ليست ككل مدن العالم، هي مدينة استثنائية، تجمع أطياف وعرقيات وجنسيات لمختلف دول العالم، تذوب فيها الفوارق في أيام معلومات هي أيام الحج، ليشهدوا منافع لهم. جولة "الرياض" قبيل أيام قليلة من يوم التروية، وهو يوم الثامن من ذي الحجة، بدت لنا منى، وكأنها عروس متزينة بأحلى حلل البياض، وسط جاهزية كبيرة لخدمات الجهات المعنية في الحج، من جهات حكومية، وخيرية، وتطوعية، وخاصة، ولوجستية. جولتنا بدأت من مدخل منى الجنوبي، المرتبط بطريق المسجد الحرام، حيث الساحات الكبيرة التي تنتشر على جانبيها محلات شركات التغذية والعصائر والقهوة، وانتشار أمني كبير للطواقم الأمنية. منشأة الجمرات المشروع الضخم والمفخرة السعودية التي تذهل حجاج دول العالم سنوياً والذي يمتد بطول 950 متراً وعرض 80 متراً، بدأ جاهزاً بعد تفريغ مركبات العاملين المنتدبين، والانتهاء من أعمال النظافة لأرضياته، وتفريغه أيضاً من الآليات والمعدات الثقيلة. الجسر المغطى بمضلات علوية ومراوح التكييف المصاحب للرذاذ لتقليل درجة الحرارة، وعدد من السلالم المتحركة، وكاميرات للمتابعة لتعزيز آليات التحكم في تدفقات حركة الحجيج إلى جانب اللوحات والمنشآت الإرشادية والتوعوية والخدمات الإعلامية التوعوية جاهز لاستقبال 300 ألف حاج في الساعة الواحدة. عمال يضعون اللمسات الأخيرة، وسيارات الأمن بمختلف تخصصاتها تجوب المكان، وسيارات نقل البضائع تأخذ مكانها ضمن سلاسل الإمداد لتغذية منافذ البيع هذه هي أبرز الملامح في منى أمس. الملفت في منى اللمسات الجديدة في المشاريع النوعية ومنها، تلوين مسارات الطرق الرئيسية بألوان محددة لمزيد من تعريف الحجاج، ومجمعات دورات المياه المطورة، والمحلات التجارية الموسمية، والشبكات الأرضية الجديدة لخدمات الصرف والكهرباء والمياه. لن نتجاوز إطار الحقيقة إذا قلنا إن معدل الافتراش للمخالفين سيكون لأول مرة في تاريخ الحج هو معدل "صفري" مما سينعكس على تحركات أليات ومركبات وفرق خدمات الصحة والأمن والإسعاف والنقل الحكومية والخاصة، نظراً لقطف ثمار الحملات الأمنية الاستباقية التي شملت معظم أحياء مكةالمكرمة والتي تقطنها العمالة والحجاج المخالفون لنظام الإقامة والعمل والحج والعمرة والزيارة. الجهة الشمالية من منى وتحديداً منطقة المجازر كانت هي الأخرى في حالة استنفار تام لاستكمال الدفعات الأخيرة من مواشي الحج من الأضاحي والهدي، مع تواجد ألاف العمال من الجزارين والبيطريين والعمال لأخذ مواقعه في المجازر العملاقة. وبدت مواقع العمل الطويلة مثل مشاريع بناء الأبراج السكنية تجمع بقايا معدات البناء والتشييد، لتهيئة المواقع المجاورة لها امام حركة الحجاج وفرق الخدمات الأرضية. وتؤكد الملامح الأولية ومؤشرات الأداء العام على أن حج هذا العام أظهر نجاحات مسبقة، محورها رفع العبء عن المرافق الخدمية، بصد منافذ المخالفين والمتحايلين لأداء الحج بدون تصريح. ملمح أخير ظهر ل"الرياض" اتحاد وائتلاف كل السعوديين من كل مناطق المملكة في صورة وطنية تفيض بالانتماء والفخر والاعتزاز، لفتيان وشباب وكبار سن، اجتمعوا من كل انحاء بلاد الحرمين، ليقفوا وقفة رجل واحد في مواقف الشرف لخدمة ضيوف بيت الله الحرام. منشأة الجمرات مشروع ضخم ومفخرة سعودية