من ضمن اهتمام المملكة بالهوايات إدراجها ضمن برنامج جودة الحياة، من خلال البوابة الوطنية للهوايات المعروفة باسم "هاوي"، بما يضمن تمكين الهواة رجالًا ونساءً وأطفالًا، من ممارسة الهوايات المختلفة، وتعزيز الصحة النفسية والعقلية لديهم، وتنمية الإبداع والابتكار، وتقوية الروابط الاجتماعية، ولكن الأهم ألا تنطوي هذه الهوايات على إضرار بالنفس أو بالآخر.. نشرت مجلة فرونتير بابليك هيلث، في 2023، أن ممارسة الهوايات الفنية تسهم في تحسين الصحة العقلية مع التقدم في السن، وفي دراسة ثانية نشرتها جامعة نيويورك الأميركية عام 2020، وشارك فيها 1500 شخص بالغ، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يمارسون الهوايات بأنواعها، يشعرون براحة أكبر، ويحصلون على نوم ليلي أفضل، مقارنة بمن ليس لديهم اهتمامات في أوقات فراغهم، ولكنها توصلت إلى أن الهوس بالهوايات قد يؤدي إلى نتائج عكسية، وربما تسبب في المعاناة من صعوبات النوم، والمعنى أن التوازن مطلوب في ممارسة الهواية، بحيث لا تتعارض مع التزامات الشخص الأسرية أو الوظيفية، ولا تشغل وقته بالكامل، أو يترتب عليها ممارسات غير قانونية، أو مخالفة للمعايير الأخلاقية، كاستغلال الرسام لهوايته في التزوير، وتوظيف الممثل لإبداعه في ممارسة النصب والاحتيال، وقد حدثت بالفعل حالات تفكك أسري وأزمات مالية، لأن الشخص لم يوازن بين هوايته ومسؤولياته. رغم ما قيل يعتقد الفيزيائي ويليام أوسلر أنه لا يوجد إنسان سعيد وآمن بلا هواية، ما يفسر الاهتمام بها على المستوى المحلي في المملكة، وإدراجها ضمن برنامج جودة الحياة، وذلك من خلال البوابة الوطنية للهوايات، المعروفة باسم: «هاوي»، والتي بدأت أعمالها في أكتوبر 2022، بما يضمن تمكين الهواة رجالاً ونساءً وأطفالاً، من ممارسة الهوايات المختلفة، وتعزيز الصحة النفسية والعقلية لديهم، ومعها تنمية الإبداع والابتكار، وتقوية الروابط الاجتماعية، ولكن الأهم ألا تنطوي الهوايات على إضرار بالنفس أو بالآخر، ومن الأمثلة، التفحيط في الشوارع العامة وداخل الأحياء، والمبالغة في المشتريات والتفاخر بها على السوشال ميديا، لإغاظة غير القادرين، واقتناء التحف الغالية والاحتفاظ بها، دون التفكير في بيعها مستقبلاً، والنميمة الاجتماعية، وكل ما سبق يدخل في خانة الهوايات السلبية والمزعجة. بوابة هاوي تم تأسيسها من قبل 12 جهازاً حكومياً، وبإشراف من برنامج جودة الحياة، ولديها 31 شريكاً من القطاعين الحكومي وغير الربحي، أبرزها، الاتحادات الرياضية السعودية، في مجال الدراجات والروبوت والرياضات اللاسلكية والسهام، ومعها المعهد الملكي للفنون التقليدية، وتستهدف الشراكات التعريف بالهوايات، وزيادة مساحة انتشار الألعاب المختلفة، وبالتأكيد تنظيم المسابقات والفعاليات، ولعل شراكة القطاع الخاص تهتم أكثر بتوفير مساحات لممارسات الهوايات، وتضم البوابة 52 ألف عضو منتسب، من كل المراحل العمرية، و855 نادياً، بحسب أرقام 2024، وتستهدف الوصول لستة آلاف نادٍ في الخمسة أعوام المقبلة، ونظمت هاوي قرابة 900 فعالية، حصة الثقافي فيها 50 %، وتقديم الدعم المالي للأندية، يكون بعد ستة أشهر على تأسيس النادي، وبشرط اكتمال طاقمه الإداري، وذلك عن طريق بطاقة بنكية يتم إصدارها، وهذه البوابة، في تصوري، تمثل سبقاً حكومياً يستحق أن نفاخر به العالم، ومكاسبه ستظهر في المستقبل. تأثير الهوايات عجيب، ومن الشواهد، أنه في 1998، واجهت آيسلندا مشكلة معقدة، فقد وصلت نسبة المراهقين الآيسلنديين ممن يتعاطون الكحول إلى 42 %، ومجايليهم من مدخني السجائر لما نسبته 23 %، وقررت الحكومة معالجة ذلك، بالاستثمار في هوايات المراهقين، وكانت النتيجة تراجع نسبة من أدمنوا الكحول إلى 5 %، والمدخنين إلى 3 %، وصنفت آيسلندا في 2021، أنها من بين أقل دول العالم في أعداد المراهقين المدمنين على الكحول والتدخين. عالمة النفس الأميركية كارول دويك، قسمت الناس إلى نوعين، الأول، أصحاب العقليات الثابتة، وهؤلاء يولدون بقدرات ومواهب وذكاء معين، ويستمرون عليها طوال حياتهم بدون تغيير، والنوع الثاني، أصحاب العقليات القابلة للتطور، وهم يحاولون دائماً مجاهدة أنفسهم، والدخول في تجارب جديدة، ويشعرون بقدرة أكبر على الإبداع، والاهتمام بالهوايات والشغف المتوازن بها، سمة أساسية فيهم، أو هذا ما أراه. قبل أربعة أعوام وتحديداً في 2021، بدأت في العاصمة السعودية الرياض، مبادرة عرفت باسم مخيم الهوايات، ولم أسمع بها بعد ذلك، والفكرة أقامتها شركة كامب السعودية، بالاستفادة من إمكانات مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية، وحضرت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة فيها، بحوالي ثلاثة آلاف كتاب في مكتبة صغيرة متنقلة، وقد استضاف المخيم الأطفال السعوديين، ممن تتراوح أعمارهم ما بين تسعة أعوام وخمسة عشر عاماً، لمدة 14 يوماً، وفي الثلاثة أيام الأولى، تم تحديد هوايات الأطفال، ومن ثم العمل على تطويرها بمعرفة مختصين في الأيام المتبقية، وبواقع ساعتين يومياً للهوايات الحركية كالرماية والسباحة، وساعة ونصف للهوايات الإبداعية كالقراءة والشطرنج، وتقوم الاتحادات الرياضية السعودية، في نهاية الأمر، باختيار الأطفال المميزين، لإكمال برنامجهم في مقارها، ولا أعرف طبيعة علاقتها بالبوابة الوطنية هاوي، ولكنها في رأيي الشخصي فكرة موفقة ومطلوبة، وتتقاطع مع تجارب مشابهة في أوروبا وأميركا، واستناداً لأهل الاختصاص، يقام في الولاياتالمتحدة سنوياً قرابة 14 ألف مخيم للهوايات، وهذه الصناعة واعدة، وتقدر قيمتها بنحو 18 مليار دولار، وتخدم شريحة تتجاوز 14 مليون شخص، وبوابة الهوايات الوطنية تحتاج لأفكار من هذا النوع.