كعادة قيادتنا العظيمة تجنّد كل طاقاتها، وتسخّر كامل أجهزتها، في استنفار شامل واستعدادات متكاملة، لاستقبال هذا الحدث الإسلامي العظيم، شعيرة الحج، التي لا تتكرر إلا مرة واحدة كل عام في شهر ذي الحجة. وتأتي هذه الجهود تحت رعاية كريمة من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، -حفظهما الله-، حيث تقود وزارة الداخلية، برئاسة سمو الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، منظومة أمنية دقيقة ومتناغمة. كما يتولى سمو أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، وسمو نائبه الأمير سعود بن مشعل، الإشراف المباشر على تفاصيل الاستعدادات، إلى جانب العيون الساهرة من رجال الأمن الذين نذروا أنفسهم في خدمة الحجيج. وكم يعلم الجميع بأن دولتنا تسعد بخدمة الحجاج الكرام، وشعارها الدائم: حياكم الله في بلاد الحرمين، بلاد الأمن والإيمان، التي تفتح قلوبها وذراعيها لكم بقيادة حكيمة وشعب محبّ، يرى في خدمتكم شرفًا ومصدر اعتزاز. وغني عن القول والتأكيد أن الحج عبادة عظيمة، وفرصة نادرة في العمر، تستوجب منّا جميعًا إخلاص النية، ونقاء السلوك، والبعد عن كل ما قد يسيء إلى هذا الركن العظيم من أركان الإسلام. إن من المؤسف أن يحاول البعض تسييس هذه الشعيرة أو استغلالها في رفع شعارات لا تليق بجلال الموقف، وهذا مما يتنافى مع مقصد الحج كرحلة إيمانية خالصة، توحّد المسلمين على كلمة سواء، في لباس واحد ومكان واحد وزمان واحد، تجسيدًا للمساواة والتجرّد من زخرف الدنيا. الحج طهارة للروح، ومجال لترسيخ الإيمان، ومدرسة للأخلاق؛ فيه يتعلم المسلم الصبر، والتواضع، والإيثار. وما بعد أداء المناسك إلا ميلاد جديد؛ إذ يعود الحاج كما ولدته أمه، مغفورًا له، بإذن الله. كمواطن من هذا البلد الكريم أتمنى كمسلم أن كل الحجاج يلتزمون النظام، ويحترمون التعليمات التي وضعتها السلطات السعودية من أجل سلامتهم وتيسير مناسكهم، فقد سخّرت المملكة إمكانياتها الضخمة من بنية تحتية متطورة، وتوسعة للحرمين، وتيسير للتنقل بين المشاعر، ورعاية صحية مجانية شاملة، وإدارة متقدمة للحشود، كل ذلك في سبيل أن يؤدوا مناسكهم في طمأنينة ويُسر. وختامًا، لا يسعنا إلا أن نرفع أكفّ الضراعة لله، أن يتقبل منكم حجهم، وأن يعيدهم إلى أوطانهم سالمين غانمين، وأن يجزي هذه البلاد المباركة وقادتها خير الجزاء على ما يبذلونه من جهود جبارة في خدمة الإسلام والمسلمين، جيلاً بعد جيل.