يوشع بن نون عليه السلام والمعروف لدى أهل الكتاب باسم يشوع، هو الفتى الذي صاحب موسى عليه السلام في رحلة البحث عن الحوت في قصة الخضر المذكورة في سورة الكهف. عاش في الفترة الزمنية بين القرن الثالث عشر والثاني عشر قبل الميلاد، اسمه الكامل يشوع بن نون بن إفرايم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام. في هذه المقالة محاولة لاستنباط عدد من الدروس القيادية من سيرته عليه السلام كما يلي: * العمل بروح الفريق: لم ينطلق موسى عليه السلام للبحث عن الخضر عليه السلام وحده، بل اصطحب معه الفتى يوشع ليكون معه في هذه المهمة. وفي ذلك درس عن أهمية العمل كفريق والتي يفتقدها نسبة غير قليلة من المسؤولين والمديرين والذين يفضلون إنجاز المهام بأنفسهم دون الاستثمار في تعليم أعضاء الفريق وتدريبهم والتواصل معهم. * قوة التنفيذ: في اللفظ القرآني (انطلقا) دلالة على أهمية التحرك واتخاذ الإجراءات العملية على الميدان للحصول على النتائج. ومن أكبر الأمراض الإدارية المعاصرة في كثير من المنظمات الاكتفاء بالدراسات النظرية والاستراتيجيات دون تنفيذ وتحركات واقعية عملية. * تنفيس الضغوط: في قول موسى ليوشع عليهما السلام (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) دلالة على أن الجميع معرض للضغوط النفسية والتعب حتى من هم في مقام الأنبياء الكرام فما بالك بالقياديين والمديرين. والتعامل مع هذه الحالات يستدعي تنفيسها وعدم الانهزام أمامها. ومن ذلك أخذ الراحة وشحذ الطاقة كما في الطلب (آتنا غداءنا). * التعامل مع الأخطاء: أبلغ الفتى يوشع عليه السلام عن الخطأ بشجاعة وصدق ولم يخفه ولم يخف ولم يكابر حين اعترف بنسيانه للحوت. وهذه قيمة مهمة تساعد على التعامل مع المشكلة من مرحلة مبكرة ومعالجتها. وتعاني الكثير من المنظمات من ثقافة الخوف من الخطأ والفشل وتعمد إخفاء المشكلات مما يتسبب بأزمات أكبر ومشكلات متفاقمة. * وضوح الغاية والهدف: (ذلك ما كنا نبغ) درس مهم في ضرورة وضوح الأهداف والغايات وضمان أن الجهود المبذولة تصب في تحقيقها. ومن أكبر المعضلات للمنظمات هي الجهود والميزانيات الضائعة بدون توجه استراتيجي أو متابعة صحيحة للأداء. * معالجة المشكلات والخطط البديلة: كان موسى عليه السلام عملياً ولم يتأخر في توبيخ يوشع عليه السلام، بل مباشرة تحرك لمعالجة المشكلة بالارتداد إلى المكان الذي نسيا فيه الحوت. * توثيق المهام: عند قرار موسى عليه السلام بالعودة كانت الآثار التي تركاها الدليل لهما للعودة. وهكذا في المنظمات الناجحة يتم توثيق المهام والإجراءات والملفات لتسهيل العودة إليها والاستفادة منها كتعلم على مستوى المنظمة دون أن تتأثر بشكل كبير بسبب مغادرة أفراد. * صناعة القادة للمستقبل: بعد وفاة موسى عليه السلام، قاد يوشع عليه السلام بني إسرائيل لما يقارب 27 عاماً، ويشاء الله أن الفتى الذي عاش تجربة الضياع والبحث عن الحوت كان هو الذي يقود قومه للنجاة من سنوات التيه. وهكذا، فإن من أهم وأنبل المهام لأي قائد هي صناعة الجيل القادم من القادة من بعده وتجهيزهم وتمكينهم من النجاح أمام تحديات جديدة وأزمنة مغايرة.