السعودية، وعلى الصعيد الدولي، يتزامن العام 2030 مع وعد تحقيق أهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة. وكلنا ثقة بأن إكسبو 2030 الرياض سيرسي أسساً متينة تدفع الجهود الدولية لتحقيق الأهداف المشتركة نحو مستقبل واعد. يستهدف معرض إكسبو 2030 الرياض تقديم نموذج واقعي لما يمكن أن يكون عليه عالمنا حين تتلاقى الطموحات العظيمة مع الشراكات الفعّالة لخلق فرص واعدة تواكب التطلعات لمستقبل أكثر ازدهاراً ورخاء واستدامة للعالم أجمع. في 2030، سيحطّ العالم رحاله في الرياض، ليجد ما هو أعظم من مجرد معرض، سيجد وطناً تعانق طموحاته عنان السماء، وطناً أدهش العالم برؤيته الطموحة للمستقبل، وطناً يُراهن على الابتكار، ويصنع الفرص، ويجسّد بعزيمة أبنائه طموحات الغد، ونحن على الوعد بأن نسخة إكسبو 2030 ستكون علامة فارقة في تاريخ المعرض. المهندس طلال المرّي الرئيس التنفيذي لشركة إكسبو 2030 الرياض