لدى الكثير من الطلاب وأولياء الأمور هوس بالدرجات والاختبارات، ويرون أن التفوق ينحصر في الحصول على درجات عالية؛ مما جعل الطلاب يركزون على "النجاح الشكلي" لا على التعلم الحقيقي، وهذا الأمر أدى إلى ضعف المهارات العملية، وغياب التفكير النقدي، فضلًا على زيادة الضغط النفسي على الطلاب. النتيجة هي تحول التعليم إلى سباق درجات وليس فهم المادة أو تطبيقها في الحياة، وقد انعكس ذلك سلبًا على شخصية الطالب؛ لغياب الحافز الحقيقي للتعلم، وتم إهمال المهارات المهمة للحياة، مثل: حل المشكلات، والعمل الجماعي، والقدرة على التعلم الذاتي. والسؤال الذي يمسُّ مجتمعنا: لماذا كل هذا الهوس بالاختبارات والدرجات بدلًا من ربطه بجودة المخرجات؟ أقول: في الواقع كثير من الطلبة يعرفون كيف يجيبون عن أسئلة الاختبار، لكنهم يعجزون عن تطبيق ما تعلموه، ويفتقدون المرونة والتفكير النقدي عندما يواجهون مواقف جديدة، وأصبح التعليم وسيلة مؤقتة للدرجات وليس رصيدًا دائمًا للحياة. أقترح عدة حلول: أولها، أن نعيد تعريف النجاح بحيث لا يكون محصورًا في الدرجات ولكن بالقدرات والمهارات، ثانيها، أننا نحتاج العمل على تنويع أساليب وأدوات التعليم والتقييم، مثل: عمل المشاريع التعليمية، والعروض، والتجارب العملية، ونقاشات صفية، والعمل الجماعي. ثالثها، أنه يجب ربط المناهج التعليمية وأسئلة الاختبارات بواقع الطالب وحياته اليومية والمستقبلية، ومن المهم ربط التقييم بالمهارات المطلوبة في سوق العمل (وهذه تحتاج إلى مقالة منفصلة)، رابعها، أنه يجب على المؤسسات التعليمية إعداد المعلمين ليكونوا موجهين ومحفزين أكثر من كونهم "ملقنين"، خامسها، أنه يجب علينا تغيير الثقافة المجتمعية (وإن كانت تحديًا بذاته) وهي أن الدرجات وسيلة لا غاية، وأن النجاح ليس بالضرورة الحصول على أعلى الدرجات ولكن بالكفاءة وتنمية المهارات. أخيرًا: إذا ظل التعليم موجهًا للاختبار، فسنستمر في إنتاج حافظين لا مفكرين، ولكن إذا تحول إلى "موجه للحياة"، فسوف نخرج جيلًا قادرًا على البناء والإبداع؛ لذا يجب التركيز على التعلم من أجل الحياة لا على مجرد الدرجات. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. د. بندر عبدالعزيز المنقور