انتهت فترة الانتخابات في نادي الشعلة، وجلس على هامة الكرسي من دفع ثمنه وكان صادقًا في وعده، لم يكن وصوله نتيجة صدفة أو مجاملة، بل كان حصادًا لرغبته وجرأته وإيمانه بأن الوفاء بالوعد هو أول خطوات النجاح الحقيقي. اليوم، تبدأ صفحة جديدة في تاريخ النادي، عنوانها الصدق والعمل الجاد، حيث ينتظر الجميع من الرئيس الجديد وإدارته أن يكونوا على قدر الثقة، وأن يواصلوا المسير بنفس الروح التي أوصلتهم إلى كرسي الرئاسة، فالنادي بحاجة لقيادة تضع مصلحته فوق كل اعتبار، وتعمل بإخلاص من أجل مستقبله، ليبقى الشعلة مضيئًا في سماء الخرج كما كان دائمًا. أما عن موقفي، فلم أكن يومًا مع طرف أو ضده؛ أنا دائمًا منحازا لأفكاري وقناعاتي وأشجعها وأهتف لها، حين تولت الإدارة المكلفة مسؤولية النادي، كنت من المؤيدين لها، ومع فكرة التغيير، وتمنيت أن تحقق النجاح المنشود، وكتبت العديد من المقالات النقدية، آملاً أن تجد صدى وتأخذ بعين الاعتبار، لكن للأسف، ظل صوت الطبل والبهرجة أعلى من كل محاولة جادة، واتضحت مع الوقت الكثير من الأمور التي أكدت الحاجة لإبعاد بعض الأشخاص عن النادي. أما الإدارة الحالية، فقد جاءت بلا جحافل ولا طامعين في مصالح ولا مهرجانات تطبيل، كان ظهور اسم الرئيس وأعضاء مجلس إدارته مفاجأة للجميع، وجاءت خطواتهم هادئة ورزينة. استطاعوا، دون ضجيج، أن يزيحوا من ظن أن «الميدان» مجرد نزهة أو عرض « شو « على المنصات الرقمية، خصوصًا في مرحلة كان العنوان الأبرز فيها:» الفكر والمال في العقول والأيدي الفارغة «. فترة التكليف كانت كافية لتوضح كل السلبيات لدى الذين لا يجيدون سوى فن الخطابة أمام الشاشات، ونسي أو تناسى البعض أن الميدان لا يمنح المجد لأبطال الورق والسوشال ميديا بل هو محك الرجال وأرضُ الأفعال لا الأقوال. وكم هو مثير للشفقة أن تُلوّح بقدرات مالية وأنت لم تدفع إلا ثمن عضوية أساسية يستطيع أن يدفعها طالب في الجامعة، ألهذه الدرجة أصبح البعض يظن الناس سُذج؟! انتهت حفلة «الشو» وصدحت ساحة الأفعال باسم ( إدارة عبدالله الرويس ورجالاته) فما أكثر من قال «الميدان يا حميدان»، وما أقل من بقي في الميدان حين جدّ الجد! لم أتواصل يومًا مع شعلاوي أصيل وأسأله عن حال النادي إلا وأجد في كلماته ألمًا واضحًا مما مر به الشعلة في الفترة الماضية، وما صاحبها من أساليب وسلوكيات لا تمت للنادي ولا لجمهوره الحقيقي بصلة، باستثناء المنتفعين من هذه الفوضى، لقد كانت مرحلة صعبة تركت أثرها في نفوس المحبين، لكنها أيضًا كشفت معادن الرجال وحددت من يستحق أن يكون جزءًا من مستقبل الشعلة ومن لا مكان له إلا على هامش الذاكرة. قيادة على «فوهة الجمر» يقال في الأمثال: «لا تمدح العود حتى تحطه فوق الجمر»، وهذا القول ينطبق تمامًا على المرحلة القادمة لنادي الشعلة، فالجميع يلمس الجانب الإيجابي في تخلص النادي أخيرًا من قائمة المرشح الآخر، لكن الحقيقة أن الرويس وإدارته الآن يقفون على فوهة الجمر؛ فبينما أحجم الآخرون عن التقدم للرئاسة، كان هو من بادر، وهو يدرك تمامًا حجم التحديات والديون والعمل الجبار المنتظر. رغم ذلك، أشعر بالتفاؤل تجاه هذه الإدارة الجديدة، وأؤمن أنهم قادرون -بإذن الله- على أن يعيدوا الشعلة إلى أوجها، من خلال عمل دؤوب وجهود صادقة. فالنادي بحاجة اليوم إلى من يضع فوق الجمر (عود أزرق) يحترق ليُعيد تشكيله بأفخر أنواع العزيمة والإخلاص، حتى ينهض ويعود لمكانته الطبيعية بين الكبار. والحكم على عمل الإدارة يحتاج إلى عامين على الأقل حتى تتضح الصورة كاملة وتتبلور ملامح الإدارة بشكل واضح، وأتمنى من جميع المحبين ألا يستعجلوا في تقييم عمل الإدارة أو يطالبوها بما هو فوق طاقتها في هذه المرحلة، فالبدايات دائمًا ما تكون مليئة بالصعوبات، والصبر والتكاتف هما الطريق الأمثل للوصول إلى الأهداف المنشودة. ولا بد للإدارة الجديدة أن تفتح طريق التواصل المباشر مع الأستاذ فهد الطفيل، والاستفادة من خبراته الطويلة وعلاقاته الواسعة مع وكلاء اللاعبين والمدربين وأعضاء الشرف، فالرجل أمضى عمره في خدمة النادي، ويملك من التجربة والشبكات ما يمكن أن يصنع الفارق متى ما توحدت الجهود وتلاقت الرؤى ولا أظنه سيدخر جهدًا في ذلك. وليس الأستاذ فهد الطفيل وحده، بل كل أعضاء مجلس إدارته وكل ذا رأي صادق فهم يملكون القدرة على تقديم المشورة والرأي السديد، فالتجارب المتراكمة والخبرات المتنوعة التي يحملها كل فرد يمكن أن تمثل إضافة حقيقية لمسيرة النادي إذا ما تم استثمارها بالشكل الصحيح فالنجاح لا يصنعه شخص واحد، بل هو ثمرة عمل جماعي، صدقوني، الوصول بالنادي لأعلى المراتب لن يتحقق إلا بالتعاون المثمر، والحب والتقدير المتبادل بين الجميع، فالمسيرة تحتاج إلى تكاتف كل الأوفياء. أتمنى هذا الموسم أن أرى كل الشعلاويين، حتى المبتعدين منهم، يزينون مدرجات النادي بحضورهم ودعمهم في المباريات، حضور الجميع ليس مجرد تشجيع، بل رسالة واضحة مفادها: «كلنا الشعلة»، فالتكاتف والالتفاف حول النادي في هذه المرحلة هو أعظم هدية يمكن أن تقدموها، وهو سر النجاح الحقيقي ليبقى الشعلة دائمًا في المكانة التي تليق بتاريخه وجماهيره. حمود فالح السبيعي - الرياض