كان التعليم مسبقًا وما زال يتطلب جهدًا كبيرًا من المعلّم، فهو المصدر الأول للمعرفة، وقوة وأثر التعليم تعتمد على مهارات المعلّم فيما يخص تجهيز المادة العلمية، وطريقة الشرح، وقدرته على توصيل المعلومة، والتقييم... إلخ؛ وينحصر دور الطالب غالبًا في أنه يتلقى المعرفة ويركز على الحفظ والفهم. ولكن مع دخول أدوات الذكاء الاصطناعي والتي أصبحت أذكى من أي وقت مضى الأمر الذي أثار قلق المعلمين الذين يرونه تهديدًا للتعليم، أرى أنه يمكن أن تصبح هذه الأدوات شريكًا قويًا في صناعة التعليم وعونًا للمعلّم، وليست بديلًا عنه (إذا استُخدمت بالشكل الصحيح)، ويكون الطالب مشاركًا ومؤثرًا في بناء المعرفة، كما سيركز التعليم على الإبداع والتفكير النقدي والمهارات الرقمية. أقول: ينبغي للمعلّمين الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ من خلال إعداد الدروس بتصميم نماذج مختلفة من المناهج حسب مستوى الطالب وقدراته (خطط دروس مخصصة)، وتقييم الطلاب، وإعداد الاختبارات، وتصحيح الواجبات، وابتكار وسائل تعليمية مختلفة من الصور والمحاكاة وغيرها. كما ستساعد أدوات الذكاء الاصطناعي على تطوير مناهج تعليمية تُعلّم الطالبَ التفكيرَ النقدي والإبداع بدلًا من الحفظ فقط، وتتيح للطالب أسلوب تعلم يناسبه، فالبعض يتعلم أسرع بالصور، والبعض يفضل الشرح النصي أو التمارين، وبالتالي ينتقل دور المعلّم من مُلقّن إلى مرشد وموجّه. أنا لا أرى إشكالية إذا استفاد الطلاب من تقنيات (برامج) الذكاء الاصطناعي المتوفرة لدعمهم في التخطيط والتنفيذ للمشاريع، أو إذا استعصى عليهم فهم المنهج، فالطالب يمكنه طرح أي سؤال لتلقي جواب مبسط أو متدرج؛ بل يجب تعليم الطلاب كيفية التعامل مع مهارات المستقبل بما فيها أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول ومفيد؛ فهي أداة يجب احتضانها والاستفادة منها، مثلها مثل الحاسوب أو الآلة الحاسبة. أخيرًا: يبقى التعليم التقليدي مهمًا في بناء القيم، والتربية، وتنمية الجانب الإنساني والاجتماعي للطالب. ولكن برأيي التكامل بين الاثنين يبقى الأفضل، فيوجد معلّم يقود ويوجه ويبني ويزرع القيم والجانب الإنساني بدلًا من كونه فقط "ناقل معرفة"؛ وبين تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تسرع وتحسن من جودة التعليم والتي لا تلغي دور المعلم بل تساعده. يجب احتضان تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم كما تم احتضانها في مجالات أخرى، حيث إنه يفتح آفاقًا للابتكار ويحسِّن من تجربة التعلّم.