ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 6 % طوال الأسبوع الماضي بفضل تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض عقوبات أميركية أشد صرامة على النفط الروسي، ونبأ تقليص مصافي التكرير الحكومية الهندية مشترياتها من الخام الروسي. ارتفعت العقود الآجلة للنفط الخام فوق 70 دولارًا للبرميل، وسط مخاوف بشأن احتمال تعطل تدفقات تجارة النفط وسحب بعض النفط من السوق. واستقرت أسعار النفط يوم الجمعة عند مستوى أقل بقليل من 70 دولارًا. ومع نهاية الأسبوع، تراجعت المعنويات بسبب توقعات زيادة أخرى في إنتاج أوبك+، ربما تصل إلى 548 ألف برميل يوميًا، حيث تسعى الدول الثماني التي تخفض الإنتاج إلى التخلص من التزاماتها الطوعية بالحصص. شهدت العقود القياسية مكاسب أسبوعية قوية بعد ارتفاعها في النصف الأول من الأسبوع، حيث هددت الولاياتالمتحدة بتشديد العقوبات على روسيا. هددت واشنطن بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100 % على أكبر مشتري النفط الروسي، الصينوالهند، بينما فرضت على الأخيرة رسومًا جمركية بنسبة 25 % بسبب علاقاتها مع موسكو. وقد يحد توقف الصينوالهند عن شراء النفط الروسي، بشكل كبير من الإمدادات العالمية، نظرا لأن الدولتين أيضا من بين أكبر مستوردي النفط في العالم. وقد يُعرّض تهديد ترمب بفرض عقوبات على الصينوالهند بسبب مشترياتهما من النفط الروسي، نحو 2.8 مليون برميل يوميًا من صادرات النفط الروسية المنقولة بحرًا للخطر. وتُعدّ الصينوالهند ثاني وثالث أكبر مستهلكين للنفط الخام في العالم على التوالي وتوقفت مصافي التكرير الهندية المملوكة للدولة عن شراء النفط الروسي مع تقلص الخصومات إلى دولار واحد فقط للبرميل مقارنة بدبي، مما زاد من تثبيطها للصفقات بسبب التعريفة الجمركية التي أعلنها ترمب بنسبة 25 % على الهند إذا استمرت في شراء النفط الخام الروسي. فيما فرضت وزارة الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي عقوبات على أكثر من 115 فردًا وكيانًا وسفينة مرتبطة بإيران، بعضها متورط في نقل النفط الروسي. واتخذت الولاياتالمتحدة يوم الأربعاء إجراءات حاسمة لعرقلة قدرة النظام الإيراني على تمويل أنشطته المزعزعة للاستقرار، بما في ذلك برنامجه النووي، ودعمه للجماعات الإرهابية، وقمعه لشعبه. وفرضت وزارة الخارجية الأميركية عقوبات على 20 كيانًا لتورطها في تجارة النفط الإيراني أو المنتجات النفطية أو البتروكيميائيات الإيرانية، وحددت 10 سفن كممتلكات مُجمّدة. تستهدف هذه الإجراءات شركة تشغيل محطة، وشركات إدارة سفن، ومشترين بالجملة قاموا بشكل جماعي بتسهيل تصدير وشراء ملايين البراميل من النفط الخام والمنتجات النفطية والبتروكيماويات الإيرانية. وُصنّفت وزارة الخزانة الأميركية العديد من شركات إدارة السفن التي تورطت ناقلاتها في شحنات غير مشروعة وممارسات شحن خادعة أخرى، مما يُعرّض تدفقات التجارة العالمية للخطر. كما تُصنّف الوزارة مُشغّلاً صينياً لمحطة للنفط الخام ومنتجات البترول، والذي استقبل مراراً وتكراراً نفطاً خاماً إيرانياً، بما في ذلك من ناقلات مُصنّفة من قِبل الولاياتالمتحدة. إضافةً إلى ذلك، تم تصنيف شركات عديدة في الهند والإمارات العربية المتحدة وتركيا وإندونيسيا بسبب مبيعاتها ومشترياتها الكبيرة من المنتجات البتروكيميائية الإيرانية. وكما صرّح الرئيس ترمب، فإن أي دولة أو شخص يختار شراء النفط الإيراني أو البتروكيميائيات الإيرانية يُعرّض نفسه لخطر العقوبات الأميركية، ولن يُسمح له بإجراء معاملات تجارية مع الولاياتالمتحدة. في غضون ذلك، ارتفعت مخزونات النفط الخام الأميركية بمقدار 7.7 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 25 يوليو لتصل إلى 426.7 مليون برميل، مدفوعةً بانخفاض الصادرات، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. وكان المحللون يتوقعون انخفاضًا قدره 1.3 مليون برميل. في حين، انخفضت مخزونات البنزين بمقدار 2.7 مليون برميل لتصل إلى 228.4 مليون برميل، وسط ارتفاع الطلب الصيفي، متجاوزةً بذلك بكثير التوقعات بانخفاض قدره 600 ألف برميل. ويدعم انخفاض مخزونات البنزين التوقعات بارتفاع الطلب خلال موسم القيادة، مما أدى إلى تأثير محايد على سوق النفط. في تطورات أسواق الطاقة، أفادت التقارير أن كبار منتجي البولي سيليكون الصينيين، وهو مكون رئيسي في الألواح الشمسية، يتفاوضون على خطة بقيمة 7 مليارات دولار لشراء وإيقاف ثلث الطاقة الإنتاجية للبلاد، أي ما يعادل مليون طن سنويًا، بهدف إعادة هيكلة القطاع. في كندا، يواجه مشروع شركة شل للغاز الطبيعي المسال، البالغة قيمته 40 مليار دولار، مشاكل فنية أدت إلى انخفاض قدرتها على التسييل إلى النصف، مع الإبلاغ عن مشاكل في توربينات الغاز ووحدة إنتاج مواد التبريد في مصنع كيتيمات، مما دفع ناقلة غاز طبيعي مسال واحدة على الأقل إلى تحويل مسارها بعيدًا عن المنشأة. في مصر، وسعيًا لإنعاش حقول الغاز البحرية التي تشهد نضوبًا سريعًا، وقّعت الهيئة المصرية العامة للبترول اتفاقية استكشاف مشتركة مع شركتي النفط الأوروبيتين العملاقتين إيني وبي بي لتقييم حقل التمساح الواقع شرق اكتشاف نرجس التابع لشركة شيفرون. كما أعلنت الحكومة المصرية أن تدفقات الغاز الطبيعي المسال من سفينة تحويل الغاز الطبيعي المسال التي تم نشرها مؤخرًا "إنرجوس إسكيمو" من المتوقع أن تبدأ الأسبوع المقبل، سعياً إلى زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال بعد أن استوعبت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند مليون طن في الشهر الماضي، وهو ما ضاعف واردات يونيو. في نيوزيلندا، رفعت الحكومة حظرها الذي فرضته في 2018 على التنقيب البحري، مع انخفاض إنتاج النفط الخام في البلاد تدريجيًا على مدار السنوات الماضية بسبب نقص الاستثمارات، ليصل إلى 17,000 برميل يوميًا فقط. في الولاياتالمتحدة، تعمل محطة فريبورت الأميركية للغاز الطبيعي المُسال بنسبة 50 % من طاقتها بعد انقطاع التيار الكهربائي الذي أدى إلى توقف المحطة بالكامل عن العمل يوم الأربعاء، مما يُمثل خسارة قدرها 1.1 مليار قدم مكعب يوميًا من الطلب على غاز التغذية في البلاد، حيث أبلغت عن سبع حالات انقطاع في يوليو وحده. في أوروبا، اقترحت المفوضية الأوروبية تجميع طلب الشركات الأوروبية على شراء الغاز الطبيعي المسال لزيادة وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الأميركي المنشأ، بما يتماشى مع التزام بروكسل باستيراد الطاقة بقيمة 250 مليار دولار، سعياً منها لخلق نفوذ تفاوضي مع الموردين الأميركيين. ورغم تسجيل الميزانية السعودية عجزًا قدره 34.5 مليار ريال خلال الربع الثاني من 2025، إلا أن وتيرة العجز تشهد تباطؤًا بفضل قفزة في الإيرادات غير النفطية التي مثّلت في الفصل الثاني قرابة نصف إيرادات الدولة، بالتزامن مع خفض مدروس للإنفاق العام. في المقابل، فإن ارتفاع الإيرادات غير النفطية يعكس التقدم في جهود الحكومة الخاصة بتنويع الاقتصاد من الرسوم الحكومية والضرائب الانتقائية، إلى مكاسب من قطاعات أخرى، كما أنه يظهر أنه لا يعتمد على عوامل خارجية، بل على إصلاحات محلية تُظهر ثمارها. في وقت، انخفض عدد منصات حفر النفط في السعودية لأدنى مستوى في عقدين، بالتزامن مع تزايد زخم استثمارات المملكة في مشاريع الغاز الطبيعي. وبحسب بيانات شركة "بيكر هيوز"، انخفض عدد حفارات النفط في المملكة إلى 20 منصة في يوليو، مُقارنةً ب46 منصة في أوائل عام 2024، وهو أدنى مستوى منذ فبراير 2005. يأتي هذا التراجع ضمن مسار هبوطي استمر 18 شهرًا، عقب قرار الرياض بإلغاء خطط زيادة طاقة شركة أرامكو السعودية الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يوميًا، والاكتفاء بالحفاظ عليها عند 12 مليون برميل. وفي يونيو، أعلنت شركة "أرامكو" توقيع 23 عقدًا لحفارات الغاز بقيمة 2.4 مليار دولار. وقال راهول تشودري، الباحث في شركة "ريستاد إنرجي" إن مجموعة عقود حفر أخرى كان من المتوقع أن تُمنح في الربع الأول من العام الجاري، بات يُتوقّع منحها في الربع الرابع. من جهتها تُقدّر شركة "وود ماكنزي" الاستشارية المتخصصة في شؤون الطاقة، في بيانات جديدة، أن نمو الإمدادات النفطية من خارج "أوبك" -بقيادة دول مثل البرازيلوكندا وغيانا– سيتراجع بأكثر من 80 % بين العام الحالي و2027، ليقترب من التوقف التام بحلول ذلك العام. وفي السياق نفسه، خفضت شركة ريستاد إنرجي النرويجية توقعاتها بشكل حاد خلال الأشهر الماضية. وقال خورخي ليون، المحلل في شركة ريستاد: "بالنسبة لتحالف أوبك+، فإن بصيص الأمل يلوح في عام 2027، عندما يتباطأ نمو الإمدادات من خارج (أوبك) أو خارج (أوبك+) بوتيرة حادة للغاية". ويُعزى تباطؤ الإمدادات من خارج "أوبك" إلى تراجع الإنتاج المتوقع في أمريكا الشمالية بعد عام 2025، إضافةً إلى دخول الحقول النفطية في كل من المكسيكوالصين والنرويج مراحل النضوج، ما أدى إلى انخفاض إنتاجها تدريجيًا مع استنزاف احتياطياتها، وفقًا لما ذكرته آن-لويز هيتل، نائبة رئيس قسم أسواق النفط لدى وود ماكنزي.