في اليوم الوطني ال95، تتوهج ذاكرة الوطن بملاحم العز والتوحيد، وتشتعل القلوب بحب هذه الأرض التي وُلدت من رحم التضحية، وبُنيت بسواعد الرجال، وتوحّدت براية التوحيد. إنه اليوم الذي لا يُقاس بالزمن، بل يُقاس بالعظمة؛ يوم انطلقت فيه المملكة من صحراء متفرقة إلى دولة هي اليوم ركيزة استقرار إقليمي وقوة عالمية صاعدة. وفي عهد سلمان الحزم ومحمد بن سلمان الطموح، يتجدد المجد، وتتسع الآفاق، ويُكتب التاريخ بمداد جديد. أسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- دولة راسخة جعلت الأمن والوحدة والولاء والانتماء خطوطاً حمراء لا تمس. وواصل أبناؤه الملوك البناء والتنمية، حتى وصلنا إلى عهد الملك سلمان، حيث تعاظمت مكانة المملكة، وتجلّت هويتها القوية، وانطلقت إلى مرحلة جديدة من الحضور العالمي والنهضة الداخلية. في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- ازدادت المملكة صلابة وثباتاً. جمع الملك سلمان بين الحكمة المتوارثة عبر عقود من القيادة، والحزم الذي يفرضه الواقع الدولي. فكانت السعودية في عهده قوة إقليمية حاسمة وصوتاً دولياً مؤثراً. داخلياً، عزز مؤسسات الدولة، ووضع المواطن في قلب التنمية، فكان عهده امتداداً لمجد الآباء، لكنه أيضاً عهد البناء المتجدد الذي هيأ الأرضية لمشروع وطني أكبر وأعمق بقيادة ولي عهده الأمين. إلى جانب الملك سلمان، ينهض ولي عهده الأمير محمد بن سلمان ليصوغ ملامح السعودية الحديثة عبر رؤية السعودية 2030. رؤية لم تقتصر على الاقتصاد، بل أعادت تشكيل جميع جوانب الحياة في المملكة لتشمل: * الاقتصاد: تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، وجعل المملكة وجهة استثمارية عالمية، وإطلاق مشاريع عملاقة مثل نيوم، القدية، البحر الأحمر، ومشاريع الطاقة المتجددة، مما وضع السعودية في قلب الاقتصاد العالمي الجديد. * الجانب العسكري: تأسيس الصناعات العسكرية الوطنية، والسعي للاكتفاء الذاتي في مجال التسليح، وتعزيز قدرات القوات المسلحة لتكون قادرة على الدفاع عن الوطن وصون سيادته بقدرات وطنية. * المجتمع: تمكين المرأة، وفتح آفاق العمل والإبداع أمام الشباب، وتحويل المواطن إلى شريك حقيقي في التنمية. لقد أعاد ولي العهد تعريف مفهوم المشاركة المجتمعية ليجعل كل سعودي جزءاً من مشروع النهضة. * الثقافة والهوية: إطلاق وزارة الثقافة، واستضافة الفعاليات العالمية، وإعادة إحياء التراث الوطني، مما جعل الهوية السعودية أكثر حضوراً في الداخل والخارج. أصبحت المملكة مركزاً للفنون، والرياضة، والابتكار، تعكس للعالم صورة وطن أصيل الجذور، حديث الطموحات. * التقنية والرقمنة: جعل السعودية مركزاً إقليمياً للتقنية، ومنصة للابتكار، وحاضنة للشركات الناشئة، مما يواكب تطلعات الأجيال الجديدة ويضع المملكة في قلب التحولات العالمية. لقد صنع ولي العهد نموذجاً جديداً للقيادة؛ جرأة في القرار، سرعة في الإنجاز، ووضوح في الرؤية. فباتت السعودية في عهده؛ دولة لا تكتفي باللحاق بركب العالم، بل تنافس على الصدارة. اليوم الوطني ال95 ليس مجرد ذكرى، بل هو عهد يتجدد أن الوطن والقيادة والأمن والوحدة والتلاحم خطوط حمراء. وهو رسالة لكل مواطن أن دوره لا يقل عن دور جندي أو مبدع أو معلم؛ فالوطن مسؤولية الجميع، والهوية السعودية أمانة في أعناقنا جميعاً. وتزامناً مع هذه المناسبة المجيدة، صدر كتابي الجديد "ملاحم الدولة السعودية"، الذي يوثق بمقاربة عسكرية وأمنية مراحل الدولة السعودية الثلاث: التأسيس والبناء، البطولة والصمود، المجد والتوحيد. أردته أن يكون أكثر من كتاب تاريخ؛ أن يكون رسالة حية تعيد للأجيال وعيهم بتاريخهم، وتغذي حماسهم، وتربط بين بطولات الأمس وطموحات اليوم. إصداره في هذا اليوم الوطني هو دعوة للشباب أن يتذكروا دوماً أن الأوطان لا تُبنى إلا بالعزيمة والتضحيات، وأن ما ورثوه من مجد هو أمانة تستحق أن تُصان وتُعزز. الكتاب يسلط الضوء على مراحل الدولة الثلاث: التأسيس، الصمود، والتوحيد، مع التركيز على القيم التي أرساها المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والتي استمرت في عهد أبنائه، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- حيث تواصل المملكة مسيرتها نحو النهضة والتقدم على جميع الأصعدة. صدر الكتاب احتفاءً باليوم الوطني ال95، ليكون إرثًا وطنيًا وفخرًا بتاريخنا، وإلهامًا للأجيال القادمة، ويعكس تاريخًا غنيًا بالملاحم، ويقدم رؤية عميقة حول الأمن الوطني، القوة العسكرية، والتضحيات التي ساهمت في توحيد وترسيخ المملكة. وقد تشرفت بإهداء نسخ فاخرة من الكتاب إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- تقديرًا ووفاءً، مع وضع إهداء خاص في مقدمة الكتاب للملك سلمان، عرفانًا بدوره الكبير في تحقيق منجزات وطنية كبرى، وحبه العميق للتاريخ السعودي وحرصه على توثيقه للأجيال. إن إصدار الكتاب في هذه المناسبة الغالية يعكس اعتزازنا بتاريخ المملكة ومسيرتها البطولية، ويُعتبر جسرًا بين الماضي والمستقبل، يحفز الشباب على تقدير الجهود الوطنية، والتمسك بالقيم التي صنعت هوية المملكة وعزتها ووحدتها. اليوم الوطني ال95 هو اليوم الذي نقول فيه للعالم: هنا وطن لا يعرف المستحيل، هنا قيادة تقود بحزم وطموح، هنا شعب يضع يده بيد قادته ليصنع المستقبل. إنها لحظة ولاء صادق للملك سلمان، الذي رسّخ المملكة قوة شامخة لا تهتز، ولولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الذي فتح لنا أبواب الغد الواسع، وعلّمنا أن الطموح لا سقف له. فلنكن جميعاً صفاً واحداً، درعاً للوطن، وسيفاً في يده، نبني ونحمي ونحقق معاً الحلم السعودي الذي أصبح اليوم واقعاً. ولنهتف بأعلى أصواتنا: هي لنا دار.. ولها منا الولاء، لها منا الوفاء، ولها منا الفداء حتى آخر العمر. نسأل الله العلي القدير أن يحفظ قيادتنا الرشيدة وأن يديم على وطننا نعمة الأمن والازدهار، وكل عام والوطن بألف بخير. اللواء الركن خالد المرعيد