أعلنت وزارة المالية الثلاثاء الماضي، البيان التمهيدي للميزانية العامة للعام المالي 2026، حيث من المتوقع أن يبلغ إجمالي النفقات نحو 1313 مليار ريال، والإيرادات 1147 مليار ريال. ولهذا يتوقع أن يصل عجز الميزانية إلى 165 مليار ريال، أي نحو 3.3 % من الناتج المحلي الإجمالي. أي أقل من العجز المتوقع لهذا العام 2025، والبالغ 245 مليار ريال- أي 5.3 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا التوجه سوف يستمر، حيث من المتوقع أن ينخفض إلى 2.3 % في عام 2027 و2.2 % في العام الذي يليه 2028، وهذا عائد إلى تبني الحكومة سياسات الإنفاق التوسعي التحولي، الهادفة إلى مواصلة تنفيذ المشاريع والبرامج والمبادرات ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي. وأنا أشرت أكثر من مرة إلى أن التمويل بالعجز، ليس سلبياً، إذا كان وفق ضوابط تؤدي إلى عدم تراجع الناتج المحلي الإجمالي. إذ أنه من غير المجدي، عندما تتراجع العائدات نتيجة ظروف اقتصادية غير مؤاتية، ترك ذلك الناتج يتراجع، فقط من أجل الحفاظ على توازن العائدات مع المصروفات. فالاقتصاديون يكاد يجمعون على أنه من الأفضل في هذه الحالة اللجوء إلى التمويل بالعجز، إلى حين تحسن الظروف الاقتصادية وارتفاع العائدات من جديد. ولذلك فمن المتوقع أن يؤدي استمرار الحكومة في تبنّي سياسات الإنفاق التوسعي المعاكس للدورة الاقتصادية، والموجّه نحو تحقيق برامج رؤية 2030، إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي عام 2026 بنحو 4.6 %، مدعومًا بالنمو المتوقع للأنشطة غير النفطية، وهذا أمر أكثر من إيجابي في ظل تراجع العائدات النفطية، وانخفاض أسعار النفط إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل. إن انخفاض أسعار النفط سوف يؤدي إلى خروج المنافسين، ذوي تكلفة الإنتاج المرتفعة كمنتجي الغاز الصخري، من السوق وارتفاع أسعار النفط من جديد خلال الفترة القادمة. فرؤساء شركات ذلك الغاز غير راضين عن توجه إدارة ترمب إلى خفض أسعار النفط، لأن ذلك سوف يؤدي على حد تعبيرهم إلى "تركيع قطاع النفط الصخري الأميركي". وعلى هذا الأساس، فإن تراجع أسعار النفط، وبغض النظر عن آثاره السلبية المؤقته علينا، فإنه أحد أدوات السوق من أجل إخراج المنافسين غير الأكفاء، وإعادة توازن العرض والطلب من جديد على أسس أكثر صحية. إن العديد من شركات الغاز الصخري سوف تفلس خلال الفترة القريبة القادمة، لعدم مقدرتها على المنافسة معنا في السوق، وهذا سوف يؤدي إلى إعادة توازن سوق النفط من جديد، وبالتالي ارتفاع عائداتنا من صادراتنا النفطية، الأمر الذي سوف ينعكس بالإيجاب على الميزانيات العامة لبلدنا خلال الفترة القادمة، وتمكننا من تسديد ما اقترضناه خلال الفترة الماضية.