العالم يتابع سلسلة ملاحم تحولية مذهلة تقودها بلادنا بصناعة الطاقة يتابع العالم سلسلة ملاحم تحولية مذهلة تعيشها المملكة العربية السعودية في أعظم نهضة أسطورية تاريخية شملت كافة مناحي الحياة، ولا سيما في إدارة شؤون صناعة الطاقة وتحولاتها الشاهقة في هذا العهد الزاهر الفريد لعاهل البلاد المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -يحفظه الله- الذي يقود البلاد لأزهى العصور، في وقت تحولت فيه المملكة من كونها أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم، لتصبح البلد الأقوى نضجاً في صناعة وتصدير الطاقة المتكاملة في العالم بما فيها الأحفورية قليلة الانبعاثات الكربونية، إلى جانب ريادة صناعة الطاقة المتجددة والنظيفة والخضراء، لتعزز المملكة مكانتها وثقلها المؤثر على الاقتصاد العالمي ودورها في صياغة نظام اقتصادي عالمي يحقق نموًا اقتصادياً عالمياً متوازناً ومستداماً وبما يحافظ على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية، وأصبحت المملكة اليوم الدولة التي لديها النمو الأسرع في العالم، ولديها المشاريع الأكثر طموحاً في كل القطاعات، وبالتالي فهي الأسرع في كلّ قطاعات العالم الذي اعتبر أن أعظم قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين، هي المملكة العربية السعودية، وهي قصة القرن. صدى عالمي وكان لقطاع الطاقة في المملكة العربية السعودية صداً عالمياً مدوياً من قوة مفاهيم السياسة السعودية البترولية الحكيمة في هذا العصر الاستثنائي من تاريخ المملكة في صناعة الطاقة العالمية الذي يشهد تحقيق أكبر المعجزات بنجاح المملكة الباهر في اقناع العالم بإن التكنولوجيا الحديثة هي التي تحدد ملامح قوة مستقبل النفط وديمومته، وان اهتماماتها تتجاوز مجرد الإنتاج والتصدير لتصل لشغف الابتكار، وأنه وبقدر سعيها لاستكشاف مزيد من الثروات النفطية والغازية التي حباها الله، وهو بنفس القدر من الاهتمام باستكشاف التقنيات التي تجعل منه وقوداً أخضر متداولاً لكافة شعوب العالم، في إشارة إلى عمق الرؤية السعودية المتفائلة لمستقبل الطاقة وأنه وبمقدورها تحقيق المعجزات في أفضل استخدامات الطاقة بالعمل الدولي المشترك المنظم الذي تحكمه المصلحة العامة واقتصادات الدول كافة. ونوه العالم بالنجاحات والانتصارات الأخيرة لسوق الطاقة العالمي التي قادتها المملكة ببراعة واحترافية في وقت تدفع السعودية طموح العالم في انتقال الطاقة لآفاق رحبة من الشراكة السعودية التكنولوجية المعززة بقدرات هائلة من إنتاج الطاقة النظيفة والوقود الأخضر بعد أن ذاع صيت المملكة بتحولها لقوة هيدروجينية وابتكارية لمصادر الطاقة الأقل انبعاثات، ونجحت المملكة بتلمس سبل تعزيز إعادة الاستقرار لأسواق النفط وسوق الطاقة العالمي إجمالاً والذي تمثل المملكة قلبه النابض، ومدى الاحترافية التي أظهرتها المملكة من قدراتها الاستثنائية في جمع كلمة العالم وتوحيد الرؤى فيما يتعلق بمشاريع التحول للطاقة النظيفة. وجاءت مصادقة وزراء النفط في مجموعة العشرين على مبادرة المملكة للاقتصاد الدائري للكربون تأكيداً لما تعيشه البلاد من مراحل أقوى نضجاً وازدهاراً في صناعة الطاقة في أكبر معترك تكنولوجي تشهده صناعة النفط في العالم، من جهود سعودية استثنائية لجعل النفط المصدر الآمن الموثوق الأكثر مواءمة واستدامة للبيئة. والمملكة سباقة كونها أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم لتصبح سوقاً للطاقة المتكاملة النظيفة من كافة مصادرها المتجددة وهي نابعة من حسن السياسة النفطية الدولية اللافتة المتطورة للبلاد في كافة شؤون النفط سواء من حيث موثوقية الإمدادات وقدرتها على إنتاج أفضل أنواع النفط الخام قليل الكثافة الكربونية. ولم تكتف بذلك بل يحركها إيمانها من أن النفط سلعة دولية وجدت لتبقى بفضل الاكتشافات التكنولوجية وهي تسعى لتعظيم هكذا استثمار مفيد معزز للاقتصاد العالمي واستقراره، وهي لم تغفل متطلبات التنمية النظيفة بل هي من يعمل على تشريع القوانين والأنظمة المعززة للبيئة. وبحسب وحدة أبحاث منصة الطاقة ومقرها واشنطن، أثبتت السعودية في السنوات الأخيرة أنها ما زالت المؤثر الأكبر في إدارة سوق الطاقة العالمي وتنظيم إمدادات النفط، إذ إنها لم تغيّر إنتاجها بكميات كبيرة فحسب، وإنما قادت تحالف أوبك+ إلى بر الأمان بعد أن كادت الأمواج العاتية تطيح به، كما أنها أعادت تركيز بوصلة أوبك وحلفائها، إذ يُغيَّر المعروض بما يتلاءم مع الطلب في كل الأوقات، ويُخفض الاعتماد على النفط مصدرًا للدخل. الطاقة المتجددة والهيدروجين في عهد الملك سلمان أثبتت المملكة ريادتها العالمية في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين وزيادة كفاءة الطاقة، وسط جهود مكافحة التغيّر المناخي، وتُعَدّ السعودية هي أكبر منتج للنفط بين أعضاء أوبك، وأكبر دولة مصدّرة للخام في العالم، ورغم أنها ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولاياتالمتحدة -متفوقة على روسيا- فإن لديها أكبر طاقة لإنتاج النفط الخام عالميًا، أو بعبارة أخرى، إذا قررت السعودية أن تنتج بكامل طاقتها الإنتاجية فإنها ستكون أكبر منتج للنفط في العالم. وبغض النظر عن ترتيب المملكة في الإنتاج والتصدير، إلا أنها الأكثر تأثيرًا في أسواق النفط العالمية، فهي الدولة الوحيدة التي تستطيع تغيير إنتاجها صعودًا أو هبوطًا بكميات كبيرة، وتساعدها في ذلك سياستها النفطية التي تقضي بتوافر طاقة إنتاجية فائضة لا تقل عن مليوني برميل يوميًا لاستعمالها في وقت الطوارئ. فضلًا عن ذلك؛ فإن التغيّرات الأخيرة -فيما يتعلّق بتحول الطاقة وجهود خفض الانبعاثات- تثبت ريادة المملكة في قطاع الطاقة عمومًا وليس النفط فقط، وسط مشروعات ضخمة للهيدروجين والطاقة الشمسية، ضمن الأكبر في العالم. وتمتلك السعودية ثاني أكبر احتياطيات مؤكدة من النفط في العالم بعد فنزويلا، إذ بلغت 267.2 مليار برميل بنهاية عام 2023، دون تغيير تقريبًا عن عام 2022، وفق بيانات منظمة أوبك وأويل آند غاز جورنال. وتمتلك المملكة العربية السعودية ما يقرب من 17 % من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وفق المعلومات المنشورة على موقع أوبك. وكانت احتياطيات السعودية ثابتة لمدة طويلة من الزمن عند مستوى قريب من 265 مليار برميل، رغم الإنتاج الضخم، وذلك بسبب سياسة أرامكو التي تقتضي التعويض فقط عما أُنتج سنويًا، في محاولة لترشيد الإنفاق الرأسمالي، وهذه الفكرة مهمة لأن ثبات الاحتياطيات في السعودية مرتبط بسياسة الاستثمار، ولا علاقة له بموضوع نضوب النفط. وبلغ إنتاج النفط الخام في السعودية 9.6 ملايين برميل يوميًا خلال عام 2023، انخفاضًا من 10.53 مليون برميل يوميًا في 2022، بالتزامن مع التخفيضات الطوعية، التي تنفّذها المملكة بالتعاون مع تحالف أوبك+. وفي يناير 2024، سجل إنتاج النفط السعودي 8.96 مليون برميل يوميًا، مقابل 8.94 مليون برميل يوميًا خلال الشهر السابق له، واستمر حول هذه المستويات (بين 8.9 مليونًا و9 ملايين برميل يوميًا) خلال الأشهر التالية من 2024، إذ بلغ 8.98 مليون برميل يوميًا في أغسطس/آب 2024، وفق أحدث بيانات أوبك. وتأتي مستويات الإنتاج هذه مع الخفض الطوعي السعودي؛ إذ شهد شهر مايو 2023، بدء التخفيضات الطوعية من جانب المملكة بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، ضمن 9 دول أخرى من تحالف أوبك+، بإجمالي 1.6 مليون برميل يوميًا، قبل أن تُمدد حتى نهاية 2025. وإلى جانب هذا الخفض، بدأت المملكة منذ يوليو 2023 تخفيضات طوعية إضافية قدرها مليون برميل يوميًا، قبل أن تكون في إطار خفض طوعي ل8 دول من تحالف أوبك+، بإجمالي 2.193 مليون برميل يوميًا، بداية من يناير 2024 ومستمرة حتى نهاية نوفمبر 2024، على أن تعود هذه الكميات تدريجيًا إلى السوق بداية من ديسمبر 2024، مع إمكان إيقاف هذه الزيادة أو عكسها، وفقًا لظروف السوق. وهذه التخفيضات الطوعية تأتي فضلًا عن انخراط المملكة في اتفاقية تحالف أوبك+ لخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022 حتى نهاية 2025. الأمان لأسواق النفط وقادت السعودية سوق النفط إلى برّ الأمان خلال جائحة كورونا، ثم بعدها الحرب الروسية الأوكرانية، التي دفعت الأسعار لمستويات تاريخية، كما تواصل جهودها حاليًا لدعم الأسواق عبر التخفيضات الطوعية، وبالعودة إلى اتفاق التحالف خلال الوباء، استمرت السعودية في قيادة الدول الأعضاء في منظمة أوبك في خفض الإمدادات خلال 2020، كما أقرت تنفيذ الخفض الطوعي لإمدادات النفط بنحو مليون برميل يوميًا في شهري فبراير ومارس 2021، قبل أن تمدّد هذا القرار حتى أبريل، وتنهيه في الأشهر الثلاثة التالية. وفي شهر يناير 2021، زاد الإنتاج السعودي من الخام، لكنه انخفض بصورة حادة -930 ألف برميل يوميًا- في فبراير، ليتراجع من 9.077 إلى 8.126 مليون برميل يوميًا، وهو ما يتزامن مع قرار الخفض الطوعي الذي نفذّته الرياض، قبل العودة إلى مستويات فوق 9 ملايين برميل يوميًا خلال يوليو 2021، واستمر في الصعود حتى تجاوز حاجز 10 ملايين برميل يوميًا أوائل 2022. وتزامن ذلك مع سياسة تحالف أوبك+ للتخلص التدريجي من التخفيضات القياسية خلال الوباء، مع تعافي أسعار الخام، وهو ما حدث بنهاية أغسطس/آب 2022، ثم التحالف لرفع الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل يوميًا في سبتمبر، قبل أن يقرر خفضه بالكمية نفسها خلال أكتوبر 2022. ومع عودة أسعار النفط للارتفاع القوي جراء التعافي من الوباء، اتفق تحالف أوبك+ على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا بدءًا من نوفمبر 2022، وحتى نهاية 2023، قبل أن يقرر تمديد الخفض لنهاية 2024 ثم لنهاية 2025. وفي السياق نفسه، بلغ إنتاج السعودية من النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية 11.34 مليون برميل يوميًا عام 2023، انخفاضًا من 12.12 مليون برميل يوميًا عام 2022، وفق أحدث بيانات معهد الطاقة. وفي نهاية يناير 2024، أعلنت أرامكو تلقّيها توجيهًا من وزارة الطاقة السعودية بالمحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل يوميًا، وذلك بعدما كانت تستهدف زيادتها بمقدار مليون برميل يوميًا بحلول عام 2027. وبلغ استهلاك السعودية من النفط 4.04 مليون برميل يوميًا عام 2023، وفق أحدث بيانات معهد الطاقة، مرتفعًا من 3.85 مليون برميل يوميًا العام السابق له، كما يوضح الرسم البياني أدناه، الذي يرصد الاستهلاك منذ عام 1965 وحتى 2023: ويشار إلى أن هذه البيانات سالفة الذكر وغيرها من تقديرات الشركات والمؤسسات العالمية لا تُفرّق بين "الطلب" و"الاستهلاك"؛ فالأرقام المذكورة هي طلب السعودية على النفط، لكن استهلاكها المحلي أقلّ من ذلك بكثير، كونها تقوم بتكرير النفط وتُصدر كميات كبيرة من المنتجات النفطية، كما تستعمل بعض السوائل في صناعة البتروكيماويات العملاقة، التي تُصدر منتجاتها إلى الخارج، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على استهلاك الغاز الطبيعي. وفي صادرات النفط، ووفق أحدث البيانات الشهرية لدى وحدة أبحاث الطاقة، بلغت صادرات السعودية من النفط الخام المنقول بحرًا 5.56 مليون برميل يوميًا خلال أغسطس 2024، مقابل 5.57 مليونًا في الشهر السابق له. وكان أعلى مستوى مسجل للصادرات السعودية من الخام خلال 2024 هو 6.38 مليون برميل يوميًا في مارس 2024، في حين كان أقلّ مستوى 5.19 مليونًا خلال يونيو الماضي، الذي شهد زيادة الطلب المحلي في المملكة، تزامنًا مع موسم الحج. وبحسب أرقام أوبك السنوية، بلغت صادرات السعودية من النفط الخام والمنتجات النفطية 7.9 مليون برميل يوميًا (6.5 مليونًا من النفط الخام) في 2023، مقارنة مع 8.8 مليونًا عام 2022، تزامنًا مع التخفيضات الطوعية للإنتاج. ويمثّل قطاع النفط والغاز ما يقرب من 50 % من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية -التي يبلغ عدد سكانها قرب 33 مليون نسمة-، كما يُشكّل هذا القطاع نحو 67 % من عوائد الصادرات بنهاية 2023. وتُجدر الإشارة إلى أن المملكة حققت عوائد إجمالية قدرها 442.5 مليار دولار من صادراتها عام 2022، من بينها 326.28 مليار دولار من قطاع النفط فقط. وبعد الانخفاض الكبير في إمدادات الخام وأسعار النفط خلال 2020، صعدت الإيرادات بصورة كبيرة خلال عامي 2021 و2022؛ بسبب ارتفاع الأسعار والإنتاج معًا. وفي عام 2023، تراجعت إيرادات السعودية من صادرات النفط بنسبة 24 %، لتصل إلى 248.26 مليار دولار، مع هبوط أسعار الخام وانخفاض الصادرات والإنتاج بسبب التخفيضات الطوعية. وفي النصف الأول من 2024، انخفضت إيرادات صادرات السعودية من النفط بنحو 5.4 %، لتصل إلى 118.5 مليار دولار، مقارنة مع 125.3 مليار دولار في المدّة نفسها من 2023. وبحسب إفصاح الاكتتاب الخاص بالطرح العام الأولي لأسهم أرامكو، فإن متوسط تكلفة إنتاج برميل النفط الواحد في السعودية يُقدّر بنحو 2.8 دولار، لتكون التكلفة الأقل في العالم. وفي أداء الاقتصاد، وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، توسّع اقتصاد السعودية بنحو 7.5 % خلال عام 2022، ليكون الأسرع نموًا من بين اقتصادات مجموعة ال20، مع الإصلاحات الشاملة الداعمة للأعمال التجارية والارتفاع الحاد في أسعار النفط وتعافي الطاقة الإنتاجية من الركود الناجم عن الوباء في عام 2020. وأشار معهد التمويل الدولي، في تقرير لعام 2021، إلى أن تأثير وباء كورونا في اقتصاد السعودية كان محدودًا، بسبب إسهام قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي. وأدت استجابة السياسة القوية من جانب حكومة السعودية إلى وضع المملكة في مسار أفضل بالنسبة إلى التعافي الاقتصادي. وفي 2023، تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى انكماش الناتج المحلي السعودي بنحو 0.8 %، لكنه يتوقع نمو بنسبة 2.6 % خلال عام 2024. وترجع تقديرات أداء الاقتصاد السعودي إلى التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط، التي تجريها المملكة للحفاظ على توازن السوق.وفي الاقتصاد الدائري للكربون، وخلال رئاستها اجتماعات دول مجموعة ال20 عام 2021، أطلقت السعودية مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون، لتكون أول من يتبنى هذا النوع من الاقتصاد، بهدف خفض الانبعاثات الكربونية. وترى السعودية أن الاقتصاد القائم على تدوير الكربون هو إطار فعّال؛ لتشجيع خفض مستوى الانبعاثات على مستوى العالم، ودعم جهود تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي. أثبتت المملكة ريادتها العالمية في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين وزيادة كفاءة الطاقة السعودية المؤثر الأكبر في إدارة سوق الطاقة العالمي وتنظيم إمدادات النفط