ناشئونا ارتفعوا إلى مستوى المسؤولية.. والحارس عيد توهج أمام "الجوهرة السوداء" ظل الجوهرة السوداء وأسطورة الكرة العالمية (بيليه) نجم خالداً عالقاً في ذاكرتنا، عشقنا اسمه في صغرنا بجانب أسطورة الملاكمة العالمية المسلم محمد علي كلاي -رحمه الله-، وكنا نتباهى باقتناء صورهما. وحين قرر (أيقونة السامبا) الراحل بيليه زيارة المملكة العربية السعودية لأول مرة قبل 54 عامًا مع ناديه سانتوس البرازيلي، شكل ذلك حدثاً عالمياً، ونقله نوعية في مسيرة الكرة السعودية. وصل الجوهرة السوداء (بيليه) مع فريقه لمدينة الرياض يوم الخميس 5 محرم 1393ه الموافق 8 فبراير 1973م لخوض مباراة ودية مع المنتخب السعودي للناشئين، وكانت المرة الأولى التي يزور فيها نجوم الكرة البرازيلية أبطال كأس العالم آنذاك بقيادة معجزة الكرة (بيليه) أرض المملكة العربية السعودية. جرت المباراة في اليوم التالي على استاد رعاية الشباب بالملز (الأمير فيصل حالياً) الذي غص بالجماهير الرياضية، وانتهت تلك التجربة الإيجابية التي كان وراء فكرتها الرائعة رئيس رعاية الشباب ورئيس اتحاد الكرة آنذاك الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله-، لإيجاد جيل سعودي جديد يكتسب الخبرة والاحتكاك من ملوك الكرة وأمام فريق عالمي. انتهت بثلاثة أهداف نظيفة لفريق سانتوس، وسجل فيها الجوهرة السوداء (بيليه) هدفين بمرمى حارس المنتخب وقائده في تلك المباراة الكابتن العملاق (أحمد عيد)، الذي كان نجماً في مرماه، بإنقاذه شباكه من عدة أهداف مؤكدة سيما في الحصة الأولى. ناشئو الكرة السعودية أمام السامبا ضمت تشكيلة المنتخب: سليمان أبو داود -رحمه الله- وسليمان اليحيى وعبدالله فودة (العمدة)، وصالح خليفة، وخالد الفوزان وعلي دقل وصالح هندي (مسمار) -رحمه الله-، ومحسن بخيت وناجي عبدالمطلوب -رحمه الله- وحامد سبحي، والبدلاء: سعود حريري وسلطان النصيب. ونقلت المباراة تلفزيونياً على الهواء مباشرة بصوت المعلق والأستاذ محمد عبدالرحمن رمضان -رحمه الله-. تغطية "دنيا الرياضة" بقلم تركي السديري (الرياض) كان لها حضور إعلامي مميز في ذلك اليوم التاريخي للكرة السعودية من خلال تغطية "دنيا الرياضة" لأحداث تلك المباراة ونشرتها في العدد الصادر يوم 07 / 01 / 1393ه الموافق 10 / 02 / 1973م، وكتب تعليق المباراة الأستاذ تركي عبدالله السديري –رحمه الله- تحت عنوان (سانتوس البرازيلي ونجومنا قدموا مباراة بالغة الإثارة) قائلاً: "لم أذهب إلى مباراة الأمس كناقد بقدر ما ذهبت إليها كمتفرج وضع نفسه في حالة شد متواصل مع كل دقيقة فيها، ذلك أن وجود فريق مثل سانتوس بحاضره وماضيه ومشاهير لاعبيه فرصة لا تعوض إطلاقاً، ومشاهدة بيليه نفسه يقدم عروضه الرياضية أمر ليس من السهل تحقيقه ببساطة، هذه ناحية والأخرى هي تجربتنا المثيرة والتي حملت الكثير من التخوفات عندما قررنا أن نلعب أمام هذا الفريق الدولي الكبير بفريق من الناشئين. ولم يكن مستوى الفريق يبعث على الاطمئنان خصوصاً لدى الذين شاهدوه يلعب مباراتيه التجريبيتين أمام اليمامة والشباب. من هنا أنا التطلع بشغف إلى الاستمتاع بالفن الكروي البرازيلي يرافقه قلق مزعج على لاعبينا الناشئين من أن يكونوا الأرضية الرخوة السهلة التي ينفذ على ساحته بساطة تجربتها وتخوفها وتباين ضخامة الأسماء بين المجموعتين ما يختزنه لاعبو البرازيل من مهارات وتفوق وفنيات فيتم إمتاع جمهورنا بتمريرات وهجمات متنوعة وأساليب مختلفة في طريقة تسجيل الأهداف مع إيداع مرمانا بأهداف وافرة ثم يتم تجميد الكرة ويبدأ الاستعراض ويكون ذلك على حساب معنويات لاعبينا الناشئين وطموحهم وقدرتهم في مباراة غير متكافئة. هكذا كان تصوري أو هو في المواقع شعور تلك الآلاف الوفيرة التي افترشت مدرجات ملعب الملز بوقت مبكر من ظهر يوم أمس.. إلا أن ما حدث كان العكس، ناشئونا الصغار ارتفعوا إلى مستوى المسؤولية وأكثر، لعبوا بروح مثالية عالية يحسدون عليها ويشكرون إذ لم تكن متوقعة إطلاقاً. ناشئونا قتلوا كل خوف في نفوسنا منذ الدقائق العشر الأولى من عمر المباراة، وإن منيت شباكنا بثلاثة أهداف فإن فريقنا ليس مهزوماً.. أجل ليس مهزوماً، لأن الأهداف الثلاثة كانت هي كل قدرة الفريق الضيف الكبير على تسجيل الأهداف، ولأن الفريق العملاق لم يجد فرصة للاستعراض، ولأن الناشئين قوام منتخبنا يوم أمس تحكموا بأعصابهم بشكل مذهل ورائع، وبادلوا الفريق هجمة بهجمة وبالذات في الشوط الأول، ودافعوا بأسلوب مستميت، فريقنا لم يكن مهزوماً، حيث لم تهبط معنويته تحت وطأة هجمات فريق يضم مثل بيليه.. بليه وحده يكفي. خالد الفوزان لفت الانتباه وكان رائعاً، محسن أقلق کارلوس ألبرتو، علي دقل مرر بإحكام وتنقل بوعي، عبدالله فوده قاوم ببسالة جيدة، وكذا سليمان أبو داود، وسليمان اليحيى. أما صالح خليفة فقد كان في أصعب امتحان، إذ كان لا يدري هل يقاوم جناح بالغ الخطورة هو جايير، وظهير أيمن هو هيرمز ومع هذا فقد كان صالح في مستوى المسؤولية وأكثر. خلف هذا الرباعي صمد جوهرتنا الثمينة ومفخرتنا الرياضية أحمد عيد، لاعبنا العملاق دائماً في حراسة مرماه. فريق الناشئين يوم أمس لم يبيض وجهه فحسب أو بتلافي الهزيمة الثقيلة أمام فريق مثل سانتوس لكنه قتل اليأس في نفوسنا وفتح الأمل واسعاً في قلوبنا بأن تجد كرة القدم مستقبلاً جيداً في ملاعبنا بعد أن وضعها الكبار في دورتين سابقتين في وضع لا تحسد عليه سوءاً في المستوى وسلبية في تحمل المسؤولية. لعب للفريق الضيف: كليدو، وهيرس، ومارينو، وكارلوس ألبرتو، ميرس، وبريتش، وكلودو ألدو، وبيليه، وجايير، والكزندو وايدو. وحقيقة قدم فريق سانتوس لنا المباراة وكرة القدم كفن جماعي لا يعترف بجمود المراكز وحرفيتها، إذ كان هيرمز وميرس وهما ظهيران، يمثلان الجناحين في الخطورة. خط الوسط دائماً هو منطلق الخطورة لأي فريق، وقد كان كلود ألدو وبريتش صانعا ألعاب الفريق ومصدر التنويع للهجمات وفتح الخطورة، كما أن بريتش قدم صورة رائعة لما يجب أن يكون عليه لاعب الوسط من قدرة على التهديف. التلاحم بين خطوط الفريق الثلاثة متوفر إلى حد التخمة، مما أبرز جماعيته وتغطية بروز أفضل عناصر وهو بيليه حيث ظهر جايير والكزندو وبريتش أكثر خطورة منه، وبهذه المناسبة بيليه لم يلعب يوم أمس، لم يلعب إطلاقاً رغم تسجيله لهدفين جميلين، وقد تمنيت ألا أشاهد بيليه على الطبيعة وهو يلعب بمثل ذلك التخوف بحكم صلابة أرض الملعب، وأنه يلعب أمام مجموعة من الهواة الناشئين وفي مباراة ودية لم يمنحها أي نسبة من عطاء قدراته. تمنيت أن تبقى الصورة الذهبية للاعب العملاق باقية كما قدمتها لنا الأفلام السينمائية عنه. الشوط الثاني كان شوط الفريق البرازيلي دون شك، حيث سجلوا فيه أهدافهم وفرضوا تفوقهم، إذ كان تحرك الكرة في معظم هذا الشوط داخل منتصف ملعبنا لكن أيضاً هناك ميزة رائعة تذكر بالكثير من الثناء للناشئين يوم أمس في هذا الشوط وهي أن حماسهم لم يتسلل إليه الفتور ومعنوياتهم لم تنخفض وخصمهم يوالي هجماته وتسجيل أهدافه، بل قاوموا وكانوا في مستوى جيد حتى الدقيقة الأخيرة. على أي حال بيليه ليس وحده الذي لم يلعب وقد نسب إليه أنه قال بعد المباراة لو أن أرضية الملعب مزروعة لاستطاع الفريقان تقديم مستوى أفضل. أهداف الفريق الهدف الأول سجله الكزندو من كرة مررها بيليه بعد أن حاور بها داخل منطقة الجزاء، والهدف الثاني سجله بيليه في الزاوية اليمنى لمرمى أحمد عيد، وكرة بينية ملعوبة بين ساعد الهجوم وبيليه الذي ينفرد ويضعها هدف. التحكيم قاده غازي كيال ولم يكن بمستواه المعروف وقد ساعده عبدالرحمن الموزان وفهد الدهمش. الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- مع الراحل بيليه في حفل الاستقبال 1393ه جانب من مباراة منتخب الناشئين أمام سانتوس بعد تسجيل أحد الأهداف الثلاثة 1393ه معلق المباراة التاريخية محمد رمضان (يمين) مع الأمير عبدالله الفيصل وعبدالله عريف -رحمهما الله- 1386ه ضوئية لتغطية «دنيا الرياضة» مباراة منتخب الناشئين أمام سانتوس (07 / 01 / 1393ه) الأستاذ تركي السديري -رحمه الله- كتب تعليق المباراة، 1387ه أسطورة الكرة بيليه بشعار سانتوس البرازيلي محسن بخيت تألق أمام سانتوس 1393ه صورة تذكارية قبل بداية المباراة للحكم الدولي غازي كيال -رحمه الله- مع أسطورة الكرة بيليه 1393ه نجم المباراة الحارس أحمد عيد مع سليمان أبو داود – رحمه الله- 1393ه معد ومحررالصفحة فهد الدوس