افتتاح متنزه الطائف الوطني وإطلاق 12 كائنًا فطريًّا وتدشين مبادرات تشجير وتنمية بيئية    حسن علام القابضة وتلال العقارية توقّعان اتفاقية مع الوطنية للإسكان لتطوير مجتمع سكني متكامل في الرياض    السعودية تواصل جسرها الإغاثي للشعب الفلسطيني بوصول الطائرة ال 73 للعريش    (50) يومًا على انطلاق كأس آسيا تحت (23) عامًا "2026 السعودية"    ولي العهد يغادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة عمل رسمية    الأمن العام يحث ضيوف الرحمن على الالتزام بعدم الصلاة في صحن المطاف حفاظًا على انسيابية الحركة    د. عبداللطيف آل الشيخ " توظيف 60 ألف منجز تاريخي للوزارة يتوج حجم الدعم من خادم الحرمين الشريفين والمتابعة الحثيثة من سمو ولي العهد    قمم الذكاء الاصطناعي بالرياض.. وجهة صنّاع القرار وكبرى شركات التقنية في العالم    بلدية مركز قوز الجعافرة تقدّم حزمة من الخدمات استعدادًا لموسم شتاء جازان    التخصصي يعيد بناء شريان أورطي بطُعم بيولوجي مشتق من غشاء قلب البقر    سوق الأسهم السعودية يغلق متراجعا بشكل طفيف    أمير المنطقة الشرقية يرعى انطلاق مؤتمر ومعرض التوحد الدولي الثاني    آباء تعقد ورشة تطويرية بعنوان "مواردنا الماليّة واقع يتحسّن" بمشاركة مجلس الإدارة ومنسوبي الجمعية    جمعية التنمية الأهلية بأبها تُطلق نادي "ملهمات" بنسخته الخامسة للفتيات لتعزيز مهارات التسويق والإبداع.    إعلان الرياض: خارطة طريق نحو مستقبل سياحي مستدام    رئيس جامعة أمِّ القُرى يحضر حفل افتتاح المؤتمر السَّادس للشَّبكة العربيَّة لضمان الجودة    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج 372 متدربًا من برامج البورد السعودي وعدد من الدبلومات الصحية والطبية غدًا    نائب أمير الشرقية يفتتح الملتقى الرابع لجمعية أفلاذ لتنمية الطفل    لاعب جديد يخرج من حسابات منتخب السعودية    دوري روشن يُهدد بقاء ديانج في الأهلي المصري    مواجهة مرتقبة في الأحساء.. الصفا يرفع شعار العودة أمام هجر في الجولة الثامنة    الهيئة العامة للمعارض والمؤتمرات تكشف عن نموٍّ قياسي في البنية التحتية لفعاليات الأعمال بالمملكة    أمير منطقة الرياض يطَّلع على التقرير السنوي لأعمال الغرفة التجارية بالرياض    عدد من القيادات الحكومية يقدمون التعازي باستشهاد العمور    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الحج والعمرة    محافظ مرات يقف على استعدادات موسم الشتاء السادس    اليابان ترسل مبعوثا إلى الصين لتهدئة الخلاف بين البلدين    مقتل 3 وإصابة 10 في هجوم صاروخي روسي على خاركيف    منصة "إكس" تطلق نظام "Chat" الجديد    الباحة تعزز إنتاج البن واللوز والدواجن    قبيل زيارة محمد بن سلمان التاريخية للولايات المتحدة.. ترمب: ولي العهد الحليف الأقوى لواشنطن    سرقة مجوهرات في فرنسا ب 1,2 مليون دولار    شاب ينهي حياة أسرته ويوثق جريمته على فيسبوك    «الصحة» تستدعي طبيباً ظهر إعلامياً بتصريحات مخالفة    «زاتكا» تُحبط تهريب «الإمفيتامين» و«الشبو»    تدهور أوضاع النازحين بشكل حاد.. غارات جوية إسرائيلية تستهدف خان يونس    يغير اسمه سنوياً للتهرب من نفقة طفله    في حدثٍ تاريخي يقام للمرة الأولى في المملكة.. 26 نوفمبر.. انطلاق الجولة الختامية من بطولة العالم للراليات    في ملتقى نظمه مركز الملك عبدالعزيز.. نائب وزير الخارجية: المملكة تدعم الجهود الأممية لترسيخ الحوار    «طال عمره».. مسرحية سعودية بموسم الرياض    كلمات وموسيقي    فيصل بن مشعل: جامعة القصيم رافد معرفي تنموي    14 ألف مستفيد من برنامج «تحصين وأمان» بمكة    ثلاثي روشن يقودون البرتغال لمونديال 2026    نجم مان سيتي يصدم غوارديولا بتفضيله الدراسة على الكرة    التسامح.. سكينة تزهر في القلب وتشرق على الملامح    التعاون مع رجال الأمن في الحرم ضرورة    "الشؤون الإسلامية" تفتتح دورة علمية في المالديف    الغرامة بانتظار مخالف الرعي بمنطقة محظورة    مختصون يحذرون من خطر مقاومة المضادات الحيوية    أمير الشمالية يطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري    جامعة الإمام عبدالرحمن تعزز الوعي بداء السكري    تجمع الرياض الأول يستعرض منجزاته في رعاية وسلامة المرضى    أمير القصيم يرعى حفل تخريج حفظة كتاب الله بمحافظة الرس    رئاسة أمن الدولة وجامعة القصيم تحتفيان بتخريج الدفعة الأولى من طلبة الماجستير بسجن المباحث العامة ببريدة    هل يرضخ عسكر السودان للمفاوضات    تركي بن طلال حين تتوج الإنسانية بجائزة عالمية    هنأت ملك بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده.. القيادة تعزي رئيس العراق في وفاة شقيقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحِرَف اليدويّة بين أيدي المُترجمين

ما مِن أمةٍ إلا ولها تاريخٌ وإرثٌ تعتزُّ به، تتناقله بين أجيالها؛ هكذا هي الجزيرة العربية، تتوارثُ إرثًا قلَّ نظيره، بل يندرُ مثيله؛ لمناخها وبيئتها التي جعلت منها التفرّد، رغمَ شظف العيش فيها. فإذا ما علمنا أنّ مناخها صحراويّ، شديد الحرارة صيفًا، بارد شتاءً، يتطلب أدوات العيش والتعايش مع ذلك المناخ؛ أدركنا أنّ إنسان الجزيرة العربية كان عليه أن يُكيّف نفسه مع مناخه، فصنعَ أدوات عيشه بيده، من كساءٍ وغذاءٍ ومسكنٍ وملبس، وصنعَ ذلك من بيئته، فنسجَ خيمته (بيت الشعر) وكذلك ملبسه وكساءه، وصنعَ قربة مائه، واتخذ من جلود الإبل والغنم المادة الأساسية لذلك كله، قال تعالى (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ) (سورة النحل، الآية 80). واستغلّ ما ببيئته من مواد خام لصنع مستلزماته؛ فصنعَ حذاءه وما يقيه برودة الشتاء وحرارة الصيف، وصنع أبواب منازله وأدوات صيده وقنصه. واتخذ من النخيل مادةً أساسيّة لأسقف مساكنه، وأوانيه وسُفر طعامه. ولمزيد تكيّفٍ مع بيئته القاسية؛ جفف اللحم فجعله قديدًا، وجفف اللبن فجعله إقطا؛ لتبقيا لمُددٍ طويلة.
وأصبحت تلكم الحرف مُتناقلة من جيلٍ لآخر، إلى جيلنا الحاضر الذي يتمتع بحضارة وازدهار، بفضلِ الله ثم بفضل حكومةٍ رشيدةٍ طوّعت تلكم البيئة فأصبحت بيئة خضراء مُزدهرة، يأتيها رزقها من كل مكان. ومع ذلك كلّه؛ اهتمت حكومتنا بهذه الحرف؛ امتدادًا لتاريخها وتمسكًا بتراثها؛ فأُقيمت لأجلها المهرجانات والمعارض، ومنه "معرض المملكة بين الأمس واليوم"؛ الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- إبان توليه أمارة منطقة الرياض؛ حيثُ احتضنَ المعرض جناحًا للتراث الشعبيّ وآخرًا للصحراء، وأقيمَ بعددٍ من الدول لتعريف المجتمع العالميّ بهذا التراث الذي يُفاخَر به. ومن اعتزاز المملكة بإرثها؛ حَرُصَ ملوكها -رحم الله ميّتهم وحفظ حيّهم- على استقبال القادة في بيت الشَعر المُحاط بتصاميم السدو، وها هو ولي عهد المملكة العربية السعودية رئيس مجلس وزرائها صاحب السمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- يؤصّل ذلك. ومن ذلك الاهتمام أيضًا أن اعتمد مجلس الوزراء العام الماضي 2024 عامًا للإبل، لنشر إرثه ومدلولاته، واتخذ من هذا العام 2025 عامًا للحرف اليدوية. واُعتمِدَت موروثاتنا من الحرف اليدوية في قائمة اليونسكو؛ حيث اُعتمدَ فن القَط العسيري (فن تزيين جدران منازل منطقة عسير) في قائمة التراث الثقافيّ غير الماديّ في العام 2017، وفن حياكة السدو في العام 2020م. وذلك كله وفقًا لرؤيتنا الوطنية 2030 التي جاء فيها بأننا "سنستمر بإحياء التراث الوطنيّ؛ بوصفه شاهدًا حيًا على إرثنا العريق".
وأُلِّفَ في الحرف اليدوية العديد من الكتب التي أصبحت مراجعَ في ذلك، ومنها كتاب (الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية)؛ الذي شارك في تأليفه 45 مؤلّفًا؛ بإشراف الدكتور سعد الصويان؛ حيث ضمّ الكتاب بين جنباته المصنوعات الحجرية والفخارية، والخشبية، والخوصية، والمعدنية، والأسلحة، والملابس، والحليّ، والعطور، والمنسوجات، والسدو، والجلود، والسُبح. كما ألف الأستاذ أحمد الوشمي كتاب (الحِرَف والصناعات التقليدية في المملكة العربية السعودية)، وأعدَّ الأستاذ سعد بن جنيدل (معجم التراث في الأطعمة وآنيتها)، وكان من مؤلفات معالي الشيخ محمد العبودي (معجم الملابس في المأثور الشعبي). كما كانَ للمستشرقين جهودٌ في توثيق تراثنا؛ إلا أنّهم نقلوه نقلاً مشوهًا؛ لافتقادهم مَلَكات اللغة العربية، وقلة فهمهم لذلك التراث.
ومن هُنا؛ فإنَّ علينا كمترجمين أن نعيَّ متطلبات ومسوّغات ترجمة ذلكم الموروث وتلكم الحِرَف؛ ونتشرب الألفاظ بمنطوقها ومدلولها، وننقلها كما هي بمُسمياتها؛ حتى تصبح كلمات مألوفة لدى اللغاتِ المُترجَم إليها. وليتخذ المترجمون منظمة الأمم المتّحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) أسوةً؛ حيث اعتمدت موروثاتنا (من السَدو والقّط العسيري وغيرهما) بمسمياتها العربية في قائمة اليونسكو للتراث غير الماديّ؛ فلنسلك هذا المسار ببقية موروثاتنا من خلال ترجماتنا، ولنترجم ما توثّقه تلكم الكتب والأبحاث والدراسات من حرفنا وأدواتها؛ ومنها (الجصّة) وهي حجيرة يُكنز فيها التمر؛ فيُحوّل بعد ضغطه إلى كنيز، و(الرَّحى) الذي يُعد من أشهر الأدوات الحجرية وأكثرها استخدامًا لطحن المواد الغذائية في مختلف مناطق المملكة، و(المعمول) الذي يُعد من أشهر العطور المركبة التي تُصنع بالمملكة. ولنقدّم قصص تلكم الحِرَف في أدبٍ مترجم، ولنترجم الأفلام الوثائقية التي عُملت حولها. وما تَزامُن عام الحِرَف اليدوية مع العام الثقافيّ السعوديّ الصينيّ 2025، إلا حافزٌ لتُخصيص مشاريع الترجمة في الجامعات السعودية -لاسيما ببرامج اللغة الصينية- لنقل ثقافة حِرفنا اليدوية إلى تلكم اللغة، وكذلك بقية اللغات. إنّ الحرف اليدوية، إرثٌ وحضارة، صُنعت بأيدي الآباء والأجداد، فلتنقلها أيادي الأحفاد إلى الثقافات الأخُر، بأسلوبٍ أصيل، ومنهجٍ أنيق، كأناقة سدوها، ورونق دلتها، وحُسن تقديمِ قهوتها ولذّة مأكولاتها، وعطر بخورها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.