"عبدالله".. شاب جميل يحاول دائماً أن يزرع الابتسامة على أصدقائه، وزملائه، وأقاربه، بل وحتى من يقابله في دروب الحياة، ذات مرة قال له زميله في العمل: "ما شاء الله عليك، شخصيتك مُلفتة، تضحك، وتحب المرح، وتزرع التفاؤل فيمن حولك"، رد عليه "عبدالله" بهدوء: "لا تغرّك ابتساماتي"!. ومن يعرف الحياة، وطبيعتها، وتقلباتها، يعي جيداً أن توزيع الابتسامات ليس دليلاً على سلام الشخص الداخلي، فنحن نعيش في زمن سريع مليء بالتوتر، والضغوطات، وبكثرة المطبات المزعجة، مما يعني أن نتعامل معها بهدوء، وأن نظهر أمام الآخرين بكل قِوانا، دون أن نُسمِعهم صوت الانكسار الذي بداخلنا. إن القوي بالفعل من يَبلَع مشكلاته دون غصّة، ومن يشرب المرارات وكأنها السُكّر، ومن يعالج جروحه بعيداً عن أنظار الآخرين، كل ذلك من أجل أن يحافظ على كبريائه وشموخه وسُمعته في عيون من يعيش معه في ذات المحيط. ويبقى السؤال ما فائدة أن نحمل مشاكلنا وهمومنا وإحباطاتنا إلى أي مكان نذهب له؟، ليظهر على وجوهنا الحزن والهم والكآبة، فيتأثر الآخرون بعيوننا الذابلة، وبملامحنا الشاحبة، فينظرون إلينا بنظرة العطف، والضّعف، وربما كسرة الخاطر. وقديماً كنا نسمع مقولة: "أن من يُضحِك الناس هو أكثرهم حملاً للهموم"، مما يعني أن القوة الحقيقية هو خروجك بثقة أمام مجتمعك حتى وإن احتلت العواصف مُدن قلبك وعواصم عقلك؛ لأنك بتصرفك هذا تجعلهم يبادرون باحترامك وتقديرك، وقد يُعجب أحدهم بك وكأنك من كوكب آخر. وأخيراً؛ لا تضعف مهما أبكتك المواقف، ولا ترفع راية الاستسلام مهما كانت الظروف، ولا تتضايق من جرح أحدهم لك، ولا تتذمر من أوضاعك المُتعبة، كن قوياً شجاعاً حتى تحترمك الأيام وقبل ذلك الأشخاص، وتذكّر جيداً أن يراك الناس مبتسماً رغم ألمك، أفضل من رؤيتهم لك وأنت ضعيف يعتصرك الألم.