جاء ديننا الإسلامي للحفاظ على ممتلكات الناس سواء العينية منها أو المعنوية، ومنع الآخرين من التعدي عليها واستباحتها، وإذا كانت السرقة العينية مهما كان شكلها أمر محرم ومجرم وخطير، فإن الموضوع أكثر حرمة وخطورة في حق سرقة أفكار الناس ونتاج عقولهم لما فيه من انتهاك المعايير الأخلاقية والنزاهة الأكاديمية. وقد نظمت المؤسسات الأكاديمية هذا الموضوع من خلال تجريم موضوع السرقات العلمية ( the Plagiarism)، وهو تقديم عمل شخص آخر أو أفكاره على أنها من نتاجك الشخصي، دون الإحالة إلى صاحب العمل الأصلي وحفظ حقه، وتتعدد صور السرقات العلمية بين استخدام عمل شخص آخر دون إذن سواء بنسخ النص أو إعادة صياغتة دون توثيق، أو استخدام أفكار أو أبحاث أو أعمال إبداعية لشخص آخر في عملك الخاص، أو إغفال ذكر المصدر المأخوذ منه العمل، بل ويعتبر من السرقة العلمية وعدم النزاهة عدم توثيقك عملك الشخصي المنشور سابقًا. فإذا كانت كل هذه الصور من السرقات العلمية محرمة دينياً ومجرمة أكاديمياً فما بالكم بمن يسطو على بحث علمي كامل فكرة ونصاً، ومنشور في مجلة علمية محكمة وقد حقق من الشهرة الأكاديمية ما حقق، ويقدمه على أنه بحثه الشخصي ثم لا يتكرم على صاحب البحث الأصلي بوضع اسمه في قائمة المصادر والمراجع! ويتقدم بهذا البحث العلمي المسروق كاملاً للترقية العلمية! إنها يا سادة قصة بحثي: "تطور الفكر الديني في الجزيرة العربية قبل الإسلام: دراسة تاريخية نقدية" المنشور في المجلة العربية للعلوم الإنسانية، جامعة الكويت، عام 2013م. والتي سأحيكها لكم في المقال القادم.