لا يمكن لأي باحث أو مهتم في علم الاجتماع أن يتخطى تجربة الدكتور سعد عبد الله الصويان الثرية في تعزيز الدراسات الأنثروبولوجية، بإصداراتٍ ومقالاتٍ علمية باللغتين العربية والإنجليزية، جعلت منه اسماً مهماً في هذا المجال النادر بالجامعات العربية. هذا التفرد العلمي توّج الدكتور الصويان ب «جائزة شخصية العام الثقافية» ضمن مبادرة «الجوائز الثقافية الوطنية» لعام 2024م، والتي تحظى برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله -، وتنظمها سنوياً وزارة الثقافة للاحتفاء بإنجازات وإسهامات وإنتاجات الأدباء والمثقفين والفنانين. الأكاديمي الصويان المولود عام 1944م بعنيزة، حصل على شهادة البكالوريوس في الاجتماع ودرجة الماجستير في الأنثروبولوجيا من جامعة شمال إلينوي في الولاياتالمتحدة، ونال درجة الدكتوراة في الأنثروبولوجيا والفلكلور والدراسات الشرقية من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، ليعمل خلال مسيرته الأكاديمية على العديد من المشاريع المهمة، مثل المشروع الوثائقي عن الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، من سيرتِهِ وفترةِ حكمه في الوثائق الأجنبية، والذي صدر عن دار الدائرة للنشر والتوثيق في 20 مجلداً ضخماً يقع كلٌّ منها في حدود 700 صفحة تحتوي على ملخصاتٍ عربية وافيةٍ لما لا يقل عن 50 ألف وثيقةٍ جُلبت أصولُها من الأرشيفات البريطانية والفرنسية والأميركية، وكلها تتعلق بفترة حكم الملك عبد العزيز، بالإضافة إلى جمع الشعر النبطي من مصادره الشفهية بتمويلٍ من مركز البحوث بكلية الآداب في جامعة الملك سعود، والذي تم فيه تسجيلُ مئات الساعات من مقابلاتٍ شفهية مع المُسنّين من رُواة البادية، وجمْعُ كلِّ ما يتعلق بحياة البادية من أشعارٍ وقصص وأنساب ووسوم وديارٍ ومواردَ ومعلوماتٍ إثنوغرافية وتاريخٍ شفهي، كما شارك الصويان كمشرفٍ علمي ورئيسٍ لهيئة تحرير المشروع الوثائقي للثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية الذي صدر عن دار الدائرة للنشر والتوثيق في 12 مجلداً، يقع كلٌّ منها في حدود 500 صفحة، ويتناول كل مجلدٍ منها جانباً من جوانب الثقافة التقليدية من الطب الشعبي والعطارة إلى الألعاب الشعبية إلى العمارة التقليدية إلى الفلاحة وحتى الحرف اليدوية. وللصويان جهودٌ كبيرة في جمع الكم الضخم من المراجع في موادِّه العلمية، ليرفد المكتبة العربية بإصداراتٍ تحولت لأهم المصادر التي تتناول علمَ الإنسان وسلوكَه، منها عددٌ من الكتب المنشورة في تأريخ وفهرسة الشعر النبطي والمأثورات الشفهيّة إلى جانب الكثير من الرسائل العلمية والمقالات، منها: «جمع المأثورات الشفهية»، و»حداء الخيل»، و»الشعر النبطي: ذائقة الشعب وسلطة النص»، و»فهرست الشعر النبطي»، و»أطروحات إثنولوجية»، و»الصحراء العربية: ثقافتها وشعرها عبر العصور، قراءة أنثروبولوجية». ومن أهم كتبه «ملحمة التطور البشري» الصادر عام 2013م ويقع في 1100 صفحة، تُوِّجَ على إثره بجائزة الشيخ زايد للكتاب عام 2014م، والذي قال الصويان عنه إن فكرته بدأت معه منذ ما يقارب ثلاثين عاماً، ليتحول بعدها لخارطة طريق تلقي الضوء على تضاريس هذا العلم ونقاط التّماسّ بينه وبين العلوم الأخرى، فيما كتب إهداءً على ظهر غلافه للأجيال القادمة والتي ستأتي ولديها الجرأة على طرح الأسئلة ومواجهة الإجابات الصعبة. وعلى الرغم من تَوَجُّهِ الكثير من العلماء في الآونة الأخيرة لاختزال كتاباتهم وجعلها أشبه بالملخصات، إلا أن الصويان ركز على إشباع كتابه بتواريخ الجنس البشري والأمم، بهدف رفد المكتبة العربية التي تفتقر لهذا المجال وبهذه الشمولية، حيث توزعت مواضيع الكتاب في ستة فصول بدءاً من نشوء الحياة وتَشكُّل الأرض، مروراً بالنسَقِ الاقتصادي والديني، والتطور البيولوجي، والتكيف الإيكولوجي والديموغرافي، والنسق اللغوي، والبناء الاجتماعي. من مؤلفات د. سعد الصويان