الخطة التي يعمل عليها برنامج صنع في السعودية، تركز بالدرجة الأولى، على تحويل المملكة إلى وجهة صناعية متميزة عالمياً، بجانب إعطاء المنتج السعودي ميزة تنافسية في كافة الأسواق، وبالأخص الإقليمية والدولية... في ديسمير القادم ستبدأ في الرياض، الدورة الثالثة من معرض صنع في السعودية، بتنظيم من هيئة تنمية الصادرات السعودية، وبمشاركة واسعة من الأجهزة الحكومية والخاصة، ومعهم نخبة من المصنعين المحليين، والمعرض الذي سبق وأن أقيمت منه دورتان، يمثل منصة وطنية تعرض فيها أهم المنتجات والخدمات المحلية، لتعزيز حضورها في الأسواق الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى بناء شراكات نوعية، وتحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص، ونجاحات هذا التجمع تظهر في إعداد زواره، فقد وصلت في دورته الثانية إلى 72 ألف زائر، وشارك فيه 120 كيانا حكوميا وخاصا، وشهد توقيع 61 اتفاقية للتصدير وتوطين الصناعات، وبرنامجا صنع في السعودية وشريك، يستهدفان بالدرجة الأولى تمكين القطاع الخاص من القيام بأدوار أكبر، وتخفيف الأعباء على الدولة، وتحديدا في تنمية الإيرادات غير النفطية. زيادة على ماسبق، برنامج صنع في السعودية، الذي انطلق في أواخر مارس 2021، برعاية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يستهدف بناء هوية وطنية للصناعات، داخل وخارج الحدود، ورفع مستوى اعتزاز وثقة السعوديين بمنتجاتهم، وتفضيلها على غيرها، وشروطه ليست صعبة، ويطلب ممن يريدون الحصول على علامة صناعة سعودية، مطابقة منتجاتهم لمعايير هيئتي المواصفات والمقاييس والغذاء والدواء السعوديتين، وأن يكون الإنتاج داخل الأراضي السعودية، وبحيث لايقل المكون المحلي الخالص فيه عن 40%، والبقية أو ما نسبته 60% يمكن استيرادها، ومن الأمثلة التي يقدمها مسؤولو البرنامج، سلسة مطاعم شهيرة وعالمية، قامت بوضع صناعة سعودية على معظم منتجاتها، لأن المواد المستخدمة في أطعمتها تتجاوز نسبة المدخلات السعودية المقررة، والتي تعرف باسم آخر وهو المحتوى المحلي، وسلسلة المطاعم السابقة تستعين ب14 شركة سعودية للحصول على موادها الأولية، من بينها، شركات مخبوزات وأكياس وورقيات. بخلاف أن المملكة لاتقوم من خلال برنامج صنع في السعودية، على صادرات الصناعة وحدها، وتصدر بجوارها كل ما يقبل التصدير إلى الخارج كصناعة، مثل تصدير الروبيان وبمئات الأطنان، إلى الصين واليابان وسنغافورة في فترة سابقة، أو إحضار المنتجات من خارج الدولة لتوطينها والاستثمار فيها، ومن الشواهد، صناعة السيارات، والتي تم إنشاء أول مجمع خاص بها، في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، باسم مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات، والمشروع بدأ قبل أعوام بمجموعة من المصانع، أبرزها، لوسيد، وتم التوقيع مع شركة هونداي وبيريللي، والثانية تصنع الإطارات، إلى جانب سيارة سير السعودية، وكلها أقامت مصانعها، وبدأت الإنتاج داخلياً، طبقاً لمعادلة 40/60 الخاصة بالمحتوى السعودي، والمطلوبة في العلامة التجارية لصنع في السعودية، ووفرت وظائف للسعوديين، وأسهمت في تنويع الاقتصاد، مع ملاحظة وجود فئة ذهبية من صنع في السعودية، لم تحصل عليها إلا 16 شركة، ومعها هويتان فرعيتان باسم صنع في مكة وصنع في المدينة، وهما يخاطبان تطلعات ورغبات المعتمرين والحجاج والزوار في المقام الأول. التصنيع الداخلي للسيارات والإطارات، فيه توفير لتكاليف النقل والجمارك، وتقريب لخدمات ما بعد البيع وقطع الغيار، فلن تكون هناك حاجة لاستيرادها، وحتى الاستثمارات الصناعية في مجالي الورق والأدوية، سجلت نجاحات كبيرة ووفرت آلاف الوظائف، وتصدر المملكة الورق لأكثر من 50 دولة، وخصوصاً أميركا وأوروبا وآسيا وأفريقيا، لأغراص التعبئة والتغليف وصناعة المناديل والقرطاسية، وفيما يخص الأدوية والأجهزة الطبية السعودية، فإن قيمة صادراتها تتجاوز 556 مليون دولار، وقيمة سوق الأدوية المصنعة في المملكة، يصل لتسعة مليارات و400 مليون دولار، وفق أرقام 2024. اللافت وجود شركة سعودية تعمل في الداخل، وتصدر وحدات تكييف محلية ومتطورة لأميركا، ومنتجاتها محل طلب من الأميركيين، لأنها مطابقة لمواصفات السوق الأميركي، وأكثر من 70% من مبيعاتها مصنعة محلياً، ومن قبل سعوديين محترفين، والمكيفات عليها علامة صناعة سعودية، ومعها شركة ثانية تصنع 22 نوعا من السفن والزوارق مختلفة الاستخدامات، وتتزين بعلامة الصناعة السعودية، ومعظم صادراتها تذهب لدول الجوار، وكلاهما صادرات غير نفطية. الخطة التي يعمل عليها برنامج صنع في السعودية، تركز بالدرجة الأولى، على تحويل المملكة إلى وجهة صناعية متميزة عالمياً، بجانب إعطاء المنتج السعودي ميزة تنافسية في كافة الأسواق، وبالأخص الإقليمية والدولية، كلما أمكن، وبما يرفع صادرات المملكة غير النفطية، من إجمالي الناتج المحلي إلى 50%، ونسبتها الحالية 39%، ويوصل مساهمة القطاع الخاص فيه إلى 65%، وكلاهما يفترض أن يحدث في 2030، بخلاف أن الدولة نفذت 75% من الإصلاحات الفاعلة في الاقتصاد السعودي، وفي مدة لاتزيد على تسعة أعوام، وحجم الاستثمارات الصناعية فيها ارتفع بنسبة 2700%، ما بين عامي 2020 و2024، وأصبحت جاهزة تماما، لأن تتحول إلى عملاق اقتصادي عالمي، وسيكون هذا في المستقبل القريب، ومن الأدلة الثابتة، اعتبارها الدولة الأسرع عالميا، في معدل النمو الاقتصادي عن العام الجاري، وشغلها المرتبة الأولى، وذلك مؤشر استقرار للاقتصاد الكلي، متفوقة على 140 دولة.