القوة ليست مظاهر خارجية، ولا تُقاس بحدة الصوت أو صرامة الملامح، بل هي حالة داخلية، تنبع من إيمان الإنسان بذاته، وقدرته على تجاوز الصعاب دون أن يفقد توازنه أو كرامته. الإنسان القوي ليس من لم يتعرض للسقوط، بل من سقط ثم نهض دون أن يشعر به أحد، هو من واجه الألم بصبر، وتجاوز المحن بإرادة، واحتفظ بكرامته رغم كل ما خسره، هو من آمن بأن الحياة لا ترحم الضعفاء، فاختار أن يكون ثابتًا، لا تهزّه العواصف، ولا تشتته العثرات. القوة أن تتعامل مع جراحك بوعي، وأن لا تبوح بكل ما يؤلمك، أن تسامح دون أن تُذل، وأن تصمت حين لا يُجدي الكلام نفعًا، أن ترفض ما لا يُناسبك، ولو كان الثمن رضا من حولك، القوة أن تُربّي نفسك على الرضا، على الثبات، على النهوض كل مرة وكأنها الأولى، أن لا تنتظر من ينتشلك، بل تنتشل نفسك بنفسك، وتواسي قلبك بيدك. القوة أن تحاسب ذاتك دون قسوة، وأن تربيها على الاتزان، فلا تكون لينة أكثر من اللازم، ولا قاسية تُجافي الرحمة، أن تختار نفسك حين يكون الخيار صعبًا، وأن تدرك أن احترامك لذاتك أول أشكال القوة، القوة أن تكون وحدك، لكن لا تشعر بالنقص، أن تُحب نفسك رغم العيوب، وتؤمن أن قيمتك لا يحددها الآخرون، أن تعرف متى تمضي، ومتى تبقى، ومتى تختار نفسك دون أن تشعر بالذنب. ختامًا، القوة لا تُمنح، بل تُكتسب من التجربة، وتُبنى من الألم، وتُصقل مع الزمن، القوي حقًا هو من جعل من ضعفه سلاحًا، ومن وحدته سندًا، ومن صمته كرامة.