انخفضت أسعار الذهب، اليوم الأربعاء، حيث أدى التفاؤل بشأن محادثات التجارة الأميركية الصينية المحتملة إلى إضعاف الطلب على أصول الملاذ الآمن، بينما استعد المستثمرون لقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية وتقلص احتمالات خفض أسعار الفائدة. انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 1.3 % ليصل إلى 3,383.88 دولارًا للأونصة. وكان المعدن قد ارتفع بنحو 3 % في الجلسة السابقة. وانخفضت العقود الآجلة للذهب الأميركي بنحو 1 % لتصل إلى 3,391.80 دولارًا. وقالت إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في تيستي لايف: "يبدو أن الذهب يتراجع وسط اتجاه واسع النطاق نحو المخاطرة في الأسواق، وهذا وضعٌ مواكبٌ للدورة الاقتصادية، وقد يعكس تفاؤلاً وسط مؤشرات على بدء الولاياتالمتحدة والصين مفاوضات تجارية حقيقية". سيلتقي وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت وكبير المفاوضين التجاريين جيميسون جرير بالمسؤول الاقتصادي الصيني الكبير هي ليفينغ في سويسرا نهاية هذا الأسبوع لإجراء محادثات. فرضت الدولتان رسوماً جمركية متبادلة الشهر الماضي، مما أشعل حرباً تجارية أججت المخاوف من ركود عالمي. يوم الثلاثاء، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه وكبار مسؤولي الإدارة سيراجعون صفقات التجارة المحتملة خلال الأسبوعين المقبلين لتحديد أيها سيقبلون. وستنصبّ أنظار السوق أيضاً على اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية حيث من المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة دون تغيير. وأضافت سبيفاك أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ستبقى غامضة للحفاظ على أكبر قدر ممكن من المرونة في محاولتها استشراف تداعيات هذه الحرب التجارية على النمو والتضخم. ويتوقع المتداولون تخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار 80 نقطة أساس هذا العام، بدءًا من يوليو. كما يُنتظر تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول للحصول على مؤشرات حول التوقيت المحتمل لتخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. ويزدهر الذهب، الذي يُنظر إليه تقليديًا على أنه وسيلة للتحوط من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. على الصعيد الجيوسياسي، أعلنت الهند أنها هاجمت باكستان مبكرًا في أعقاب هجوم مميت على سياح في كشمير الشهر الماضي. وأبلغت باكستان عن ثماني وفيات وقالت إنها ترد على الضربات الهندية. كما تراجعت أسعار المعادن النفيسة الأخرى أيضًا يوم الأربعاء، تحت ضغط من قوة الدولار. وانخفض سعر الفضة الفوري بنسبة 0.7 % إلى 33.01 دولارًا للأوقية، وانخفض البلاتين بنسبة 0.1% إلى 983.60 دولارًا، وخسر البلاديوم 0.7 % إلى 967.64 دولارًا. وجاء انخفاض أسعار الذهب في التعاملات الآسيوية يوم الأربعاء، مع الإعلان عن محادثات تجارية رسمية بين الولاياتالمتحدة والصين والتي عززت شهية المخاطرة وقلص تدفقات الملاذ الآمن، بينما ارتفع الدولار أيضًا قبل قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. شهد الذهب تدفقات قليلة كملاذ آمن حتى مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في آسيا مع تصعيد العمل العسكري بين الهندوباكستان. لكن يبدو أن هذا التصعيد لم يكن له تأثير يُذكر على معنويات المخاطرة في آسيا بشكل عام. حقق المعدن الأصفر بعض المكاسب هذا الأسبوع، حيث عاد إلى مستويات قياسية مرتفعة، حيث أدى عدم الوضوح بشأن الحرب التجارية بين الولاياتالمتحدة والصين إلى زيادة الطلب على الملاذ الآمن. لكن هذا الاتجاه تراجع يوم الأربعاء. وجاء انخفاض الذهب في ظل ارتفاع في الأصول عالية المخاطر، بعد أن أكدت الولاياتالمتحدة والصين أن مسؤولين رفيعي المستوى سيجتمعون لإجراء محادثات تجارية في سويسرا هذا الأسبوع. وأظهرت كل من الولاياتالمتحدة والصين اهتمامًا ضئيلًا بتهدئة التوترات، بعد أن فرضتا رسومًا جمركية تجارية تجاوزت 100 % على بعضهما البعض في أبريل. أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة من كلا البلدين أن حالة عدم اليقين المتعلقة بالتجارة بدأت تؤثر سلبًا على النمو. من بين المعادن الصناعية، انخفضت العقود الآجلة القياسية للنحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.9 % لتصل إلى 9,456.50 دولارًا للطن، بينما انخفضت العقود الآجلة الأميركية للنحاس بنسبة 0.9 % لتصل إلى 4.7135 دولارًا للرطل. استفادت عقود النحاس الآجلة من ارتفاع عروض الشراء، مع استعداد الأسواق لاختتام اجتماع الاحتياطي الفيدرالي. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير، في ظل تزايد حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية التجارية والنمو الاقتصادي. وسينصب التركيز أيضًا على تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي من المتوقع أن يُشير إلى تغييرات طفيفة في أسعار الفائدة على المدى القريب، على الرغم من دعوات الرئيس ترامب المتزايدة لخفضها. وقالت رانيا جول، كبير محللي الأسواق لدى منصة إكس اس دوت كوم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تواصل أسعار الذهب الحفاظ على استقرارها النسبي ومكاسبها المتواضعة وسط بيئة عالمية تزداد فيها عوامل عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، لتبقى فوق مستوى 2360 دولاراً للأونصة، وهو ما يعكس توازنًا دقيقًا بين الطلب على الملاذات الآمنة وضغوط الأسواق المالية. وإن هذا الاستقرار الهش ليس سوى انعكاس لتوقعات متأرجحة بشأن السياسات النقدية الأميركية والتطورات الجيوسياسية المتسارعة، التي تضع المستثمرين في موقع دفاعي بانتظار قرارات مفصلية قد تعيد رسم معالم المرحلة المقبلة. وما زالت التطورات الأخيرة في العلاقات التجارية بين الولاياتالمتحدة والصين، رغم كونها مشجعة، تفتقر للوضوح والاستقرار، خاصة في ظل مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتقلبة، التي تخلق حالة دائمة من الترقب والقلق في الأسواق. وفي المقابل، يُظهر الدولار الأميركي ضعفًا لافتًا في أدائه رغم بيانات اقتصادية أميركية جاءت أفضل من المتوقع، بما في ذلك ارتفاع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 51.6 نقطة، مما يعكس توسعًا في القطاع بعيدًا عن منطقة الانكماش. غير أن هذه البيانات لم تكن كافية لتعزيز الثقة الكاملة في المسار الاقتصادي الأميركي، لا سيما في ظل التهديدات التجارية المتزايدة من إدارة ترمب، مثل فرض رسوم جمركية بنسبة 100 % على المنتجات الثقافية الأجنبية. وهذا النوع من السياسات يؤثر سلباً على معنويات المستثمرين ويزيد من المخاوف بشأن الدخول في مرحلة تباطؤ اقتصادي جديد، وهو ما يبرر استمرار تدفقات رؤوس الأموال نحو الذهب كأداة تحوّط. ورغم هذه العوامل الداعمة، لا يبدو أن المستثمرين مستعدون للدفع بأسعار الذهب إلى مستويات أعلى بشكل كبير قبل وضوح الرؤية حول قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي. فاجتماع لجنة السوق المفتوحة، يشكل لحظة مفصلية، في ظل تراجع توقعات السوق بشأن خفض أسعار الفائدة في يونيو. ويتوقع ان رئيس الفيدرالي جيروم باول سيتبع سياسة حذرة، ساعيًا للموازنة بين السيطرة على التضخم وتفادي التسبب بركود اقتصادي، مما قد يُبقي السياسة النقدية عند مستوياتها الحالية لفترة أطول مما تأمله الأسواق. وهذا السيناريو يعزز من فرص استمرار حالة التماسك في أسعار الذهب، دون أن يدفعها بالضرورة إلى قفزات كبيرة في المدى القريب.