وسط تأهب كبير لأمانات وبلديات مناطق عسير والباحة ومكة المكرمة، ومع إطلالة شهر أغسطس القادم، حيث موسم الأمطار المتوقع سنوياً، وأحد اهم المواسم الصيفية السياحية المنتظرة، تعيش مدن جنوب المملكة على مرتفعات السروات، حالة واضحة من الحراك الاقتصادي، والسياحي، والترفيهي، المتزامن مع وفود أعداد كبيرة من سيارات المصطافين والسياح من داخل المملكة ودول الخليج العربي. وعلى طول طريق الجنوبالطائف النماص خرجت "الرياض" من خلال جولاتها الميدانية، بقراءة المؤشرات الاقتصادية وحزمة مشاهدات، لرصد ملامح اقتصادات مدن الجنوب "على مرتفعات السراة"، حيث بروز مشروعات بلدية نوعية ركزت على إنشاء الحدائق النموذجية، والمتنزهات المخدومة، والمراكز الحضرية، لإقامة الفعاليات، على قارعة الطريق الدولي، منها حدائق تحولت إلى أشبه بشاليهات مجانية، توفر الغرف الزجاجية المطلة على الجبال، والأودية الخضراء، مع توفير المرافق الخدمية للمسافر والسائح. "جولة الرياض" التي استمرت لثلاثة أيام، كشفت أن أكثر القطاعات المستفيدة من انتعاش الحراك السياحي الصيفي مع إطلالة موسم الأمطار، قطاعات محطات الوقود، والمساكن والنزل والمنتجعات السياحية، والمقاهي، والمطاعم، ومراكز التموين الغذائي، وعربات "الفود تراك" الواقعة في المتنزهات العامة والمطلات السياحية. اللوحات المكتوب عليها عبارات مثل "القرية التراثية" و"متحف"، تكاد تكون عبارات متكررة على قارعة الطريق مع المرور بعشرات المدن، مما حولها إلى وجهات سياحية، وسط تنافس محموم لتقديم أفضل المعروضات، في أجواء متحفية، وتراثية جاذبة تصل إلى تقديم الوجبات، والأكلات الشعبية، كما أن واجهات بلديات والجهات الحكومية الخدمية، تستوقف السياح والمصطافين، بواجهات عصرية، ومساحات المسطحات الخضراء، فيما وجدنا مبان بلدية تضاهي مقرات بلديات المدن الكبرى. وتظل البنية العملاقة لطريق الجنوب بجسوره الضخمة، ومروره على سفوح جبال نايفة، ومن فوق أودية سحيقة، باتجاهين، وسط رقابة مرورية، واحدة من أهم العوامل التي عززت التنشيط السياحي على مرتفعات الجنوب. ولعل من المشاهدات الماتعة "لجولة الرياض"، تفوق الجهات الخدمية الحكومية، في توفير خدمات الكهرباء، والمياه، والطرق، والتعليم، والصحة، والاتصالات، في كل قرى وهجر ومزارع الجنوب، فضلاً عن مدن المحافظات، حيث بروز الاشتراطات البلدية، وضوابط الاصحاح البيئي بشكل لافت. المنافسة الكبيرة من اللجان السياحية في مدن الجنوب، بدت واضحة ل"الرياض"، من خلال استقطاب السياح والمصطافين، بتنويع البرامج عبر الشركات لمتخصصة في تنظيم برامج الترفيه والسياحة، ولا أدل على ذلك من تنظيم أمسيات لشعر المحاورة، واستقطاب الفرق الشعبية. استثمار القرى الخربة وتحويلها إلى وجهات سياحية، ملمح واضح، حيث رصدت "الرياض" عدداً من المواقع التي كانت قرى خربة، ومهجورة، وآيلة إلى السقوط، وقد تحولت إلى وجهات سياحية مبهجة، ومتاحف تعليمية مفتوحة، توفر الوظائف الموسمية، وتحرك اقتصادها المحلي، بتنظيم فعاليات نوعية ومبتكرة من قبل لجان التنمية الاجتماعية في كل بلدة ومدينة، وذلك مثل قصور العسابلة في النماص التي تقع على مساحة 32 ألف متر2 وتضم 12 قصراً، وقرية الأطاولة التاريخية التي كلف تأهيلها 18 مليون ريال بإشراف من هيئة التراث. مزارع التوت واللوز والفواكه الصيفية الأخرى، أصبحت استثمارات حقيقة، بتصاميم عصرية تقليدية من مواد البناء المحلية، توفر أجواء عائلية، بأنشطة وألعاب جاذبة ومطاعم مفتوحة، وأركان لبيع المنتجات الشعبية والتراثية. "جولة الرياض" خرجت بتصور عام، يؤكد أن ثمة تناغم كبير بين الجهات الحكومية، وتنسيق متواصل، ممثلة في إمارات مناطق عسير والباحة ومكة المكرمة، حيث مصائف محافظة الطائف، وبين هيئة الترفيه، وهيئة التراث، ووزارات الشؤون البلدية والإسكان، والسياحة، والتجارة، أسهم بجلاء في بروز منظومة من الخدمات السياحية والترفيهية والبلدية.