خطوة نوعية في التعليم بإغلاق عدد كبير من الإدارات والمكاتب في مختلف أنحاء المملكة بغية تركيز الموارد والدعم على المدرسة والمعلم والطالب، وباعتقادي أنه تحول مدروس ومختلف ستتضح معالمه العام الدراسي المقبل، خصوصاً ما كانت تعانيه المدارس في الوضع السابق من تشتت في المرجعيات وتكرار في الأدوار الإدارية وتشظٍ في مسؤوليات التنفيذ، مما كان يؤثر على كفاءة الأداء في الميدان التربوي ويزيد من الفجوة بين مستوى الدعم الإداري وبين احتياجات المدرسة الفعلية. لذلك أول انعكاس ملموس لهذه الخطوة تقليل البيروقراطية وتحجيم دوائر القرار المتداخلة، وهو ما يسمح بوصول الدعم مباشرة إلى المدرسة دون المرور بطبقات إدارية متعددة، كما يتيح للمعلّم مساحة أكبر للمبادرة والعمل في بيئة تعليمية أكثر وضوحاً واستقراراً، فالمدرسة ستكون مركزاً للقرار التعليمي وتحويلها إلى بيئة تعليمية، تدير شؤونها بمرونة وتخضع لمؤشرات واضحة تُقاس بها الجودة والمخرجات. الأثر لهذا التحول يصل إلى تعزيز كفاءة التعليم نفسه، وهو أحد محركات نمو الناتج المحلي على المدى البعيد لذلك هذا الهيكل سيسهم في رفع كفاءة الإنفاق ويقلّص الهدر في الموارد البشرية من خلال إعادة توزيع العاملين الإداريين على المدارس لتقوية الدعم المباشر فيها، بما يعزز من دور المدرسة كمؤسسة تنفيذية بدلاً من وضعها السابق الذي جعلها محطة انتظار للقرارات المركزية. كما أنها خطوة تعزز من مفهوم اللامركزية التشغيلية، وتفتح المجال لتطوير نماذج حوكمة تعليمية تتناسب مع حجم كل منطقة واحتياجاتها، وتُقلص من فجوة التباين بين إدارات التعليم الكبيرة والصغيرة، حيث كانت بعض المكاتب تستنزف جزءاً كبيراً من الموازنات دون أثر ملموس على جودة التعليم. ومن خلال دمج هذه الإدارات، سيتم إعادة توزيع الموارد وفق الاحتياج الفعلي، وربط كل منطقة تعليمية بمؤشرات أداء واضحة، مما يعزز من الجودة ويسرّع من وتيرة التحسين. المدرسة اليوم نقطة ارتكاز في التغيير، والمعلم شريكاً في التنفيذ، أما الطالب فهو المستفيد الأول من هذه الخطوة التي تجعل الدعم أقرب، والمتابعة أكثر تركيزاً، والقرار أقصر مسافة، لذلك تغيير فلسفة الإدارة التربوية، يمنح المدرسة الأدوات التي تحتاجها لتكون فعالة ومنتجة في آن. وكلما اقترب الدعم من المدرسة، زادت كفاءة المعلّم، وتحسّنت تجربة الطالب، وارتفعت جودة التعليم، وكل ذلك يصب في نهاية المطاف في تعزيز رأس المال البشري، والذي يمثل أساس التنمية المستدامة لأي اقتصاد يتطلع للمستقبل.