تدفق استثمارات محلية وأجنبية ضخمة إلى القطاع الصناعي تُعد الصناعة في المملكة العربية السعودية قصة نجاح تستحق الإشادة، فقد تحولت خلال العقود الماضية من قطاع ناشئ محدود الإمكانيات إلى ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني، تنافس عالمياً بجودة منتجاتها وضخامة استثماراتها، حيث انطلقت المملكة نحو بناء قاعدة صناعية قوية اعتمدت على التكنولوجيا المتقدمة والمعايير العالمية في الجودة والإنتاج. لم يتوقف التقدم عند الصناعات النفطية فقط، بل امتد إلى قطاعات متنوعة مثل صناعة المعادن، والإسمنت، والأدوية، والمنتجات الغذائية، وحتى صناعة السيارات وقطع الغيار، التي بدأت تحجز لها مكاناً في الأسواق الإقليمية والعالمية، هذا التنوع يعكس الرؤية الطموحة التي تتبناها المملكة من خلال «رؤية السعودية 2030»، والتي تضع تطوير القطاع الصناعي في مقدمة أولوياتها لخلق اقتصاد متنوع ومستدام. شهدت السنوات الأخيرة تدفق استثمارات محلية وأجنبية ضخمة إلى القطاع الصناعي، مدعومة بالبنية التحتية الحديثة، والمناطق الصناعية المتطورة مثل «مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ومدن الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)». كما لعبت الحوافز الحكومية والتشريعات المرنة دوراً كبيراً في جذب المستثمرين وتسهيل إجراءات التصنيع والإنتاج. إلى ذلك بلغت قيمة الاستثمارات في المصانع التي بدأت الإنتاج خلال شهر يونيو 1,93 مليار ريال، مع فرص وظيفية تُقدّر ب2,007 وظائف جديدة، مما يعكس استمرار توسُّع القاعدة الصناعية في المملكة، وارتفاع وتيرة دخول المصانع إلى حيِّز التشغيل الفعلي، ووفقا لبيانات وزارة الصناعة والثروة المعدنية أصدرت الوزارة 83 ترخيصًا صناعيًّا جديدًا خلال شهر يونيو الماضي 2025، فيما بدأت الإنتاج في 58 مصنعًا جديدًا خلال الشهر نفسه، وذلك وفقًا لتقرير المركز الوطني للمعلومات الصناعية والتعدينية التابع للوزارة، وبيَّن التقرير الذي يرصد المؤشرات الصناعية بشكل شهري، أن حجم الاستثمارات المرتبطة بالتراخيص الجديدة بلغ أكثر من 950 مليون ريال، ومن المتوقع أن تُسهم هذه المشروعات في توفير أكثر من 1,188 فرصة وظيفية في مختلف مناطق المملكة. أصبحت جودة المنتجات السعودية تضاهي نظيراتها في الدول الصناعية الكبرى، ويظهر ذلك جلياً في توسع الصادرات السعودية إلى الأسواق العالمية، ويعود هذا النجاح إلى الاهتمام المتزايد بتطبيق أنظمة الجودة والاعتماد على الكفاءات الوطنية المؤهلة، إلى جانب الشراكات الدولية التي أسهمت في نقل الخبرات وتطوير القدرات المحلية. لم تعد الصناعة السعودية مجرد دعم للاقتصاد، بل أصبحت عنواناً للتطور، وواجهةً للحداثة، ومصدر فخر لكل مواطن سعودي، إنها تجربة ملهمة في التحول من الاعتماد على مورد واحد إلى بناء اقتصاد قائم على الإنتاج والمعرفة، وهي ماضية بخطى واثقة نحو المستقبل. استمرت الأنشطة غير النفطية بالنمو، وأصبحت تشكل نحو 55 % من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة في عام 2024، وتسهم أنشطة قطاعات البرنامج بنحو 39 % في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للمملكة، حيث نمت الأنشطة التعدينية والتجييرية ونشاط النقل والتخزين بنسبة 5 %، كما نما نشاط الصناعات التحويلية بنسبة 4 % خلال عام 2024. كما سجل إجمالي الصادرات غير النفطية نموا بنسبة 13.2 % في عام 2024 مقارنة بالعام السابق، مدفوعة بالنمو المستمر لأنشطة إعادة التصدير حيث بلغ 90 مليار ريال بنسبة نمو غير مسبوقة تصل إلى 42 %، كما سجلت صادرات الخدمات قيمة تاريخية حيث بلغت 207 مليارات ريال بنسبة نمو تصل إلى 14 % على أساس سنوي، فيما ارتفعت الصادرات السلعية غير النفطية حيث بلغت 217 مليار ريال بنسبة نمو تصل إلى 4 %. تستهدف توجهات قطاع الصناعة تعظيم القيمة المتحققة من القطاع عبر: حماية الصناعة الوطنية من الإغراق والمنافسة غير العادلة ورفع كفاءة المنتجات المحلية للمنافسة إقليميا وعالميا، مما يسهم في نمو القطاعات الصناعية الواعدة وتعزيز الصادرات، وتعظيم القيمة المضافة للاقتصاد، من خلال رفع نسبة إسهام المصنعين المحليين في المشتريات الحكومية والنفقات الرأسمالية والتشغيلية للشركات الحكومية في القطاع الصناعي، وتنمية رأس المال البشري وتدريب الأيدي العاملة، وجذب الاستثمارات لتوطين الصناعات. خلق اقتصاد صناعي مرن وتنافسي يقوده القطاع الخاص، ويسهم في رفع مؤشرات الاقتصاد الكلي من خلال التوسع في الصناعات الواعدة (مثل: الأدوية والمستلزمات الطبية، والسيارات)، والصناعات المرتبطة بالنفط والغار (مثل: صناعة الكيماويات المتخصصة، والبلاستيك، والمطاط)، والصناعات العسكرية، وخلق بيئة تمكينية منافسة، تتميز ب: توفر بنية تحتية رائدة، وأطر تشريعية وتنظيمية مرنة وشفافة، وثقافة بحث وابتكار تتناسب مع متطلبات المنشآت بمختلف أحجامها. تطوير ممكنات نوعية تشمل: إنشاء مناطق اقتصادية خاصة ورفع جودة المدن الاقتصادية والصناعية، وتحسين الأنظمة والتشريعات ذات العلاقة، بما يسهم في تعزيز التنافسية، وجذب مزيد من الاستثمارات الإقليمية والدولية. وتوطين صناعات نوعيّة لتحفيز متانة الاقتصاد الوطني، ومرونته في التعامل مع الأزمات والتكيف مع المتغيرات العالمية، وكذلك توطين صناعات يمكن للمملكة تحقيق الريادة العالمية والإقليمية فيها، وإضافة قيادة التكامل الصناعي الإقليمي. يمكن أبرز طموحات 2030، من خلال القدرة على تصنيع 280 الف سياره سنويا. وتوطين 40 ٪ من سلاسل القيمة المضافة بما في ذلك: قطع وأجزاء السيارت المشتركة بين السيارات الكهربائية والسيارات ذات المحرك الاحتراقي الداخلي. وتوطين 40 % من صناعة الأدوية وتوطين 40 % من قيمة السوق في صناعة الأدوية، ورفع نسبة توطين صناعة الأجهزة والمستلزمات الطبية لتصل إلى 15 %. وتلبية 85 % من الطلب المحلي على الصناعات الغذائية، على أن تكون المملكة مركزًا إقليميًا للصناعات الغذائية، لتلبية 85 % من الطلب المحلي على الصناعات الغذائية وتعزيز الطاقة الإنتاجية لقطاع الاستزراع المائي. وتوطين 50 ٪ في توطين الإنفاق العسكري والأمني. وأن تكون صناعة مصادر الطاقة المتجددة ضمن الصناعات الرائدة في المملكة، وتوطين 70 ٪ من سلسلة التوريد المستقبلية للمواد الكيماوية الأساسية والوسيطة. استكمالا لجهود المملكة في تطوير منظومة الجودة، حققت المملكة المركز الأول على المستوى العربي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمركز العشرين على المستوى العالمي، وذلك وفق مؤشر البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة (QI4SD) لعام 2024، والذي يصدر كل عامين من منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، وقد قفزت المملكة في المؤشر 25 مرتبة مقارنة بمرتبتها عام 2022. كما سطرت المملكة إنجازا تاريخيا بدخولها موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وذلك بإقامة أضخم تجمع غذائي على مساحة 11 مليون م2 في جدة، مؤكدة تفوقها العالمي، وقدراتها الاستثنائية في تنفيذ المبادرات العملاقة. جودة المنتجات السعودية تضاهي نظيراتها في الدول الصناعية الكبرى توطين الصناعات اقتصاد مزهر سجل إجمالي الصادرات غير النفطية نمواً بنسبة 13.2 % تقرير - حازم بن حسين