يستعرض كتاب "الترامبية: السياسة الأمريكية في مواجهة العالم" للدكتور علي الخشيبان جذور الظاهرة الترامبية بوصفها امتدادًا لمبادئ السياسة الواقعية التي عرفها التاريخ منذ أزمنة بعيدة، حيث يسبق الفعل السياسي النظرية ثم تأتي الأخيرة لتنظّم المعرفة وتحلل السلوك، جاء ترامب ليعيد إنتاج أهداف الإمبراطورية الأمريكية الرأسمالية، معلنًا بوضوح مصالحها، مستندًا إلى مفاتيح مثل الدين والخوف من المهاجرين لكسب البيض الساخطين في ظل انعدام العدالة الاجتماعية. الترامبية تكشف عن حاجة البيض إلى سردية تنقذهم من تفسخهم الذاتي أكثر من حمايتهم من الآخر. ترامب قلب خطاب اليسار القائم على "الذنب الأبيض" إلى أداة هجومية، فحوّل الطبقة المتوسطة البيضاء إلى قاعدة مؤيدة قومية، بحثًا عن اعتراف وانتماء داخل سردية وطنية تتآكل. الخشيبان يرى أن الترامبية ليست وليدة اللحظة، بل امتداد لجاكسونية قديمة، مع خليط من الرأسمالية الريعية والخطاب الديني والخوف من الأقليات، وهي أقرب إلى حنين للماضي منها إلى عنصرية تقليدية. في السياسة الخارجية، يتقن ترامب المساومة ويعيد تفكيك التحالفات لخدمة رأس المال، ضابطًا السوق العالمية كما يسعى لضبط سوق العمل الداخلي، ومروضًا الإعلام لصالحه دون مساس جوهري بحرية الصحافة. خطورة الترامبية أنها تكشف غياب البدائل أكثر مما تقدم بديلًا، وتنفّذ أجندة البنية العميقة الأمريكية دون تجميل دبلوماسي. أما الكتلة البيضاء التي أوصلته للرئاسة فهي تبحث عن صيغة توازن بين الماضي والحاضر، لا لإحيائه كما كان ولا لتسليمه كليًا لرحى التغيير.