دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها ال90 منذ استئنافها، ويومها ال617 منذ اندلاعها في السابع من أكتوبر 2023، وسط تواصل مجازر الإبادة بحق السكان المدنيين الذين يواجهون أوضاعًا إنسانية كارثية في ظل الحصار والدمار. ويعيش أهالي القطاع تحت وطأة المجاعة، وانهيار شبه تام للبنية التحتية، وانقطاع الكهرباء والماء، وتردّي الخدمات الصحية، فيما فاقم العدوان الإسرائيلي الأخير الأوضاع بإحداث انقطاع تام في الإنترنت والاتصالات استمر لثلاثة أيام، قبل أن تعود الخدمة بشكل جزئي. وفي الميدان، تواصل القوات الإسرائيلية شن غارات جوية وقصف بري وبحري على مناطق متفرقة من القطاع، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى، غالبيتهم من النساء والأطفال، في حين تتواصل جهود الإغاثة في ظروف شديدة التعقيد وسط نقص حاد في المواد الأساسية، بما فيها الغذاء والدواء. وفي السياق ذاته، اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل جندي من لواء كفير خلال الاشتباكات الدائرة جنوبغزة، كما نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مصادر عسكرية إصابة ضابطين رفيعي المستوى من شعبة الاستخبارات خلال معركة في المنطقة ذاتها. ومع غياب أي تقدم ملموس نحو اتفاق لوقف إطلاق النار، تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في استهداف المدنيين وتدمير ما تبقى من مقومات الحياة في غزة، وسط تحذيرات دولية متزايدة من تفاقم الكارثة الإنسانية. عائلات غزة تعاني الأمرّين قال الناطق باسم منظمة الأممالمتحدة للطفولة "اليونيسف" جيمس إلدر، إن العائلات الفلسطينية في قطاع غزة تعاني الأمرّين لتأمين وجبة يومية واحدة لأطفالها، حيث تدخل إلى غزة "كميات من القنابل والصواريخ تفوق بكثير ما يدخل من الأغذية". وأضاف أن الوضع يزداد سوءا يوما بعد آخر، في ظل الحصار والهجمات الإسرائيلية المستمرة، واصفا الحالة الإنسانية في القطاع بأنها "قاتمة ومروعة ومحطّمة للآمال". إلدر، الذي يتواجد منذ فترة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزّة ضمن مهمة رسمية،أشار إلى أن الآمال التي ولدت عقب الحديث عن وقف لإطلاق النار في غزة تحسنت قليلًا، حيث شهدت المنطقة تدفقًا جزئيًا للمساعدات وتحسنًا محدودًا في إمدادات المياه والغذاء. واستدرك: "إلا أن هذا التفاؤل ما لبث أن تلاشى، بعدما واجه القطاع حصارًا كارثيًا للمساعدات". وأضاف أن "سكان غزة يعيشون ليالي قاسية تحت القصف، ويقضون أيامهم وهم يهربون من الجوع والانفجارات"، مؤكدا أن "كل ما عرفناه من قدرة الناس على التحمّل قد تحطم تماما". وتابع: "العالم يبدو منشغلا فقط برؤية الجرحى والحديث عن المساعدات، متجاهلا العبء النفسي الهائل الذي يعيشه السكان، والواقع القاسي للعائلات التي تُجبر على النزوح مرارًا بعد فقدان كل شيء. ولفت إلى أن العديد من الأسر تقيم في خيام منذ ستة أشهر، تحت نيران الدبابات، ويُجبرون الآن على الانتقال من جديد، مؤكدا أن غزة تعيش هذا المشهد المأساوي منذ أكثر من 600 يوم. وأكد أن العائلات الغزّية لم تحتفل بعيد الأضحى منذ عامين، وأنها بدلا من ذلك تجتمع في صمت لتستذكر من فقدتهم، "وسط شعور ثقيل بالحزن والخذلان". وأشار إلى أن الأمهات يقضين يومين من دون طعام ليتمكنّ من توفير وجبة واحدة لأطفالهن. "لا احتفال بالعيد، لا منزل يأويهم، لا شيء. الناس أمضوا حياتهم في بناء منازل وحدائق، ولكن كل ذلك اختفى فجأة"، يواصل المتحدث باسم اليونسيف. ولفت إلى أن تقدير أعداد الأطفال الذين يموتون جوعا يوميا أو أسبوعيا أمر بالغ الصعوبة في مثل هذه الظروف، لكنه شدد على أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يموتون "لأسباب بسيطة كان يمكن علاجها بسهولة". وأوضح أن "سوء التغذية الحاد يزيد احتمال وفاة الطفل بسبب أمور بسيطة بمقدار 10 مرات. هذه هي الحلقة المميتة التي تقتل الأطفال. نقص الغذاء، تلوث المياه، وانعدام الرعاية الصحية الأساسية". كما حذّر من أن الوصول إلى المستشفيات لم يعد آمنًا للأطفال المرضى أو الذين يعانون من سوء التغذية، مؤكدًا أن المستشفيات نفسها لا تتوفر فيها المستلزمات الطبية الأساسية. ويبلغ عدد المستشفيات العاملة في غزة 19 مستشفى تعمل جزئيا، بينها 8 حكومية و11 خاصة، من أصل 38 مستشفى، كما تعمل في القطاع 9 مستشفيات ميدانية. وتابع إلدار: "ربما تصل نسبة المساعدات الإنسانية إلى 10 % فقط مما يحتاجه الناس فعلا. تدخل إلى غزة كميات من القنابل والصواريخ تفوق كثيرًا ما يدخل من الأغذية". وأوضح أنه خلال فترة وقف إطلاق النار، تمكنت الأممالمتحدة وشركاؤها الفلسطينيون من إنشاء 400 نقطة توزيع لتقديم المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أنهم استطاعوا عبر هذا النظام الوصول إلى المحتاجين بشكل فعّال. غير أن المتحدث انتقد النظام الجديد لتوزيع المساعدات الذي يتم فرضه حاليا في جنوبغزة من قبل "صندوق المساعدات الإنسانية لغزة" المدعوم من الولاياتالمتحدة وإسرائيل. ووصفه بأنه "عسكري الطابع" ويشمل فقط مواقع محدودة للتوزيع، قائلًا: "هذا النظام يؤدي يوميًا لسقوط ضحايا، حيث يُقتل أطفال فقط لأنهم كانوا يحاولون الحصول على علبة طعام". وتابع محذرًا: "الآن تم تصميم نظام من (قبل إسرائيل) عمدًا لدفع السكان من شمال القطاع إلى جنوبه، وهو يهدد بتقويض نظام توزيع المساعدات الفعّال الذي أنشأناه". وبعيدا عن إشراف الأممالمتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت إسرائيل منذ 27 مايو الماضي ، تنفيذ خطة توزيع مساعدات إنسانية عبر ما يُعرف ب"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأميركيا، لكنها مرفوضة من قبل الأممالمتحدة. وجرى توزيع المساعدات فيما تُسمى "المناطق العازلة" جنوبيغزة ووسط القطاع، وسط مؤشرات متزايدة على فشل هذا المخطط؛ إذ توقفت عمليات التوزيع بشكل متكرر بسبب تدفق أعداد كبيرة من الجائعين، كما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على منتظري المساعدات، مخلفة قتلى وجرحى في صفوف المدنيين. بلدية خان يونس تُحذر من كارثة صحية وبيئية ناجمة عن توقف إمداد الوقود حذرت بلدية خان يونس جنوب قطاع غزة من الكارثة البيئية والصحية الناجمة عن توقف إمداد الوقود اللازم لتشغيل مرافق ومضخات المياه والصرف الصحي وآليات تقديم الخدمات وذلك منذ عدة أيام، جراء منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الوقود للجهات والمؤسسات الأممية العاملة في قطاع غزة. وأكدت البلدية توقف كامل لخدماتها الأساسية عن العمل وخاصة في قطاعات المياه والصرف الصحي والآثار الكارثية على المواطنين والنازحين. وأشارت في بيان لها أمس ،إلى انتشار الكوارث البيئية والصحية الناجمة عن توقف المحطات وما سينتج عنه من تدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع وانتشار المزيد من الأمراض والأوبئة بين المواطنين والى تعذر تشغيل آبار المياه ومحطات التحلية عن العمل وحرمان ما يزيد عن (900،000) نسمة من أبسط حقوقهم في الحصول على المياه النظيفة للشرب والصالحة للاستخدام. ونوهت إلى توقف عمل آليات تقديم الخدمات والصيانة الطارئة وما سينتج عنه من انتشار المكاره الصحية والأمراض الفتاكة بين السكان. وحثت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى التدخل العاجل وبشكل فوري لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي دمرت كافة قطاعات الحياة. ودعت الى ضرورة قيام الجهات المانحة والمنظمات الأممية التي تُعنى بحياة الإنسان بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لاستئناف إمداد الهيئات المحلية في قطاع غزة بالوقود اللازم لتشغيل آبار المياه ومحطات التحلية ومضخات الصرف الصحي وآليات تقديم الخدمات، وإدخال الآليات والمعدات اللازمة للعمل لمنع انهيار منظومة الخدمات. قصف محيط المشافي بغزة قالت وزارة الصحة في غزة إن التهديدات المتكررة بالإخلاءات والقصف للمناطق المحيطة بالمستشفيات يسبب الإرباك في عمل الطواقم الطبية وينذر بخروج ما تبقى من مستشفيات عن الخدمة. وأضاف بيان لها أمس، أن الطواقم الطبية والمرضى والجرحى لا تتوفر لهم طرق آمنه تضمن وصولهم الى المستشفيات مع استمرار الإخلاءات والقصف. وأكد البيان أن الخدمات الصحية التخصصية التي تُقدم للمرضى والجرحى فيما تبقى من مستشفيات عاملة مُحاصرة بنقص الإمدادات الطبية ومواجهة خطر خروجها من الخدمة. وذكر أن مجمع ناصر الطبي هو الوجهة الصحية الوحيدة لمئات المرضى والجرحى في محافظة جنوب قطاع غزة وتوقفه عن العمل كارثة لا يمكن توقع نتائجها. كما حذرت الوزارة من عدم تجاوب الاحتلال الإسرائيلي لمساعي المؤسسات الدولية لتعزيز الإمدادات الطبية وحماية المستشفيات وضمان حماية وصول المرضى والجرحى والفرق الصحية لأماكن تقديم الخدمة. اعتقالات وتواصل قوات الاحتلال عمليات الاعتقال والتحقيق الميداني في الضّفة بوتيرة متصاعدة، تأتي مع استمرار حرب الإبادة الجماعية بحقّ شعبنا في غزة، يرافقها عمليات إعدام ميدانية، وتدمير لعشرات المنازل تحديدا في محافظتي جنين، وطولكرم التي تشهدان واسعاً مستمراً منذ بداية العام الجاري، إلى جانب التصعيد من عمليات التحقيق الميداني التي يرافقها عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب المبرح، واعتقال المواطنين رهائن. ولليوم الثالث على التوالي، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارها المشدد على الضفة الغربيةالمحتلة، وسط إجراءات تعسفية عند حواجزها العسكرية تقيد حركة المواطنين وتنقلهم. وأغلقت قوات الاحتلال مداخل المدن القرى ومخارجها في الضفة، ما أعاق حركة تنقل المواطنين ووصولهم إلى أماكن أعمالهم. وشددت القوات إجراءاتها العسكرية على مداخل مدينتي رام الله والبيرة، وعدة مناطق في المحافظة، عبر نصب حواجز عسكرية وإغلاق بوابات. وفي مدينة نابلس، تواصل قوات الاحتلال فرض إجراءاتها التعسفية على الحواجز العسكرية المحيطة بالمدينة، وتمنع الدخول والخروج منها، وتغلق معظم البوابات الحديدية عند مداخل القرى والبلدات. وهاجمت القوات مركبات المواطنين بقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع على حاجز دير شرف غرب المدينة. ومنعت دخول المواطنين والخروج من نابلس، مع استمرار إغلاق مداخلها بالحواجز العسكرية، باستثناء الطريق الواصل بين مخيم عسكر وبلدة عصيرة شمالً، والطريق المؤدية لبلدة الباذان. وفي سياق متصل، تواصل قوات الاحتلال تشديد إجراءاتها العسكرية في محيط مدينة قلقيلية، وتغلق مدخلها الشرقي، ومداخل القرى الواقعة شرقي المدينة، وهي: النبي إلياس، إماتين، والفندق–حجة، عبر بوابات حديدية، وتمنع تنقّل المواطنين. وفي مدينة الخليل، أحكمت قوات الاحتلال إغلاق مدخل بلدة اذنا الرئيس غرب المدينة، ومنعت المواطنين من المرور عبر الشارع الالتفافي، وأغلقت كافة الطرق الترابية. ومنعت القوات المواطنين ومركباتهم من الوصول إلى البوابات الحديدية عند المداخل الشمالية والجنوبية لمدينة الخليل. وفي بلدة سعير شمال الخليل، منعت المواطنين من الوصول إلى البوابة التي تغلق مدخل البلدة بمحاذاة الشارع الالتفافي، فيما شددت من إغلاقها لمخيمي الفوار والعروب. والجمعة الماضية فرض جيش الاحتلال حصارًا وإغلاقًا شاملًا على كافة مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة، وأغلقت مئات الحواجز والبوابات الحديدية المنتشرة في عموم المناطق، ما منع الفلسطينيين من أي تحرك. ووصل عدد الحواجز والبوابات الحديدية، التي نصبها جيش الاحتلال في الضفة الغربية إلى 898 حاجزًا عسكريًا وبوابة حديدية، منها 18 بوابة حديدية نصبها منذ بداية العام الجاري، و(146) بوابة حديدية نصبها بعد السابع من أكتوبر 2023، وفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان. محاكمات الأسرى أعلنت مؤسستان حقوقيتان، أن محكمتين إسرائيليتين قررتا تأجيل محاكمات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال حتى يوم الأربعاء المقبل، كما منعتا حضور ذوي الأسرى إلى المحاكم. ووفق بيان مشترك لهيئة شؤون الأسرى، ونادي الأسير الفلسطيني، فإنه و"نتيجة للأوضاع الراهنة، قررت محكمتا الاحتلال العسكريتان عوفر، وسالم تأجيل جميع جلسات المرافعات حتى 18 يونيو الجاري ". وأشارت المؤسستان، إلى استمرار جلسات تمديد الاعتقال والاعتقال الإداري وأنه لن يسمح لعائلات الأسرى حضور جلسات ذويهم. وبلغ إجمالي عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون نحو 10 آلاف و400 حتى نهاية مايو، وهذا لا يشمل جميع معتقلي قطاع غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيليّ حيث تقر إسرائيل باعتقال 2214 فلسطينياً من غزة فقط، وفق الهيئة والنادي. ويأتي قرار المحكمتان في ظل مواجهة بين إسرائيل وإيران بدأت فجر الجمعة الماضية. غزة في وضع كارثي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تدخل يومها ال90