مر التعليم العام لدينا في المملكة العربية السعودية بمراحل مختلفة من التطور بجميع أبعاده وعناصره، فخلال الفترة القليلة الماضية حدثت نقلة نوعية عالية الجودة في تطوير التعليم عامة والمناهج بشكل خاص، وذلك تلبية لحاجات المتعلمين وحاجات المجتمع والتهيئة لسوق العمل. ومما لا يخفى علينا أن المناهج في السابق كانت تزخر بمعلومات تقدم للطالب جاهزة دون مشقة في البحث عنها، ولا توفر الفرص للطالب لتطبيق المعرفة، ولا لربط وتكامل خبراته، وكان المعلم والكتاب المدرسي هما المصدران للتعلم، ودون ربط التعلم بحياة الطالب، وتلك المناهج القديمة كانت توحي للطالب بأن فرصة نجاحه تقوم على حفظ ما احتواه الكتاب من معلومات، وهو ما يسمى النظرية السلوكية. يتضح جليًا أن الهدف من تطوير المناهج هو مواكبة العصر الذي نعيش فيه وإيصال المعلومات التي تناسب مناخ الطالب وقدرته على الدرس والتحصيل، وتغيير آلية التعلم داخل المناهج وتنويع مصادر المعرفة، فكان لابد من تطوير المناهج الدراسية. المناهج الحديثة اعتمدت على مبادئ واتجاهات تربوية أصبح كثير من الدول تأخذ بها وتصمم مناهجها في ضوئها، المناهج الجديدة وفرت فرصا للتعلم الذاتي للطالب، وتعلمه كيف يتعلم، وتوفر الفرص لتطبيق المعرفة، وتعمل على تكامل خبراته وربط التعلم بحياته، ومن خلال ذلك يتعلم الطالب كيف يفهم، المناهج الجديدة اعتمدت على نظريات تعلم حديثة، مثل النظرية البنائية، بمعنى أن التعلم عملية بناء داخلي يقوم فيها الفرد، وأن الفرد قادر على بناء معرفته من نفسه، كما اعتمدت على نظرية التعلم الاجتماعية، حيث تبنى المعرفة من خلال التفاعل بين الطالب وزملائه. وأصبحت المناهج الحديثة تركز على إكساب الطالب مهارات تعد ضرورية للفرد كي يتفاعل بصورة إيجابية مع الآخرين ويتواصل معهم، ويتكيف مع مستجدات مثل: مهارات البحث، وحل المشكلة، واتخاذ القرار، ومهارات التفكير الناقد، ومهارات التفكير العليا، ومهارات التقييم الذاتي، ومهارات استخدام التقنية بفاعلية، وغير ذلك من المهارات التي تعد ضرورية لتحقيق هدف التطوير، إضافة إلى أن الثورة المعرفية وفرت مصادر تعلم كثيرة للطالب ليتعلم، فاستفادت المناهج الجديدة من ذلك، وعددت مصادر التعلم بما فيها مجال التكنولوجيا. ولا نغفل الدور الحيوي للمعلم، والذي عكس ما يظنه البعيدون عن بيئة التعليم فإنه زاد عن السابق لكنه تغير، فبدلا من أن يكون ملقنا للمعرفة أو التعلم أصبح ميسرا للتعلم، مصمما بالتعاون مع الطلاب لنشاطات تعليمية تعمق تعلمهم وفهمهم لما تعلموه وتوفر فرصا لهم لتطبيقه. وبتظافر جهود المعلم والطلاب والمجتمع مع تطلعات الوزارة سنحصد بإذن الله ثمار هذه التطورات في بناء جيل يتمتع بمهارات عالية تخدم وتبني أركان هذا الوطن.
