في زحمة الحياة وتقلباتها، قد لا يدرك الإنسان أن أبسط الكلمات وأخف الأفعال قد تُحدث في قلب غيره ما تعجز عنه المساعدات الضخمة والمواقف الجليلة. إنّ جبر الخواطر ليس مجرد تصرف عابر أو لُطف وقتي، بل هو فنٌ عظيم وخلقٌ نبيل، لا يقدر عليه إلا قلبٌ واعٍ، وضميرٌ حيّ. جبر الخاطر هو أن ترى الحزن في عين أحدهم، فتبادر بكلمة، أو ابتسامة، أو حتى صمتٍ يحتوي، أن تُشعره أن الدنيا لا تزال بخير، وأنه ليس وحيدًا. قد تظن أن ما قلته أو فعلته كان بسيطًا، لكن بالنسبة لمن يعيش لحظة ألم أو انكسار، تلك البساطة قد تعني له كل شيء. الرسول قال: "افعلوا الخير دهرَكم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده". ومن أعظم هذه النفحات: جبر الخواطر، فهو باب من أبواب الرحمة، ومفتاح من مفاتيح القرب من الله. وفي ثقافتنا العربية، لطالما تغنّى الأدباء بجبر الخاطر، فهو دليل رقيّ النفس وسموّ الأخلاق. بل يُقال إن جبر الخواطر على الله جزاؤه، فمن جبر خاطر عبدٍ من عباده، جبر الله خاطره في الدنيا والآخرة. كم من مريض شُفي بأثر كلمة طيبة، وكم من حزين استعاد قوته بدعاء صادق، وكم من مهموم وجد طمأنينته في لحظة إنصات واحتواء. جبر الخواطر لا يتطلب ثروة ولا سلطة، فقط قلب رحيم ونية صافية. خلاصة القول: جبر الخواطر ليس فعلاً بسيطًا، بل قوة عظيمة يحملها من اختار أن يكون سندًا ورحمة للآخرين. فلنحرص أن نكون ممن يمسح دمعة، ويهدي بسمة، ويجبر كسرًا، فالدنيا لا تبقى لأحد، لكن أثر الكلمة الطيبة يدوم. الجازي بنت منصور العتيبي