في أعقاب الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، عاد الجدل إلى الواجهة حول مستقبل برنامج طهران النووي. وبينما وصفت الضربة بأنها استباقية وناجحة جزئيًا في تعطيل بعض حلقات الإنتاج، يحذّر خبراء من أن النتائج قد تكون عكسية، بتسريع إيران لخطواتها نحو التسلح النووي بدلًا من كبحها. 11 ألف جهاز طرد مركزي ووفقًا للدكتور يسري أبو شادي، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق، فقد تدمّر القسم السطحي من منشأة نطنز النووية بالكامل نتيجة الغارات الإسرائيلية، ما تسبب بتسرب إشعاعي محدود. إلا أن المنشأة الرئيسية، الواقعة على عمق 80 مترًا تحت الأرض، والتي تضم أكثر من 11 ألف جهاز طرد مركزي نشط، ظلت سليمة تمامًا. هذه المنشأة هي المركز الفعلي لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 %، ما يعني أن القدرة التقنية لإيران لم تُستأصل بالكامل. فوردو الحصن العميق وفي عمق جبال الغرانيت، وعلى عمق يتجاوز 100 متر، تقع منشأة فوردو المحصنة، التي لم تُستهدف في الضربة الأخيرة. ويعد موقعها الجيولوجي أحد أكبر تحديات أي هجوم عسكري، ما يترك لإيران هامشًا إستراتيجيًا للاستمرار بالتخصيب بعيدًا عن متناول الضربات المباشرة. أصفهان الشلل التقني والضربة الموجعة وجّهت لمنشآت التحويل في أصفهان، المسؤولة عن تحويل «الكعكة الصفراء» إلى غاز سداسي فلوريد اليورانيوم، وهو المادة الأولية لعملية التخصيب. ووفق أبو شادي، فإن تدمير هذه المنشآت قد شلّ قدرة إيران على إنتاج وقود جديد، لتبقى العمليات النووية رهينة للمخزون السابق فقط. بوشهر: الامتناع عن الكارثة ولم تُستهدف محطة بوشهر النووية، المخصصة لإنتاج الطاقة، ما يعكس تجنبًا مقصودًا لكارثة بيئية قد تتجاوز حدود إيران إلى منطقة الخليج بأكملها، في مشهد يذكّر بتداعيات تشرنوبيل. مخزون قابل للتسليح ورغم الضربات، تبقى التهديدات قائمة في شكل مخزون نووي كبير يشمل: • نحو 500 كجم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 %، تكفي لإنتاج 10 قنابل نووية إذا تم رفع التخصيب إلى 90 %. • أكثر من 10 أطنان من اليورانيوم منخفض التخصيب. • ما يقارب 200 ألف جهاز طرد مركزي معطّل حاليًا لغياب الوقود. بين الردع والتسريع ويحذّر مراقبون من أن تكون إسرائيل عبر ضربتها الأخيرة قد حققت عكس هدفها. فبدلًا من تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل، قد تكون قد حفزت طهران على اتخاذ قرار إستراتيجي بالمضي قدمًا نحو التسلح النووي الكامل، في واحدة من أخطر التحولات في توازنات المنطقة. • 11.000 جهاز طرد مركزي ما زال يعمل في نطنز • 500 كغم يورانيوم مخصب بنسبة 60 % • 200.000 جهاز طرد مركزي معطّلة بسبب فقدان الوقود • منشآت أصفهان التحويلية مدمرة بالكامل • فوردو لم تُستهدف وتقع في عمق جبل • إعادة بناء منشآت التحويل قد تستغرق سنوات يطرح الدكتور أبو شادي ثلاثة سيناريوهات رئيسية لمستقبل البرنامج النووي الإيراني: 1. برنامج سري: قد تطرد إيران المفتشين الدوليين وتخزن المواد في مواقع غير معلنة، كما فعلت كوريا الشمالية، ما يسرّع من قدرتها على إنتاج السلاح النووي. 2. ضربة استباقية مزدوجة: إذا تأكدت واشنطن وتل أبيب من نية طهران تطوير قنبلة نووية، قد تنفذان هجومًا واسعًا جديدًا يستهدف العمق الإيراني. 3. الانسحاب من «إن بي تي»: إذا انسحبت إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، فإن ذلك قد يشكل إعلانًا رسميًا بتحررها من القيود الدولية وانطلاق مرحلة جديدة من التسلح المفتوح.