الكرسي دوار حكمة يدركها العقلاء ويتعظون بها، بينما يضيع المغرور في أوهامه، كثيراً ما يتداول الناس في المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي عن ظواهر سلبية تتعلق ببعض من تسنموا المناصب، حيث لا يلتقي المسؤول بمراجعيه إلا في أوقات محدودة، وبعدها يعتذر دون أن تصل شكوى المواطن إليه، أو يغلق بابه وينعزل بحجة مراجعة أوراق أو مكالمة صديق، وما شابه ذلك. هذه الظواهر لا تعكس سلوك الجميع، فالأغلبية تسير على العكس تماماً، نحن اليوم نعيش في عصر الشفافية وسياسة الأبواب المفتوحة، لكن البعض يستمر في الوهم والغرور، فيغتر عندما تفتح له الحياة أبواب السعادة، وينسى أموراً مهمة، منها زيف بعض الأصدقاء وغرور بعض أصحاب المناصب، خصوصاً من يتعاملون مباشرة مع الجمهور مثل السكرتارية ومديري المكاتب والمسؤولين عن شؤون المواطنين. هؤلاء نسوا الحكمة "لو دامت لغيرك ما وصلت إليك". لذلك، لا تحزن إذا واجهت يوماً تجاهلاً أو عبوساً من صديق بعدما تقلد منصباً، فالحياة مدرسة، وكلما كان الدرس أشد وقعاً، تعلمت منه أكثر، وترسخ في ذاكرتك طويلاً. ربما كنت في منصبك سابقاً محاطاً بأصدقاء كثر، ولكنك اليوم تدرك أن معظمهم كانوا مجرد سحابة صيف، وأنك كنت تعيش في وهم وخداع. من الخطأ أن تظن أن كل من يسلم عليك بحرارة هو صديق وفي، أو أن كل من يلقاك بلهفة هو أخ حميم، أو أن كل من يبتسم لك بصدق هو صاحب أمين، فكم من إنسان يسلم بحرارة، لكن قلبه يتقد حقداً وحسداً.