اختتمت المملكة مشاركتها في معرض بولونيا الدولي للكتاب 2025، التي قادتها هيئة الأدب والنشر والترجمة، خلال الفترة من 31 مارس إلى 3 أبريل الفائت، والذي أُقيم في مركز المعارض بولونيا فييري بمدينة بولونيا الإيطالية، وسط تفاعل دولي لافت مع الجناح السعودي، الذي حمل ملامح المشهد الثقافي السعودي المتجدد، وقدّمه برؤية تعكس النضج المتسارع لصناعة النشر والمحتوى في المملكة. وفي تصريح له، أكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، الدكتور عبد اللطيف الواصل، أن مشاركة المملكة في المعرض تمثّل محطة استراتيجية لتعزيز حضورها الثقافي عالميًا، وتوسيع فرص الشراكة والتبادل المعرفي بين الناشرين السعوديين ونظرائهم الدوليين. مضيفًا أن الهيئة تسعى من خلال هذه المشاركات إلى دعم حركة النشر والترجمة، والتعريف بالإنتاج الفكري المحلي، وتقديم المملكة بصورة تليق بإرثها الثقافي ومخزونها المعرفي. وضم جناح المملكة عددًا من الكيانات الثقافية المشاركة، منها مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ومكتبة الملك فهد الوطنية، وجمعية النشر، حيث قدمت الجهات المشاركة عروضًا معرفية وإصدارات متنوعة تعكس الحراك الأدبي والفكري المتنامي في المملكة، بالإضافة إلى فعاليات تفاعلية ولقاءات مهنية مع الناشرين وصنّاع المحتوى من مختلف دول العالم. وتأتي مشاركة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في إطار جهوده لتعزيز حضور اللغة العربية دوليًّا، والتعريف بمشروعاته ومبادراته التي تسهم في دعم المحتوى العربي في المجالات الثقافية والأكاديمية. ويهدف المجمع من هذه المشاركة إلى استعراض إصداراته الحديثة، وإبراز جهوده في تطوير المحتوى اللغوي والمعرفي، وتسليط الضوء على مشروعاته في التخطيط والسياسة اللغوية، والحوسبة اللغوية، والبرامج التعليمية، والثقافية، إلى جانب توسيع شراكاته مع المؤسسات الثقافية والأكاديمية الدولية. وأوضح الأمين العام للمجمع، الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي، أن مشاركة المجمع في هذا المعرض تندرج ضمن إستراتيجيته لتعزيز انتشار اللغة العربية، وتقديم محتوى علمي ومعرفي يخدم المختصين والمهتمين بها، مشيرًا إلى أن المعرض يمثل فرصةً لعرض مشروعات المجمع التي تسهم في تطوير آليات التعليم والتخطيط اللغوي، وتعزيز الدراسات اللغوية الحديثة. وأكد حرص المجمع على المشاركة في الفعاليات الدولية؛ بهدف تعزيز حضور اللغة العربية وتوسيع نطاق انتشارها عالميًا. وشملت مشاركة المجمع عرض محتوى رقمي ومطبوع يُبرز أحدث الإصدارات العلمية والدراسات اللغوية، إلى جانب تقديم المكتبة الرقمية التي توفر للباحثين والأكاديميين مصادر متخصصة تدعم الدراسات العربية، وتدعم توسيع شراكات المجمع مع الجهات المهتمة بتطوير المحتوى العربي ودراساته. وتأتي هذه المشاركة في إطار التوجه الإستراتيجي للمجمع نحو تحقيق المرجعية العالمية للغة العربية، وتعزيز مكانتها في المشهد التعليمي والثقافي الدولي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وبرنامج تنمية القدرات البشرية، من خلال دعم المبادرات التي تسهم في نشر اللغة العربية وتحسين أدوات تعليمها وفق أفضل الممارسات العالمية. وضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة، نظم الجناح السعودي ندوة حوارية بعنوان «تعليم التفكير الفلسفي في السعودية»، قدّمتها مودة الحميد، وتناولت فيها أهمية تعليم الفلسفة بوصفه خطوة جادة نحو تنمية قدرات الإنسان على التعامل مع الأسئلة الكبرى في الحياة، وفهم العالم من حوله بعمق ووعي، إلى جانب ما يتيحه هذا النهج من تعزيز للقدرة على التفكير التحليلي، واتخاذ قرارات مدروسة في مواجهة التحديات المتسارعة للعصر. وخلال الندوة، تعرّف الحضور على نقاط التقاطع بين التجربتين السعودية والإيطالية في تعليم التفكير الفلسفي، خاصة فيما يتصل بتكامل الفلسفة في السياقين الثقافي والتربوي، وما يحمله هذا التقارب من فرص للتعاون وتبادل الخبرات. وقد لاقت الندوة اهتمامًا وتفاعلًا كبيرًا من الزوار، وفتحت المجال لنقاش ثري حول مستقبل الفلسفة في التعليم، والدور الذي يمكن أن تؤديه في تشكيل وعي معرفي راسخ لدى الأفراد. ويُعد معرض بولونيا الدولي للكتاب من أهم المنصات العالمية المتخصصة في النشر وأدب الطفل، ويجمع سنويًا ناشرين ومؤلفين ووكلاء أدبيين ومهنيين ثقافيين من أكثر من 90 دولة، ما يجعله فرصة استراتيجية لتعزيز الحضور الثقافي السعودي على المستوى الدولي، والتأكيد على دوره في بناء جسور من الحوار والتبادل المعرفي مع العالم.