هذه العملية التي ستقوم بها إسرائيل في غزة تحمل في طياتها الكثير من المخاطر فتعريض حياة المدنيين الفلسطينيين للخطر يعتبر الأهم في هذه المخاطرة، كما أن فكرة التهجير القسري لحوالي مليون فلسطيني من مدينة غزة والمخيمات الوسطى تعتبر ضد القيم الإنسانية والدولية.. الخطة الإسرائيلية المقترحة لاحتلال غزة خطيرة جدا إلى درجة كبيرة وخاصة إذا وضعنا هذه الخطة في سياق يتمحور حول المستقبل وما تهدف إليه إسرائيل التي لن تتردد مستقبلا في فرض طريقتها في تسوية مشكلاتها الاستيطانية بهذه الطريقة الاحتلالية على مساحات أوسع من فلسطين، الهدف الذي تختفي خلفه هذه الخطة كما تقول إسرائيل هو "تدمير البنية التحتية لحماس وإطلاق سراح الرهائن المتبقين وممارسة الضغط من أجل الهجرة من غزة"، ففي المرحلة الأولى من هذه الخطة تنوي إسرائيل إتمام عملية الإخلاء عبر تفريغ غزة من مليون شخص وتحتج إسرائيل بأن هذا الإخلاء سيتبعه إنشاء مراكز إغاثة ومستشفيات ومدن خيام في وسط وجنوب غزة وهذه المرحلة سوف تستمر لعدة أسابيع بحسب الخطة. المرحلة الثانية هي مرحلة الاستيلاء العسكري وتخطط إسرائيل، عبر تنفيذ هجوم كامل للجيش الإسرائيلي على مدينة غزة ومخيمات وسط غزة وتختفي هذه المرحلة تحت ستار إنقاذ الرهائن، وتعتقد إسرائيل أن هذه المرحلة سوف تستمر لمدة خمسة أشهر، وهذه المرحلة تحمل في طياتها أهدافا استراتيجية ترغب إسرائيل في تحقيقها فعلى المستوى العسكري تعتقد إسرائيل أن هذه العملية تهدف إلى تفكيك مناطق احتجاز الرهائن لدى حماس، أما المستوى السياسي فتقول إسرائيل أن هذه العملية سوف تحقق الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن وتدّعي إسرائيل زوراً بأن هذه المرحلة سوف تساهم زيادة تدفق المساعدات للسكان، وهي بهذا الادعاء تحاول العمل على مواجهة الانتقادات الدولية، والحقيقة الخطره خلف هذه العملية تتمثل في دفع سكان غزة نحو الجنوب لتشجيع الهجرة. هذه العملية التي ستقوم بها إسرائيل في غزة تحمل في طياتها الكثير من المخاطر فتعريض حياة المدنيين الفلسطينيين للخطر يعتبر الأهم في هذه المخاطرة، كما أن فكرة التهجير القسري لحوالي مليون فلسطيني من مدينة غزة والمخيمات الوسطى تعتبر ضد القيم الإنسانية والدولية، فإسرائيل لا تمتلك الحق في اتخاذ مثل هذا القرار لو كان الأمر سيمر عبر المؤسسات الدولية ولكن التصرف الإسرائيلي لا يكترث بمثل هذه المؤسسات، فإسرائيل أصبح تقتل وتنتهك بلا عقاب، وهذا فشل دولي في ردع إسرائيل التي إن قامت بما تريد في غزة فسوف تضاعف الكارثة الإنسانية في مدينة غزة وبين السكان الفلسطينيين في ظل بنية تحتية غير موجودة أصلا ونقص حاد في الغذاء والدواء والماء والكهرباء، وسيكون من الطبيعي أن يؤدي تنفيذ هذه الخطة إلى ارتفاع كبير بعدد الضحايا لأنها عملية تتم من خلال الجيش الإسرائيلي المحتل وفي بقعة تتميز بالكثافة السكانية أمام جيش محتل. الحديث الإسرائيلي عن إمكانية تطبيق الخطة يواجه الكثير من التحديات والسيناريوهات فقد تكرر إسرائيل في غزة نموذج حرب فيتنام، أي احتلال طويل دون حسم واضح بجانب تكاليف بشرية ومادية ضخمة، وهذه الفكرة يدعمها استحالة أن تكون إسرائيل قادرة على إدارة شؤون سكان غزة الكبير، وقد ترتكب إسرائيل الكثير من الممارسات الخاطئة التي يمكنها أن تؤدي إلى مزيد من القتل للفلسطينيين، وفي النهاية سوف تواجه إسرائيل الفشل السياسي والاستراتيجي فهذه الخطة يمكن أن تنتج أهدافا معاكسة فقد تؤدي هذه الخطة إلى ولادة فصائل مقاومة جديد قد تكون أكثر تطرفا من السابقة، ومهما كان الدعم من الحكومة الإسرائيلية لهذه الخطة إلا أن المخاطر متعددة وكبيرة سواء الإنسانية أو العسكرية أو السياسية فالفشل في الأهداف المعلنة وتعزيز العزلة الدولية لإسرائيل هي نتائج محتملة ومنتظرة. السؤال الأهم ماذا تريد إسرائيل الوصول إليه عبر هذه الخطة..؟ إسرائيل تدرك أن القانون الدولي يعتبر تهجير السكان من أراضيهم جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف 1949م وكذلك ميثاق الاممالمتحدة، إسرائيل اليوم تدرك أن العالم يزداد غضباً عليها سواء إقليميا أو دوليا وأي سلوك إسرائيلي متهور سوف يزيد من هذه العزلة ويفاقم حجمها، كما أن الفجوة بين إسرائيل ومحيطها الإقليمي سوف يتضاعف بشكل كبير مما يعني فشل إسرائيل في التعايش مع محيطها الإقليمي فهل تغامر إسرائيل وتتحدى العالم. إسرائيل تحاول الالتفاف على القانون الدولي عبر خلق تكتيكات جديدة من خلال دفع سكان غزة إلى المغادرة عبر تمرير فكرة أن الحياة في غزة أصبحت مستحيلة مما يؤدي إلى الهجرة والتنقل المستمر بين المواقع ومناطق غزة التي تعيش ظروفا متشابهه، ولن تتوقف إسرائيل عن البحث عن وسائل متعددة لتفريغ غزة وتشجيع سكانها على المغادرة ولكن هذا المسار مستحيل الحدوث في السياق التاريخي للقضية الفلسطينية الرافض للاحتلال.