بحالة وجدانية تتجاوز المادة، وتترجم فلسفته حول الصمت، والتحفظ، وجمال الارتداد الداخلي عن الضجيج الخارجي، يقدم فنان النحت خالد العنقري منحوتة جديدة بعنوان "الخجل"، تلتزم الصمت لتعبر عن السكون والهدوء بأروع صوره الفنية. ويقول العنقري إن المنحوتة الجديدة ليست فقط كتلة حجرية كما قد يراها البعض، وإنما منحوتةً تجريدية تتجسد فيها ملامح "الخجل" كقيمة إنسانية أصيلة. كما تأتي هذه القطعة كتعبير بصري رفيع عن الشعور الداخلي الذي يتوارى خلف الجسد، وتنعكس ملامحه في انحناءة الرأس، والتواء الخطوط حول الكتلة الرئيسية للعمل، في انسجام شاعري بين الصمت والانكماش. وتعد المنحوتة عمل نحتي فريد من الرخام الطبيعي، وفيها تنحني كما تنحني الأرواح الخجولة، وتلتف الخطوط وكأنها تحتضن ذاتها في محاولة للاختباء، أو ربما لحماية ما بداخلها من رقة وعاطفة. وتتخذ الكتلة الحجرية ملامح أنثوية مضمرة، خالية من التفاصيل الجارحة، لكنها مشبعة بالانفعالات الدقيقة التي يشعر بها المتلقي دون أن تُقال. ويضفي الرخام المستخدم -بلونه الفاتح الممزوج بعروقٍ طبيعية دقيقة- على العمل شفافية روحية وهدوءاً نفسياً، يعزز من حالة السكون والتأمل. ويقف العمل على قاعدة حجرية طبيعية، وكأن الفنان يصر على التذكير بجذور الإنسان في الأرض، ومن خلالها لا يسرد العنقري الخجل كضعف، بل يُقدّمه كقيمة جمالية تتجسد في الرقة والانطواء والتوازن، ويحوّل هذا الشعور الإنساني إلى لغة منحنية ناطقة بالحس، تتحدث إلى كل من وقف أمامها وتأمل تفاصيلها. الفنان خالد العنقري خلال عمله بمنحوتة "الخجل" محمد بن عبدالله الحسيني