تقول الكاتبة والمؤرخة الإنجليزية فيوليت زوجة الكولونيل البريطاني ديكسون المفوض السياسي في الخليج ضمن كتابها أربعون عاما في الكويت بأنه في نهاية أكتوبر سنة 1943م وصل عدد الحجاج الإيرانيين المتجهين إلى مكةالمكرمة ثمانية آلاف حاج وصلوا عن طريق البر والبحر. وهذا العدد الكبير سبب مشكلة تبدو مستعصية الحل بسبب قلة وسائل النقل وضيق الوقت ووعورة الطرق وبعد المسافة (أكثر من 1700) كم. مرورا بالمنطقة الشرقية فكانوا بحكم العالقين والخيار الثاني أمامهم العودة إلى بلادهم لولا تدخل السعوديين الذين أرسلوا خمسين سيارة نقل كبيرة من الرياضومكةالمكرمة وقد أرسل هذه العربات بعض فاعلي خير وشركات النقل المحلية في الحجاز (بالتأكيد كانت بتوجيه من حكومة الملك عبدالعزيز غفر الله له).. كما وصلت قافلة من سيارات النقل من العراق أيضا وكان سائقوها قد هربوها من العراق عبر طرق وعرة وغير مطروقة وقد مكن أسطول النقل هذا حوالي خمسة آلاف حاج من استكمال طريقهم إلى مكة، أما الحجاج الذين وصلوا متأخرين فقد كان عليهم أن يدفعوا ثمنا باهظا وخياليا مقابل نقلهم إلى المدينة المقدسة، ولدفع نفقات انتقالهم ومصروفهم الشخصي كان الحجاج الإيرانيون يحضرون معهم سجاجيد يبيعونها بأثمان مرتفعة جدا في أسواق الكويت، وقد ارتفع ثمن السجاد تلك السنة ارتفاعا كبيرا حتى أن السجادة التي كانت تباع بنحو مئة إلى مئتي روبية وصل سعرها بين ثمان مئة إلى ألف روبية. تذكر بعد ذلك أن زوجها الكولونيل ديكسون ذهب ذات صباح لزيارة رئيس الأمن في دولة الكويت الشيخ عبدالله المبارك وبعد مناقشة آخر تطورات مشكلة الحجيج الإيرانيين الذين تعذر نقلهم لمكةالمكرمة مع قلة وسائل النقل حينذاك في الكويت وضيق الوقت فوجئ الكولونيل من الشيخ عبدالله بالقول: كولونيل ديكسون يجب أن آخذ سيارتك بثمنها حيث وصل إلى الكويت حجاج مهمون لتوهم وهم متأخرون جدا عن موعد الذهاب إلى مكةالمكرمة وليس هنالك من وسيلة لنقلهم في الكويت فكل وسائل النقل المتوفرة والقليلة ارتبطت مسبقا في رحلات حج وغادرت مبكرا.. هل تبيعها لي.. أطلب الثمن الذي تريده. في هذا الوقت احتار ديكسون كما تقول ولم يدري ما يقول وبعد دقيقة من التفكير أجاب قائلا إنه يجب أن يستشير زوجته «الكاتبة» حيث إن السيارة تخصها هي.. وقد وافق الشيخ عبدالله على ذلك بالطبع. وهنا تعرف الكاتبة بالسيارة وهي فورد (F8) مكشوفة تم شراؤها جديدة عام 1936 م موديل نفس السنة بمبلغ 3000 روبية وتساءلت لو بعناها كيف سنتبر أمرنا.. وهل ستعطينا شركة النفط العاملة في الكويت سيارة أخرى. وبينما كانوا يتناقشون الأمر وصل الشيخ عبدالله المبارك بنفسه إلى منزلهم ومعه شيك بملغ خمسة وأربعين ألف روبية، وقال يجب أن يحصل على السيارة وأبدى رغبته بأن يقودها بنفسه للخروج بها قالت الكاتبة بداية الأمر إنها تريد فك المرآة والساعة ولكن لم يكن بالإمكان نزعهما من السيارة في ذلك الوقت وذلك المكان ولم يجد هارولد ديكسون بدا من تركها تذهب ولكنه أصر على عدم قبول مثل هذا الثمن حيث كان عمر السيارة في ذلك الوقت سبعة أعوام وقال أرجو أن تغير هذا الشيك يا صاحب السعادة (من السياق يتبين أنه كان يرى أن المبلغ أكثر من القيمة الحقيقية للسيارة) واصطحب الشيخ ديكسون إلى البنك وهناك غير الشيك إلى 42 ألف روبية ما يعادل وقتها (3,360) جنيها إسترلينيا وهو مبلغ كبير. الحجاج يتاجرون ببيع السجاجيد حافلات نقل الحجاج